تجمع مئات الحفاظ والحافظات للقرآن الكريم
منذ مطلع فجر اليوم الثلاثاء في مسجد الشافعي في قطاع
غزة لسرد القرآن الكريم على جلسة
واحدة، في حدث تصدره غزة المحاصرة للعام الـ17 على التوالي.
ويشارك 1471 من أبناء الشعب الفلسطيني في
قطاع غزة في سرد القرآن الكريم على جلسة واحدة تمتد من بعد صلاة الفجر حتى قرابة صلاة
المغرب، ويشارك في إدارة مشروع "
صفوة الحفاظ 2" العديد من المؤسسات المختصة
بالقرآن والتعليمية، هي: وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ودار القرآن الكريم والسنة، ودار
الإتقان لتعليم القرآن، وجمعية الشابات المسلمات، وجمعية الصحابة لتحفيظ القرآن الكريم
والعلوم الشرعية، وجمعية دار الكتاب والسنة، وجمعية اقرأ الخيرية.
وفي وصف مشروع "صفوة الحفّاظ 2"
جاء على صفحة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بغزة، أنه "يومٌ قرآني خاص بحفظة
القرآن المتقنين، يسمعون فيه كتاب الله عز وجل كاملا غيبا على جلسة واحدة، يتعاهدون
كتاب الله ويثبتونه في صدورهم خشية التفلت، ويظهرون فيه للعالم صورة غزة المباركة،
وينقلون هذه التجربة إلى الدنيا بأسرها، لتعزيز ثقافة إتقان القرآن وتعاهده وتثبيته
محليًا وعالميا".
"جيل النصر والتحرير"
وعن أهداف هذا المشروع وتطلعاته، أوضح وكيل
وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بغزة، عبد الهادي الآغا، أن هناك "ثورة قرآنية
في قطاع غزة، و"صفوة الحفاظ" لكي نحمل أنفسنا وأولادنا وبناتنا إلى الصراط
المستقيم الموصل أولا إلى رضوان الله، ثم الموصل إلى عزتنا وكرامتنا بتحرير أرضنا،
حيث أوضح القرآن في حديثه عن الصراع مع بني إسرائيل، أن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم".
وأكد في تصريح خاص لـ"عربي21"
أن "القرآن هو أقصر الطرق الموصلة إلى بوابات المسجد الأقصى المبارك، فالاشتغال
به وتربية النشء عليه، يساهم في إعداد الجيل الذي يترشح للنصر والتحرير".
ورأى الآغا، أن "تربية الأجيال المختلفة
على مائدة القرآن، هم بذلك يتأهلون لاستحقاق نصرة ربنا عز وجل، وتأييده أيضا، ومثل هذه
المشاريع تقربنا أكثر من المسجد الأقصى، وأيضا تقصر من دورة الحياة للاحتلال المغتصب
لأرضنا، وهي أيضا الطريق لوحدتنا وقوة تماسك جبهتنا الداخلية ومجتمعنا".
ونبه إلى أن مثل هذه المشاريع القرآنية، تساهم
في "تحصين المجتمع الفلسطيني من الاستهداف من مختلف الأعداء وخاصة من استهداف
الاحتلال، وتكون تلك الأجيال محصنة من كافة أشكال الإغراء والإغواء والإفساد"،
منوها إلى أن هناك "الكثير من الدعوات الهدامة التي تستهدف هذا الجيل، لذا يأتي مثل
هذا المشروع الذي هو خاتمة لمشاريع كثيرة، ويتم سرد القرآن على جلسة واحدة".
واعتبر وكيل وزارة الأوقاف أن "الحافظ
المؤكد لكتاب الله، هو من يستطيع أن يسرد القرآن على جلسة واحدة، بدأنا العام الماضي
بـ 581، واليوم يتضاعف العدد ليصل إلى 1471 سارد على جلسة وحدة، والمتأهلون للجولة
القادمة في العام المقبل، سيكونون أضعاف هذا العدد".
"لوحة فريدة مباركة"
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة مشروع
"صفوة الحفاظ" والمدير العام لدار القرآن الكريم والسنة، الدكتور بلال عماد:
"هذا يوم قرآني مبارك، هو يوم الحصاد والصفوة المباركة، يجتمع فيه 1471 حافظا
وحافظة لكتاب الله تعالى في العديد من المساجد بمدينة غزة، يسردون القرآن غيبا على
جلسة واحدة من بعد صلاة الفجر وحتى ما قبل صلاة المغرب".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21" أن
"فئات المجتمع المختلفة تشارك في هذا المشروع، حيث يشارك أصغر حافظ وعمره 8 أعوام
(الحافظ أحمد رمضان الشيخ عمر من سكان حي النصر بغزة) وأكبر حافظ وعمره 72 عاما، و26
من ذوي الإرادة، بعضهم كف بصره لكن الله تعالى أنار بصيرته بكتاب الله تعالى، و35 من
قوى الأمن، و163 معلما ومعلمة، و90 طبيبا وغيرهم من المهن الطبية".
وأضاف عماد: "هذه لوحة مباركة ترسم
اليوم، نقدم هذا النموذج الفريد الإبداعي في حفظ وإتقان كتاب الله تعالى، وذلك عملا
بوصية النبي محمد صلى الله علـيه وسلم، وذلك بأن نتعاهد القرآن خشية أن يتفلت"،
مضيفا أن "هذه تجربة قرآنية مميزة، وهي مقام رفيع أن يصل الحافظ والحافظة لأن يسمّع
كتاب الله على جلسة واحدة، علما بأن هذا الأمر يسبقه جهد كبير ووقت طويل بصحبة القرآن
الكريم، يصل أحيانا إلى 10 سنوات من الحفظ والمراجعة".
ونوه إلى أن "غزة تقدم هذا النموذج الفريد
المميز والصورة البهية لكل أبناء أمتنا في إتقان حفظ كتاب الله تعالى، ونسعى للتأثير
على غير الحافظين للاجتهاد في الحفظ، ونقول لهم إن القرآن سهل ويسير، وهذا هدف عظيم،
كما أننا بهذا المشروع نزاحم أهل الباطل ونظهر وجه غزة القرآني المبارك".
وأعرب رئيس مجلس إدارة مشروع "صفوة
الحفاظ"، عن أمله في أن يساهم هذا المشروع في رفعة الأمة، وتحقيق الفرج لشعبنا الفلسطيني
وأمتنا وإزالة الحصار، وليكون هؤلاء الحفاظ هم أيقونة النور والفرج لأمتنا والتحرير
لوطننا".
جدير بالذكر، أن هذا الحدث القرآني الذي
تشهده غزة اليوم، يأتي في وقت تصاعدت فيه انتهاكات حرمة كتاب الله، وتصاعد جرائم المس
به وحرقه في العديد من الدول الأجنبية، ما تسبب في حالة غضب شعبي في العديد من الدول
العربية والإسلامية.
يذكر أن أحد المشاركين أصيب بوعكة صحية أثناء التسميع اضطرته للذهاب للمستشفى، لكنه أصر على إكمال سرد القرآن وهو على السرير في المستشفى.