نشرت صحيفة ''جيوبوليتيك'' الفرنسية مقالًا، تتحدث فيه عن السلاح الجديد
لروسيا الذي قد يكون الأكثر رعبًا في العالم، وهو الجوع، حيث أعلن الكرملين خروجه
نهائيًّا من
اتفاق الحبوب الذي كان يسمح لأوكرانيا بتغذية جزء من العالم، وقد تكون
النتائج كارثية، بحسب الصحيفة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الشائعات
كانت مستمرة لبضعة أسابيع، وربما بضعة أشهر، حيث كانت
روسيا تسعى للتخلص من مبادرة
ممر الحبوب في البحر الأسود، وهي اتفاقية تم توقيعها في يوليو/ تموز 2022 مع
أوكرانيا تحت إشراف الأمم المتحدة وتركيا، والتي كان يمكن لكييف بموجبها تصدير
إنتاجها الهائل من الحبوب عبر ممر بحري آمن. ومن جهة أخرى، كانت موسكو تشتكي خصوصًا
من عدم التكافؤ الكامل في الاتفاق، وعدم قدرتها على تصدير منتجاتها الخاصة.
ومع انتهاء المفاوضات في 17 يوليو/ تموز، كان انفجار جسر القرم أخيرا هو
الذي وضع حدا لهذا الاتفاق البالغ الأهمية للعالم، حيث أعلنت موسكو انسحابها
بطريقة "نهائية" من هذا الاتفاق.
وذكرت الصحيفة أن روسيا تقوم بتحويل الجوع في العالم إلى سلاح، ففي العام
الماضي عندما بدأت مبادرة الحبوب في البحر الأسود، ارتفعت أسعار الحبوب في العالم
بنسبة 20 بالمئة، لذلك ستكون النتيجة الفورية لعدم تجديد الاتفاق هو تضخم جديد في
أسعار هذه الحبوب في العالم، وهذا سيؤثر على الناس في المناطق الضعيفة مثل آسيا وأفريقيا.
ومن جهة أخرى، وجه وزير الخارجية
الأمريكي ''أنتوني بلينكين'' بالفعل تهمة تحويل الجوع أو التضخم إلى السلاح. كما ذكرت إذاعة صوت أمريكا، وما لاحظته ''سي.إن.إن''، ووفقًا لأرقام الاتحاد
الأوروبي، فإن أوكرانيا تمثل 10 بالمئة من سوق القمح العالمي، و15 بالمئة من
سوق الذرة، و13 بالمئة من سوق الشعير، وهي أحد المساهمين الرئيسيين في برنامج
الأغذية العالمي (WFP).
وأفادت الصحيفة أنه بالرغم من التحديات اللوجستية والاقتصادية، فقد تم
تنظيم إعادة توجيه جزئي لتدفقات الحبوب عبر القارة الأوروبية، بما في ذلك بولندا
على وجه الخصوص، إلا أن موانئ البحر الأسود ومرور مضيق البسفور يظلان أمرًا
أساسيًّا لكي تصل المنتجات الأوكرانية إلى بقية العالم في الوقت المناسب.
وبينت أن قطع وصول الحبوب الأوكرانية وتعريض السفن المحملة بها في البحر
الأسود لخطر الحرب سيكون له آثار مباشرة، وهو ما يعني أن بعض البلدان المعرضة
للمجاعة قد تتدهور أوضاعها بشكل دائم، وستتعدد الأزمات والاضطرابات السياسية، وقد
تمتد هذه التأثيرات حتى للدول التي يفترض أنها محمية من هذه المتغيرات الغذائية.
وبحسب الصحيفة، ففي عام 2022، هناك 47 مليون شخصً كانوا معرضين
لـ"خطر غذائي حاد" بسبب اندلاع حرب الغزو الروسية في أوكرانيا.
وأشارت إلى أن البعض قد يتشاءم للغاية، ويتحدث عن خطر التصعيد إلى مواجهة
مسلحة مباشرة مع دول أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وفقًا لتقرير نيوزويك.
ووفقًا للأدميرال الأمريكي المتقاعد جيمس ستافريديس، الذي شغل مناصب عالية جدًا
داخل التحالف الأطلسي، قد يتعين على الدول الغربية أن تقرر مرافقة السفن الأوكرانية
بنفسها خارج البحر الأسود.
وقالت إنها في هذه الحالة، ستجد نفسها عند مقربة مباشرة من سفن
روسية يمكن أن يكون سلوكها عدائيًا أو مهددًا، وهذا ما يشبه سابقاً ما حدث في
سوريا، كما يوضح موقع "الهافنغتون بوست"، يقوم طيارو الكرملين بمضايقة
طائرات البنتاغون عن كثب، وهذا ما يسبب حوادث خطيرة باستمرار.
ولفتت الصحيفة إلى أنه من المحتمل أن تقوم سفن حلف شمال
الأطلسي "الناتو" بمرافقة قوافل إنسانية من الحبوب والأسمدة، انطلاقاً من موانئ
أوكرانية مثل أوديسا. وعندما يحدث ذلك، ستتورط هذه السفن الحربية في مواجهة مباشرة
مع البحرية، وقد تكون النتائج غير متوقعة وخطيرة جداً، ولكن هذا هو ما يجب فعله.