أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان الجمعة تعزيز انتشار قوات الأمن في كلّ أنحاء البلاد وتعبئة 45 ألفاً من عناصر الشرطة والدرك تحسّباً لليلة رابعة من أعمال الشغب احتجاجاً على مقتل شاب برصاص شرطي خلال عملية تدقيق مروري، في الوقت الذي تدرس فيه الحكومة فرض حالة الطوارئ لوقف
الاحتجاجات.
وفي إطار سعيها لاحتواء الشغب والتخريب، سمحت الحكومة الفرنسية للدرك بإنزال عربات مصفّحة إلى الشوارع، من دون أن تذهب إلى إعلان حالة الطوارئ إلى حدود مساء الجمعة.
وذكرت وسائل إعلام فرنسية بناءً على معلومات من وزارة الداخلية أن عدد الموقوفين خلال الاحتجاجات التي اندلعت مساء الخميس بلغ ألف شخصً.
وطلبت
فرنسا من جميع السلطات المحلية وقف حركة وسائل النقل العام في وقت مبكر من مساء الجمعة في محاولة يائسة لاستعادة النظام بعد أن أضرم مثيرو الشغب النار في عدد من المباني والسيارات.
وتواصلت مساء الخميس في نانتير المناوشات بين الشرطة والمحتجين في التظاهرة التي خرجت ظهر الأمس تأبينا لذكرى الشاب.
وبحسب الصحف الفرنسية، أطلق المحتجون مفرقعات نارية على مخفر للشرطة في المنطقة 12 بالعاصمة باريس.
واندلع العنف في مرسيليا وليون وباو وتولوز وليل و12 منطقة تابعة للعاصمة باريس، ومنها نانتير التي تسكنها الطبقة العاملة حيث قُتل الشاب نائل م. (17 عاما)، وهو من أصل جزائري-مغربي، برصاص الشرطة الثلاثاء.
كما شهدت ضاحية أوبارفيلييه بباريس إحراق 12 حافلة، فيما أقدم آخرون على سرقة مخفر للشرطة بمدينة ريمس.
وفي مدينة ليل، تعرض قسم من مبنى بلدية منطقة وازيمس للاحتراق، فضلًا عن إضرام النار في مركز استعلامات في ضاحية روبيه بالمدينة.
وقالت شركة سوليديو المسؤولة عن أعمال البنية التحتية لأولمبياد باريس 2024، الجمعة، إن واجهة مركز تدريبات الألعاب المائية تعرضت لأضرار بسيطة خلال أعمال الشغب التي اجتاحت البلاد الليلة الماضية.
والجمعة، قالت الحكومة الفرنسية إنها ستدرس "كل الخيارات" لاستعادة النظام بعدما تصاعدت الاضطرابات على مستوى البلاد وتخللها أسوأ أحداث شغب.
وصرحت السلطات بأن المئات من رجال الشرطة أصيبوا واعتُقل المئات خلال اشتباكات بين مثيري الشغب ورجال الشرطة في بلدات ومدن بأنحاء فرنسا تخللها إضرام النيران في مبان ومركبات ونهب متاجر.
وكتب وزير الداخلية جيرالد دارمانان على "تويتر" أن وزارته نشرت 40 ألف شرطي في محاولة لإخماد الاضطرابات التي وقعت لليلة الثالثة على التوالي.
وذكرت السلطات أن 249 شرطيا على مستوى البلاد أصيبوا في الاشتباكات. وقال دارمانان إن مثيري الشغب هاجموا 79 قسم شرطة و119 مبنى حكوميا، من بينها 34 دار بلدية و28 مدرسة.
وأذكت وفاة الشاب البالغ من العمر 17 عاما شكاوى قديمة بأن الشرطة تمارس العنف والعنصرية الممنهجة داخل أجهزة إنفاذ القانون وهي شكاوى ترددها جماعات حقوق الإنسان ويتردد صداها أيضا في الضواحي التي يقطنها أصحاب الدخل المنخفض والأعراق المختلطة حول المدن الكبرى في فرنسا.
وشدد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على أهمية أن تكون التجمعات سلمية، ودعا السلطات الفرنسية إلى ضمان أن يكون استخدام الشرطة للقوة وفقا لمبادئ الشرعية والضرورة والتناسب وعدم التمييز والحيطة والمساءلة.
وقالت رافينا شامداساني المتحدثة باسم المكتب إن "هذه فرصة للبلاد لتعالج بجدية المشكلات العميقة المتعلقة بالعنصرية والتمييز العنصري في إنفاذ القانون".
في المقابل، اعتبرت فرنسا أن اتهام المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة شرطتها بأنها تعاني مشاكل عنصرية وتمييزا عنصريا "لا أساس له من الصحة".
وقالت الخارجية الفرنسية في بيان إن "أي اتهام لقوات الشرطة في فرنسا بالعنصرية أو التمييز المنهجي لا أساس له من الصحة".
وشددت الوزارة على أن "الفحص الدوري الشامل الأخير الذي خضعت له بلادنا مكننا من إثبات ذلك"، مضيفة أن "فرنسا وقوات إنفاذ القانون التابعة لها تكافح العنصرية وجميع أشكال التمييز بحزم. ولا مجال للتشكيك في هذا الالتزام".
ويخضع رجل الشرطة، الذي قال الادعاء العام إنه اعترف بإطلاق رصاصة قاتلة على الشاب القاصر لتحقيق رسمي بتهمة القتل العمد وهو محبوس احتياطيا الآن.
وقال محاميه لوران فرانك لينار لقناة (بي.إف.إم) التلفزيونية إن موكله صوب على ساق السائق لكنه ارتطم بشيء ما مما جعله يصوب النار على صدر الشاب. وأردف قائلا: "من الواضح أن (رجل الشرطة) لم يرغب في قتل السائق".
ونصحت بعض الحكومات الغربية مواطنيها في فرنسا أمس الخميس بتوخي الحذر، حيث قالت السفارة الأمريكية في تغريدة على تويتر إن على الأمريكيين "تجنب التجمعات الحاشدة والمناطق التي تنتشر فيها الشرطة"، بينما حثت السلطات البريطانية مواطنيها على متابعة وسائل الإعلام وتجنب الاحتجاجات ومراجعة النصائح عند السفر.