تقدمت مجموعة "
فاغنر" العسكرية في الأراضي الروسية بشكل سريع على وقع
التمرد الذي يقوده مؤسس المجموعة يفغيني بريغوجن ضد الجيش الروسي، قبل أن يعلن إعادة مقاتليه إلى قواعدهم "حقنا للدماء".
ودعا يفغيني بريغوجن، في سلسة رسائل صوتية نشرها مكتبه، الشعب الروسي إلى حمل السلاح ضد الجيش، مهاجما وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، وقال إنه سيشنق في الميدان الأحمر وسيدفن في الضريح مع لينين، لافتا إلى أنه سيطر على مدينة في الجنوب وتوعد بالوصول إلى
موسكو.
وقال بريغوجن في المقطع المصور: "وصلنا إلى هنا ونريد لقاء رئيس هيئة الأركان العامة وشويغو... إذا لم يأتيا، سنكون هنا.. سنحاصر مدينة روستوف ونتجه إلى موسكو".
في المقابل، وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تصرفات "فاغنر" بأنها "طعنة في الظهر"، قائلا إن كافة المتورطين في محاولة "التمرد المسلح" سيعاقبون حتما.
وفي وقت لاحق، أعلن بريغوجن، في رسالة صوتية، إعادة مقاتليه إلى قواعدهم "حقنا للدماء"، فور اتصال هاتفي أجراه مع الرئيس البلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، بالتنسيق مع بوتين.
مدينة روستوف
ومن أول المدن التي سيطرت عليها فاغنر، قبل صدور قرار عودة قواتها إلى القواعد، هي روستوف ذات الأهمية الاستراتيجية لروسيا بالنظر لاستمرار الحرب في أوكرانيا، وهو ما دفع بوتين إلى اتخاذ "إجراءات حاسمة" لتحقيق الاستقرار فيها.
وروستوف هي أكبر مدينة في جنوب
روسيا، وعاصمة منطقة روستوف التي تجاور أجزاء من شرق أوكرانيا ويقطنها مليون شخص.
وتقع المدينة على نهر الدون، على بعد 60 ميلا من الحدود الأوكرانية، كما أنها موطن لقيادة المنطقة العسكرية الجنوبية الروسية، التي يقاتل جيش الأسلحة المشترك رقم 58 ضد هجوم كييف المضاد في جنوب أوكرانيا، وفقا لمعهد دراسات الحرب.
وتعتبر المدينة قريبة من الطريق السريع "M03"، القريب من مدينة سلوفنسك، حيث يربط كييف بخاركيف ويستمر حتى الحدود الروسية بالقرب من روستوف.
وتضم المدينة مركز قيادة مجموعة القوات الروسية المشتركة في أوكرانيا ككل، ومطارا يستخدم في العمليات العسكرية، ما يجعل منها مركزا لوجستيا حاسما للجيش الروسي، وهي تمثل أحد خطوط الإمداد للقوات الروسية المشاركة في حرب أوكرانيا.
مدينة فورونيج
ولاحقا، أعلنت فاغنر السيطرة على المنشآت العسكرية في فورونيج، وهي مدينة في جنوب غربي روسيا ضمن الكيان الفدرالي الروسي، عاصمة فورونيج أوبلاست، تبعد حوالي 500 كيلومتر عن موسكو، ويبلغ عدد سكانها حوالي مليون نسمة.
والمدينة ليست بعيدة عن الحدود الدولية مع أوكرانيا، ويعبرها نهر يحمل اسم فورونيج قبل اثني عشر كيلومترا من التقائه بنهر دون.
فضلا عن وجود ميناء نهري، فورونيج هي نقطة تقاطع سكك حديدية هامة على الخط موسكو - روستوف-نا-دونو - كييف، ومفرق طريق في نفس الاتجاه (موسكو—على روستوف دون)، وأخيراً بها مطار وجامعة فورنج، ومقر لشركة اليوشن لصناعة الطائرات.
وفي وقت لاحق من مساء السبت، أعلن رئيس مجموعة فاغنر الروسية العسكرية الخاصة المتمرد يفغيني بريغوجن أنه أمر مقاتليه، الذين كانوا يتقدمون صوب موسكو، بالعودة إلى قواعدهم لتجنب إراقة الدماء.
وأضاف بريغوجن أن مقاتلي المجموعة تقدموا إلى مسافة تبعد 200 كيلومتر من موسكو خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.
إجراءات مشددة
وفي مقابل تقدم قوات فاغنر، شددت السلطات الروسية الأمن في عدد من المناطق، بما في ذلك العاصمة موسكو، من أجل إحباط التمرد.
كانت هناك إجراءات أمنية مشددة خاصة في المناطق الواقعة بين مدينة روستوف أون دون الجنوبية.
وفي العاصمة، تم تعليق حركة المرور على نهر موسكو، وشوهد ضباط شرطة يرتدون سترات واقية من الرصاص ومعهم مدافع رشاشة بالقرب من مدخل الطريق السريع الرئيسي الذي يربط موسكو بفورونيج وروستوف أون دون.
كما أظهرت مقاطع مصورة قيام متطوعين روس وسلطات محلية بقطع طرق رئيسية، لإعاقة تقدم قوات "فاغنر" المتمردة باتجاه موسكو.
وأظهر أحد المقاطع، حفارات وهي تشق ما يبدو خندقاً في عرض طريق رئيسي.