قالت
صحيفة "
واشنطن بوست" إن أسعار
النفط زادت يوم الاثنين بأكثر من 1% بعد تعهد
السعودية خلال عطلة نهاية الأسبوع بخفض إنتاج الخام - وسط سلسلة من التحركات على المسرح
العالمي التي تعتمد على مساعي المملكة المستمرة لتأكيد نفوذها الدبلوماسي على المنطقة
وخارجها.
أعلنت
المملكة عن خفض طوعي لمليون برميل من النفط يوميا بدءا من الشهر المقبل واستضافت الرئيس
الفنزويلي نيكولاس مادورو، خصم الولايات المتحدة، في زيارة رسمية ومن المقرر أن ترحب
بعودة السفارة الإيرانية إلى الرياض، العاصمة السعودية، في خطوة كبيرة نحو تجديد العلاقات
مع طهران.
هذه
التحركات ليست مرتبطة بشكل مباشر، ولكنها تبنى على نمط أوسع من الجهود للنظر إلى ما
وراء واشنطن بينما تسعى الرياض إلى زيادة النشاط الدبلوماسي.
جاء
خفض إنتاج النفط في البلاد بنسبة 10% بعد إعلان منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)
وحلفائها أنها ستحافظ على أهداف الإنتاج طوال العام المقبل، لتمديد قرار نيسان/ أبريل
بخفض الإنتاج لمدة عام واحد، حتى نهاية عام 2024.
واتهمت
دول غربية، العام الماضي، أوبك والسعودية بالانحياز للمصالح الروسية. وقالت إدارة بايدن،
العام الماضي، إن الرياض "أرغمت" أعضاء أوبك الأصغر المنتجين للنفط على الاتفاق
على تخفيضات تعزز الإيرادات الروسية وتخفيف وطأة العقوبات.
وسرعان
ما انعكس تأثير قرار أوبك وحلفائها بقيادة روسيا، الذين يضخون بشكل جماعي نحو 40% من
النفط العالمي، على سعر النفط الخام. لكن قفزة مماثلة في الأسعار بعد قرار نيسان/ أبريل
تراجعت في النهاية مع تباطؤ الاقتصاد العالمي، مما قلل الطلب على النفط.
جاء
هذا الإعلان في الوقت الذي هبط فيه مادورو في مدينة جدة الساحلية السعودية، حيث يعمل
جزء كبير من الحكومة السعودية خلال أشهر الصيف. وكان في استقباله ولي العهد الأمير
محمد بن سلمان، الزعيم الفعلي للسعودية.
وصل
مادورو قبل يوم واحد من زيارة مقررة لبلينكين، الذي قال، الاثنين، إنه سيستغل رحلته
القادمة لتعزيز التطبيع بين السعودية وإسرائيل، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة.
مادورو
هو آخر أعداء الولايات المتحدة الذي يزور المملكة الغنية بالنفط: ففي أيار/ مايو، رحبت
السعودية بالرئيس السوري بشار الأسد، الذي أصبح منبوذا منذ عام 2011 بعد قمعه الوحشي
للمتظاهرين الذين احتجوا على حكمه.
كما
سافر وزير المالية الإيراني إلى الرياض الشهر الماضي، وهي أول زيارة رسمية إيرانية
منذ إعلان البلدين في آذار/ مارس عن اتفاق بوساطة
الصين لاستئناف العلاقات بعد انقطاع
دام سبع سنوات.
يوم
الاثنين، أعلنت إيران أنها ستعيد فتح سفارتها في السعودية يوم الثلاثاء. قبل يومين،
أعلن قائد البحرية الإيرانية عن خطط طهران لتشكيل تحالف بحري مع السعودية والإمارات
وست دول أخرى. ولم يتم نقل أي من النبأين من قبل وسائل الإعلام السعودية.
أحبطت
علاقات الرياض الدافئة مع إيران المسؤولين الإسرائيليين، الذين تقوضت جهودهم لعزل إيران
دبلوماسيا بسبب اتفاق آذار/ مارس. كما عززت السعودية مؤخرا تعاونها مع روسيا والصين،
حيث أعلنت الأسبوع الماضي أنها ستستضيف الدورة العاشرة من مؤتمر الأعمال العربي الصيني
الأسبوع المقبل، بعنوان "التعاون من أجل الرخاء".
قالت
كارين يونغ، الباحثة البارزة في مركز جامعة كولومبيا لسياسة الطاقة العالمية:
"أعتقد أن هذه هي السعودية التي قال محمد بن سلمان إنه سيخلقها، وفعلها بالفعل". تقوم السعودية "الجديدة والنشطة" بممارسة حقها في إدارة عدد من الملفات الإقليمية
والعالمية في وقت واحد.
وتابعت
يونغ: "إنهم نوعا ما يحددون الوتيرة. يبدو الأمر محموما بعض الشيء في بعض الأحيان،
لكن هذا ما يريدون أن يكونوا عليه، يريدون أن يكونوا هكذا، الطرف الذي يحدد الوتيرة".
وقالت
يونغ إنه في حين أن تخفيضات النفط تتناسب مع السياق الأوسع للطلب الباهت على النفط
مع تباطؤ الاقتصاد العالمي، فإن التحركات الدبلوماسية "تعزف على وتر انعدام الأمن
العام في المنطقة.. الأمريكيون حساسون للغاية عندما تقول دول الخليج [لأمريكا]: 'أنت
لست حاضرة، إنك تبتعدين'". إعلان إيران الصارخ حول التحالف البحري، رغم أنه ربما
يكون مخادعا، "يعزف على وتر حساسية الولايات المتحدة".
يُنظر
إلى السعودية على أنها تلعب دورا في عدم اليقين بشأن مستقبل موطئ قدم الولايات المتحدة
في الشرق الأوسط. لقد أصبح نهجها "السعودي أولا" مؤخرا بمثابة الأساس غير
المبرر لقرارات السياسة الخارجية. بعد المزاعم التي تم توجيهها العام الماضي ضد المملكة
بسبب التلاعب بسوق النفط والاصطفاف مع روسيا، خاصة قبل انتخابات التجديد النصفي للولايات
المتحدة، قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان: "ما زلت [أسمع]، هل أنت معنا أم ضدنا؟ هل هناك مجال لـنحن للسعودية ولشعب المملكة العربية السعودية".
ومع
ذلك، فإن ثقل السعودية كلاعب إقليمي وعالمي كفؤ يتم اختباره من قبل الفوضى الإقليمية
الأخرى، بما في ذلك الحرب في السودان، حيث تكثف التدخل السعودي، وأزمة مصر الاقتصادية
المتفاقمة.
قالت
يونغ: "الآن، السعودية هي الموجة التي يجب أن تركبها المنطقة".