ملفات وتقارير

ما تأثير فوز أردوغان على ملف اللاجئين والتطبيع مع النظام السوري؟

كانت تركيا والنظام السوري قد عقدا اجتماعين قبل الانتخابات التركية- الرئاسة التركية
حظي استبعاد تركيا عقد لقاء بين الرئيس رجب طيب أردوغان ورئيس النظام السوري بشار الأسد، باهتمام واسع، وذلك بالنظر إلى توقيته المتزامن مع حسم أردوغان الانتخابات التركية لصالحه.

وأدرجت مصادر تركية تحدثت لـ"عربي21" الإعلان التركي في إطار رفع سقف التفاوض من أنقرة، وتغيير نبرة خطابها من الهادئة واللينة إلى القوية بعد انتهاء الحسابات التركية التي كانت تدفع بالحكومة التركية إلى التقارب مع النظام السوري.

وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، قد أكد الاثنين، أنه لا موعد محددا لعقد لقاء بين الرئيس أردوغان ونظيره الأسد، مضيفاً أنه "لا يوجد خطط لعقد لقاء على المدى القريب، مع أن هذا اللقاء غير مستبعد"، علماً بأن "اللقاء يعتمد على الخطوات التي ستتخذها سوريا".

ويبدو بحسب المحلل السياسي التركي عبد الله سليمان أوغلو، أن فوز أردوغان يعني استكمال تركيا مسار التطبيع مع النظام السوري وهي أكثر قوة، بعد انتهاء الانتخابات.

ويضيف لـ"عربي21" أن "الأغلبية البرلمانية التي حصل عليها أردوغان وتحالفه، وحسم الانتخابات الرئاسية، يُعطيه القدرة على المناورة أكثر، بمواجهة النظام الذي انتهز المسألة الانتخابية التركية، من خلال عدم الانفتاح على المسار بالشكل المطلوب قبل معرفة نتائج الانتخابات".
 
 ويرى سليمان أوغلو أن مسار التطبيع بعد الانتخابات سيكون أكثر جدية، و"بذلك تبدو احتمالية توقف مسار التطبيع واردة، في ظل عدم استجابة النظام للمطالب التركية، وإصرار النظام على مطلب انسحاب القوات التركية من الشمال السوري".

وعلى النسق ذاته، يرى المحلل السياسي المقرب من حزب "العدالة والتنمية" يوسف كاتب أوغلو، في حديثه لـ"عربي21" أن تركيا تريد من مسار التطبيع مع النظام السوري ضمان أمنها القومي أولاً، وهذا المطلب يبدو خارج قرار النظام السوري، لأنها تتلقى الدعم من الولايات المتحدة الأمريكية.

ويقول كاتب أوغلو إن النظام لا يستطيع تحييد هذه المجموعات المدعومة من واشنطن (قسد)، مشدداً كذلك على عدم انسحاب القوات التركية من الشمال السوري، في ظل هذه الظروف، ما يعني أن "المسار لن يتقدم، أي إنه بين شد وجذب".

لكن، في المقابل يعتبر المتحدث باسم "المصالحة السورية" التابعة للنظام السوري، عمر رحمون، أن مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق الذي انطلق دون توقف، سيتأثر إيجاباً بنتيجة الانتخابات الرئاسية التركية، مرجعاًّ ذلك في حديثه لـ"عربي21" إلى "عدم ارتباط مسار التطبيع بالانتخابات، ولأن هذا المسار يمثل قرار الدول وليس الحكومات".

وأبعد من ذلك رجح رحمون عقد لقاء قريب بين أردوغان والأسد، قائلاً: "لا يخفى أن أردوغان هو من أبدى رغبته في التطبيع مع دمشق، وهذا المسار بدأ على المستوى الأمني وانتقل إلى الشق السياسي، وانضمت له إيران بعد ذلك، إلى جانب روسيا التي ترعاه".

وكانت تركيا والنظام السوري قد عقدا اجتماعين قبل الانتخابات التركية، الأول على مستوى وزراء الدفاع ورؤساء أجهزة الاستخبارات منتصف نيسان/ أبريل الماضي، والثاني على مستوى وزراء الخارجية في 10 أيار/ مايو الحالي.

هل تغير تركيا مقاربتها لملف اللجوء السوري؟
من جانب آخر تثار تساؤلات عن تغييرات قد تطرأ على المقاربة التركية لملف اللاجئين، وخاصة أن هذا الملف تصدر النقاشات التي سبقت الانتخابات، بعد أن تحول إلى ورقة انتخابية.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أكد عزمه على استكمال تنفيذ مخطط العودة "الطوعية" لمليون ونصف المليون لاجئ سوري إلى الشمال السوري، مؤكداً أن بعض الدول الخليجية (قطر، السعودية، الكويت) ستساهم في دعم ذلك.

ويقول عبد الله سليمان أوغلو، إن أردوغان وتحالفه "الجمهور" لم يتحدث عن إعادة "قسرية" للاجئين السوريين، بخلاف المعارضة، التي رفع مرشحها كمال كليتشدار أوغلو شعار "ترحيل اللاجئين السوريين فورا".

ويضيف أن التعاطي التركي مع ملف اللاجئين لن يختلف بعد فوز أردوغان، فأنقرة تخطط لبناء مدن تستوعب اللاجئين في الشمال السوري، وكذلك تفكر بالتفاوض مع النظام السوري لإعادة اللاجئين إلى مدنهم الخاضعة لسيطرته، مؤكداً أن "تركيا لن تعيد أي لاجئ ما لم تحقق له العودة الآمنة والطوعية".

أما يوسف كاتب أوغلو، فيؤكد أن تركيا معنية بالعودة "الطوعية" للاجئين السوريين، "لكن هذه العودة تبدو مرهونة بالحل السياسي"، مستبعداً في الوقت ذاته أن تعدل تركيا من القوانين التي تستضيف بموجبها نحو 3.5 مليون لاجئ سوري.

تقديرات أخرى، رجحت أن يتراجع الاهتمام السياسي والشعبي التركي بملف اللاجئين السوريين، بعد انتهاء الانتخابات، في ظل حالة شبه اقتناع باستحالة الانتهاء من الوجود السوري في تركيا، دون التوصل إلى حل سياسي.

وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن قد أكد أنه لا تاريخ محدداً حتى الآن من أجل إعادة اللاجئين إلى بلادهم قائلاً: "لا يوجد مثل هذا التاريخ المقرر في هذا الوقت، لكنه ليس بعيد الاحتمال، يعتمد الأمر على كيفية سير العملية". وأضاف: "بالطبع نريد أن يعود هؤلاء الناس لكنهم بشر، سنتخذ خطوات معقولة وإنسانية من أجل عودتهم".