خلال إعلانه عن ترشحه للرئاسة الأمريكية عبر "تويتر"؛
عزز حاكم فلوريدا رون ديسانتيس مكانة العملة المشفرة كمسألة سياسية رئيسية؛ حيث
قال: "من الواضح أن النظام الحالي يحارب البيتكوين؛ وإذا استمر لمدة أربع
سنوات أخرى، فسينتهي بهم الأمر على الأرجح بالقضاء عليه".
ونشر موقع "
فوربس" الاقتصادي تقريرا؛ ترجمته "عربي 21"،
قال فيه؛ إن موقف ديسانتيس جعل الحملة الرئاسية تأخذ شكلا مختلفا، يدفع بالعملة
المشفرة إلى قلب النقاش السياسي الأمريكي، ما ينذر بتغيير جذري محتمل في
السياسة
الأمريكية.
وأوضح الموقع أنه لفهم الآثار المترتبة على هذا التغيير؛ يجب أن
نفهم سبب تسييس
العملات المشفرة في المقام الأول، ولماذا من المحتمل أن تؤدي دورا
أكبر في السياسة في المستقبل.
العملة المشفرة تدخل حرب الثقافة
وأفاد الموقع بأن كون التشفير أصبح قضية حزبية لا ينبغي أن يكون
مفاجأة؛ لأن التشفير هو المال، والمال سلطة، والسلطة هي السياسة. وفي الواقع، لم
تكن المفاجأة الحقيقية هي أن العملات المشفرة أصبحت موضوعا سياسيا، ولكن الأمر
استغرق وقتا طويلا حتى يحدث.
ولفت الموقع إلى أن مؤسس البيتكوين ساتوشي كان قد تصور عملة من
شأنها أن تتحدى بشكل مباشر سلطة الحكومات والبنوك المركزية. لذلك، بطبيعة الحال
يعارضه العديد من السياسيين الذين يفضلون العمل الحكومي والسلطة المركزية، وهذا هو
السبب في أن العديد من الديمقراطيين - ولكن الأهم من ذلك، ليس كلهم - اتخذوا مواقف
ضد العملات المشفرة في الأشهر القليلة الماضية، تتزعمهم إدارة الرئيس بايدن.
وأشار الموقع إلى أنه في وقت سابق من هذا الشهر، شن الرئيس هجوما
على "مستثمري العملات المشفرة الأثرياء"، الذين اتهمهم باستغلال الثغرات
الضريبية التي يدعمها "الجمهوريون"، بينما هدد غاري جينسلر، رئيس هيئة
الأوراق المالية والبورصات تبادلات وبروتوكولات التشفير الرائدة بدعاوى قضائية
متعددة؛ حيث دعمه الديمقراطيون في لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب بمذكرة، حثوا
فيها زملاءهم أعضاء الحزب على الوقوف وراء مواقفه الأكثر تشددا.
وذكر الموقع أن الديمقراطيين ليسوا على قلب رجل واحد فيما يخص
التشفير؛ حيث يوجد معارضون مهمون يقاومون خط الحزب، أبرزهم النائب ريتشي توريس،
أصغر ديمقراطي في لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب.
الديمقراطيون المؤيدون للتشفير
وبين الموقع أن توريس، قال في مقابلة صحفية مؤخرا؛ إنه يعتقد أن
العملة المشفرة يمكن أن تمكن العمال والمبدعين من تحرير أنفسهم مما يراه انتهاكات
للنظام المالي القديم، كما عارض توريس فكرة أن الديمقراطيين موحدون ضد العملات
المشفرة؛ حيث قال: "تصوري هو أن الانقسام على العملات المشفرة ليس حزبيا أو
أيديولوجيا بقدر ما هو متعلق بالجيل. ستجد أن الديمقراطيين الأصغر سنا مثلي
وأكثر انفتاحا على الإمكانات المبتكرة للعملات المشفرة والبلوكتشين".
ووفق الموقع، فإن المرشح الرئاسي الديمقراطي روبرت إف كينيدي
جونيور يدعم عملة البيتكوين بشدة؛ حيث وصف الاحتفاظ بعملة البيتكوين كحق مصون
وممارسة ديمقراطية، في الخطاب الذي ألقاه في مؤتمر بيتكوين المنعقد في ناشفيل
مؤخرا، بعد حصوله على تأييد 20 بالمئة من الناخبين الديمقراطيين.
وقال الموقع؛ إن موقف كل من كينيدي وديسانتيس، يبدو واحدا حيال العملات
الرقمية للبنك المركزي (أو CBDC)؛ فكلاهما معارض شرس لها، وحذر كلاهما في الواقع من أن هذه العملات
تشكل تهديدا كبيرا للخصوصية والحرية الشخصية، ووعدا في حال انتخاب أي منهما
كرئيس، بمنع الاحتياطي الفيدرالي أو أي كيان حكومي آخر من تطوير عملة رقمية للبنك
المركزي.
صعود شعبية التشفير
ورأى الموقع أن الموقف الموحد حول البيتكوين الذي يجمع بين
السياسيين الثلاثة مع اختلافهم الجذري؛ فالأول عضو كونغرس مثلي الجنس، والثاني
مرشح ديمقراطي مؤيد لحقوق البيئة، والثالث جمهوري من فلوريدا؛ دليل على أن العملات
المشفرة ليست قضية حزبية أو قضية أجيال؛ خاصة أن اثنين من أكبر مؤيدي البيتكوين
في الكونغرس يبلغان من العمر 62 و68 على التوالي.
واعتبر الموقع أن ما يحدث يعني تشكيل خط صدع جديد في السياسة
الأمريكية؛ حيث قد لا يكون الانقسام الحزبي الجديد يمينا ويسارا، بل بين قيم المؤسسة
مقابل قيم معادية للمؤسسة، المركزية مقابل اللامركزية، الدولة مقابل التشفير.
وتساءل الموقع إن كان التحالف حول البيتكوين الذي يجمع بين توريس
وكينيدي وديسانتيس - على سبيل المثال -، سيتعزز إذا استمرت الاتجاهات المجتمعية
الحالية؛ حيث ستستمر الثقة في الأعمال والمؤسسات الحكومية وفي قوة الدولار في
التضاؤل.
واختتم الموقع التقرير بالقول؛ إن ذلك سيؤدي فقط إلى تعميق الفجوة
بين أولئك الذين يؤيدون التشفير وأولئك الذين يعارضونه، وسيؤدي إلى مزيد من تدافع
السياسيين الذين كانوا يعارضون التمسك بالأجندة الشعبوية إلى تغيير مواقفهم،
وسيرفع اللامركزية كقضية سياسية محددة في عصرنا، وسيصنع البيتكوين تحالفات غريبة
لم تكن متخيلة من قبل.