خسر زعيم الشعب الجمهوري كمال
كليتشدار أوغلو أمام الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان في الانتخابات الرئاسية، بجولتها الثانية التي عقدت اليوم الأحد، بحصوله على 47.93 بالمئة من الأصوات، مقابل 52.07 بالمئة لأردوغان.
وبرغم التحشيد الواسع الذي عمل عليه حزب الشعب الجمهوري منذ شهور، ومحاولة استدعاء الخطاب القومي، والتركيز على ضرورة طرد اللاجئين لاستقطاب مزيد من الناخبين الأتراك، إلا أن كليتشدار أوغلو فشل مرة جديدة أمام حزب العدالة والتنمية في الانتخابات.
وتأتي خسارة كليتشدار أوغلو رغم وقوف جل أحزاب المعارضة خلفه، وتلقيه الدعم مؤخرا من رئيس حزب "النصر" المعادي للاجئين، أوميت أوزداغ.
ودخل كليتشدار أوغلو الانتخابات بعد تسوية الخلافات داخل الطاولة السداسية المعارضة، التي تضم أيضا إلى جانب حزب الشعب الجمهوري، كلا من حزب الجيد القومي، وحزب السعادة الإسلامي، وأحزاب أخرى يتزعمها شخصيات بارزة مثل رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، ووزير الاقتصاد السابق علي باباجان.
كما أن كليتشدار أوغلو تلقى دعما من حزب الشعوب الديمقراطي، والذي يعتقد محللون أتراك أن دعمه لزعيم حزب الشعب الجمهوري أفقد الأخير أصواتا من الناخبين القوميين.
دخول متأخر للسياسة
رغم أنه يكبر الرئيس أردوغان بنحو ست سنوات، إلا أن كمال كليتشدار أوغلو ذا الـ75 عاما، دخل عالم السياسة بشكل فعلي في وقت متأخر.
أوغلو الذي ينحدر من محافظة تونغلي شرق الأناضول، وتعود أصوله إلى عائلة علوية كما صرح بذلك مرارا خلال حملته الانتخابية، حصل على شهادة الاقتصاد من جامعة غازي بأنقرة.
ورغم نشاطه في حزب الشعب الجمهوري في ريعان شبابه، إلا أن كليتشدار أوغلو لم يدخل عالم السياسة إلا في وقت متأخر، فبعد تخرجه من الجامعة عمل في وزارة المالية والخزانة، ووصل إلى منصب نائب مدير عام الإيرادات بالوزارة، ثم مديرا لمؤسسة التأمين الاجتماعي.
وبعد تقاعده عام 1999، أي في سن الـ51 عاما، بدأ كليتشدار أوغلو التوغل في عالم السياسة بتركيا، وكان أول دخول فعلي له النجاح بالانتخابات البرلمانية عام 2002 عن حزب الشعب الجمهوري، الذي كان يتزعمه حينها دينيز بايكال.
بدأ نجم كمال كليتشدار أوغلو يسطع بشكل سريع داخل حزب الشعب الجمهوري، إذ أصبح عام 2007 نائبا لرئيس المجموعة البرلمانية لحزبه، بالتزامن مع حملاته التي كان يقودها بهدف "كشف فساد ساسة حزب العدالة والتنمية" على حد قوله.
وكال كليتشدار أوغلو الاتهامات بالفساد لنواب ورؤساء بلديات محسوبين على حزب العدالة والتنمية، ليعلن الدخول في صراع طويل الأمد مع الحزب.
وفي العام 2010، وعلى خلفية فضيحة تسجيلات جنسية، أطيح بدنيز بايكال من زعامة حزب الشعب الجمهوري، ليبدأ كليتشدار أوغلو حقبة جديدة في الحزب الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك، وتناوب على زعامته شخصيات بارزة في مقدمتهم عصمت إينونو، وبولنت أجاويد.
معارك خاسرة
خاض كمال كليتشدار أوغلو عدة معارك انتخابية ضد حزب العدالة والتنمية، بيد أنه فشل بها جميعا، رغم الشعبية التي تمكن من خلقها داخل حزب الشعب الجمهوري.
بلدية إسطنبول 2009
في العام 2009، وبعد سنتين من حملات مكثفة شنها عبر وسائل الإعلام ضد حزب العدالة والتنمية، ترشح كليتشدار أوغلو لمنصب رئيس بلدية إسطنبول أمام قدير طوباش التابع للعدالة والتنمية، ورغم الحملة الكبيرة التي قام بها، إلا أن كليتشدار أوغلو خسر ولم يحز سوى على 37 بالمئة من أصوات الناخبين.
استفتاء 2010في العام 2010، تصدر كليتشدار أوغلو المشهد لدى المعارضة في محاولة لإسقاط الاستفتاء الدستوري الذي طرحته الحكومة لتعديل الدستور، وتقريبه من معايير الاتحاد الأوروبي، بعدما كان موسوما بإرث الانقلابات العسكرية.
حاول كليتشدار أوغلو إسقاط الاستفتاء الدستوري أيضا عبر اللجوء إلى المحكمة الدستورية، إلا أنه فشل في ذلك، كما فشل بحشد أصوات ضد الاستفتاء، الذي وافق عليه 57.9 بالمئة مقابل معارضة 42.1 بالمئة.
انتخابات 2011
في 2011، دخل حزب الشعب الجمهوري أول انتخابات برلمانية تحت قيادة كمال كليتشدار أوغلو، إذ إن الاستفتاء الدستوري لا يصنف ضمن الانتخابات، واللافت أن كليتشدار أوغلو عاهد أنصاره بأنه سيستقيل في حال الفشل بالانتخابات.
ولم يحقق حزب الشعب الجمهوري في تلك الانتخابات سوى 26 بالمئة، بواقع 135 نائبا، مقابل 49.8 بالمئة لحزب العدالة والتنمية الذي أدخل إلى البرلمان 326 نائبا.
بيد أن كليتشدار أوغلو فسر النتيجة بأنها نجاح لحزب الشعب الجمهوري، رافضا الاستقالة بدعوى أن عدد نواب الحزب زاد بالبرلمان، مضيفا أنه "في فترة قصيرة حصلنا على 3.5 مليون ناخب جديد، وعليه فلن نُحبط أنفسنا بهذه الانتقادات".
انتخابات 2014
دعم كليتشدار أوغلو بصفته زعيما لحزب الشعب الجمهوري، برفقة 12 حزبا آخرين، ترشح الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي السابق أكمل الدين إحسان أوغلو، لمنافسة أردوغان في الانتخابات الرئاسية 2014.
وبرغم الدعم الكبير الذي حشده كليتشدار أوغلو لأكمل الدين، إلا أن الأخير فشل في الانتخابات، ليفوز أردوغان من الجولة الأولى بنسبة 51.7 بالمئة، مقابل 38.4 لأكمل الدين إحسان أوغلو.
وتسببت الخسارة في سخط كبير ضد كليتشدار أوغلو، الذي طالته اتهامات من أوساط المعارضة بالفشل في إدارة المعركة الانتخابية، مع دعوات واسعة لدفعه إلى الاستقالة.
الانتخابات البلدية 2014
فشل جديد لكليتشدار أوغلو في ذات العام، تمثل في الانتخابات البلدية حيث لم يفز مرشحو حزبه سوى في 13 بلدية، مقابل 50 لحزب العدالة والتنمية الذي هيمن على جل الولايات التركية بما فيها أنقرة، وإسطنبول.
انتخابات 2015
في الانتخابات البرلمانية 2015، فشل كليتشدار أوغلو في تحقيق أي نجاح يذكر، حتى إن عدد نواب الشعب الجمهوري في البرلمان انخفض، ولم يحقق سوى 24.9 بالمئة من الأصوات.
بيد أن النجاح الضمني والمؤقت الذي حققه كليتشدار أوغلو في تلك الانتخابات، هو أن دخول حزب الشعوب الجمهوري الكردي للبرلمان، أفقد حزب العدالة والتنمية أغلبيته.
وفي وقت لاحق، فشل كليتشدار أوغلو في طموحاته بتشكيل حكومة، عبر محاولة تأليف تحالف لم ينجح، بين الشعب الجمهوري، والشعوب الديمقراطي، وحزب الحركة القومية الذي يتزعمه دولت بهتشلي، والذي كان حينها معارضا لأردوغان قبل أن يتحالف معه.
وبسبب عدم تشكيل أي أغلبية داخل المجلس ما يعني تعطيل الحياة البرلمانية، تمت الدعوة إلى انتخابات مبكرة أجريت في نهاية العام 2015، استعاد خلالها العدالة والتنمية أغلبيته ما شكل ضربة جديدة لكليتشدار أوغلو.
استفتاء 2017
معركة أخرى شهدت على فشل كليتشدار أوغلو أمام العدالة والتنمية، كانت في الاستفتاء الدستوري عام 2017، والذي صوت عليه الأتراك بواقع 51.4 بالمئة مقابل رفض 48.5 بالمئة.
تضمن الاستفتاء التصويت على تعديل 18 مادة في الدستور، أبرزها منح صلاحيات كبيرة لرئيس الجمهورية (نظام رئاسي بدلا من برلماني)، وإلغاء منصب رئيس الوزراء، ورفع عدد مقاعد البرلمان من 550 إلى 600.
وتضمنت التعديلات أن تكون ولاية رئيس الدولة خمس سنوات، لا يحق له تمديدها أكثر من دورتين.
انتخابات 2018
في الانتخابات الرئاسية 2018، قدم حزب الشعب الجمهوري أحد أبرز قادته لمنافسة أردوغان، وهو المرشح الرئاسي السابق محرم إنجه، والذي كان يخوض معارك داخلية كبرى مع كليتشدار أوغلو.
وبرغم فشله في الوصول إلى زعامة الحزب، ومهاجمته علنا لكليتشدار أوغلو ودعوته إلى الاستقالة، إلا أن الأخير وافق على ترشح محرم إنجه لمنافسة أردوغان، بيد أن الرئيس التركي حقق فوزا مريحا حينها بـ52.3 بالمئة من الأصوات، وبفارق أكثر من 10 ملايين صوت على إنجه الذي حاز على نسبة 30.7 بالمئة فقط من الأصوات.
بلديات 2019
في انتخابات البلديات التي أقيمت عام 2019، حقق حزب الشعب الجمهوري أول نجاح منذ سنوات طويلة، إذ تمكن مرشحون من الفوز في أنقرة، وإسطنبول، ليصبح أكرم إمام أوغلو عمدة لإسطنبول، ومنصور يافاش عمدة لأنقرة.
لكن في بقية المناطق، حصد حزب العدالة والتنمية الفوز في 39 بلدية، مقابل 21 فقط لحزب الشعب الجمهوري.