تباينت الحملات الانتخابية بين مرشحي الرئاسة في جولتها الأولى، فبينما حرص مرشح "تحالف الجمهور" رجب طيب
أردوغان، على قضايا تتعلق بالهوية والاستقلال، فإن مرشح "تحالف الأمة" كمال
كليتشدار أوغلو ركز على التغيير مستغلا الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.
لكن نتائج
الانتخابات في جولتها الأولى، أعطت انطباعا بأن خطاب "القومية"، هو الذي طغى لدى سلوك
الناخب التركي، وأظهرت تقدما لأردوغان على منافسه كليتشدار أوغلو بأربع نقاط.
وخلال أسبوعي
الجولة الثانية، ركز كليتشدار أوغلو على مهاجمة أردوغان، وإثارة قضية اللاجئين في تركيا، واصفا إياها بأنها ستشكل تهديدا للأمن القومي التركي، سعيا منه لاستقطاب الناخب القومي.
أخطاء وقع بها كليتشدار أوغلو
وخلص حزب الشعب الجمهوري، إلى أن دعم منظمة العمال الكردستاني أضر بالحزب الذي لم يتمكن من خلق خطاب بشأنها. كما أن انسحاب زعيمة حزب الجيد ميرال أكشنار من الطاولة وعودتها مرة أخرى ساهم في فقدان الروح المعنوية والحافز لدى الناخب التركي. أضف إلى ذلك أن عدم ضم محرم إنجه إلى الطاولة السداسية أضر بالحزب كثيرا.
ويشير تقرير لحزب الشعب الجمهوري، إلى أن بعض ناخبي حزبه لم يذهبوا إلى صناديق الاقتراع في الجولة الأولى، بسبب منظمة العمال الكردستاني وجماعة غولن اللتين أعلنتا عن دعمهما لكليتشدار أوغلو.
ولم تكسب صيغة الرئيس ونوابه ثقة الناخب، ولم تسهم أحزاب "المستقبل" و"ديفا" و"السعادة" و"الحزب الديمقراطي" في الانتخابات، ويشير التقرير إلى أن استطلاعات الرأي تسببت في الإحباط ليلة الانتخابات.
الكاتب التركي لطفي شيمشك في
تقرير على موقع قناة "TV100" ذكر أن كليتشدار أوغلو لم يهتم بمشكلة "البقاء" في البلاد، ولم يبد أي ردة فعل بشأن تصريحات منظمة العمال الكردستاني وجماعة "غولن" الداعمة له.
وتابع بأن الحملة الانتخابية وضعت "الغلاء المعيشي" في الميزان مقابل "البقاء"، كما أنها تناست النهضة التي قام بها حزب العدالة والتنمية طوال 22 عاما.
وأنتجت "حملة تشويه السمعة" ضد محرم إنجه وسنان أوغان، خسارة "تحالف الأمة" في الحصول على الأغلبية البرلمانية، وفارقا بالنقاط في الرئاسة.
وحول سيكولوجية الناخب في الجولة الثانية، أشار الكاتب إلى أنه بسبب نتائج البرلمان، فإن بعض الناخبين الذين سيبحثون عن "الاستقرار" سيصوتون لأردوغان هذه المرة. كما أن بعض الناخبين في بعض الأحزاب الذين صوتوا لحزب الشعب الجمهوري في 14 أيار/ مايو ستكون تفضيلاتهم نحو "الاستقرار".
ناخبو "مرشح ثالث" سيصوتون لأحد المرشحين
الكاتب التركي كمال أوزتورك، في
تقرير على "خبر ترك" ذكر أن سيكولوجية الناخب التركي في الجولة الثانية تختلف عن الأولى، لاسيما مكونات "تحالف أتا" التي أبدت مواقف مختلفة بشأن مرشحي الرئاسة.
وبينما أعلن المرشح الرئاسي في الجولة الأولى سنان أوغان، دعمه لأردوغان في جولة الإعادة، فقد أعلن زعيم حزب النصر أوميت أوزداغ دعمه لكليتشدار أوغلو، وعليه فإن الأصوات التي حصل عليها أوغان ستقسم بين المرشحين في الجولة الثانية.
الناخب المتدين الذي لم يصوت لـ"العدالة والتنمية" بالجولة الأولى
وشهد حزب العدالة والتنمية في انتخابات 14 أيار/ مايو خسارة في المدن الكبرى، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تؤثر على الناخب أكثر من غيره مقارنة بالمناطق الأخرى، وموقف بعض الناخبين المتدينيين من بعض إجراءات الحزب.
وذكر الكاتب أن الناخب المتدين في المدينة يجب أن يختار الآن بين أردوغان وكليتشدار أوغلو، ومن الناحية الوجودية فإنه من المستبعد أن يصوت هؤلاء لزعيم حزب الشعب الجمهوري، وقد يصوت جزء كبير منهم لصالح مرشح "تحالف الجمهور" رغم انتقادهم له.
صعود القومية
وقد نوقشت قضية القومية المتصاعدة كثيرا خلال نتائج الانتخابات في الجولة الأولى. ولكن من الخطأ النظر إلى جميع الناخبين الذين يعربون عن ردة فعلهم ضد عبارات الإرهاب وحزب الشعوب الديمقراطي ومنظمة العمال الكردستاني، على أنهم "قوميون" يمثلهم فقط سنان أوغان وأوميت أوزداغ.
فهناك ردات فعل أيضا من بعض أعضاء حزب الشعب الجمهوري، والشريحة الدينية في أحزاب العدالة والتنمية، والسعادة، والمستقبل، و"ديفا"، لكن قوميتهم لا يمكن اعتبارها مثل تلك التي لدى حزب النصر أو الحركة القومية أو حزب الجيد، كما يذكر الكاتب.
"الإرهاب والأمن" الفاعل الأساسي في سلوك الناخب في الجولة الثانية
وشكل الموقف من حزب الشعوب الديمقراطي ومنظمة العمال الكردستاني، الفاعل الأساسي لدى الناخب التركي في سلوكه.
وكان إعلان حزب الشعوب الديمقراطي أنه لن يرشح مرشحا ويدعم كليتشدار أوغلو ضد أردوغان، كما أن تصريحات شخصيات بارزة في منظمة العمال الكردستاني بشأن دعم مرشح "تحالف الأمة"، أعطى "تحالف الجمهور" فرصة غير مسبوقة.
ورأى الكاتب أن حساسية الناخبين حيال هذه القضية، ما زالت موجودة، وقد تكون عامل حاسم في الجولة الثانية.
وأدرك كليتشدار أوغلو متأخرا أن قضية الإرهاب وحزب الشعوب الديمقراطي أثرت على الناخبين كثيرا، وفي الجولة الثانية استخدم مواقف متطرفة وقاسية ضد الإرهاب وسجل خطابا قوميا.
موقف أوميت أوزداغ من دعم كليتشدار أوغلو.. كيف أثر؟
وبعد إعلان زعيم حزب النصر أوميت أوزداغ دعمه لكليتشدار أوغلو، فقد بدأت الرسائل من مناطق شرق وجنوب شرق الأناضول، تنهال على قادة "تحالف الأمة".
وأشار الكاتب إلى أن حزب الشعوب الديمقراطي الذي خسر 3 بالمئة من أصواته في الجولة الأولى، لن يتمكن من حشد ناخبيه بذات الطريقة في الجولة الثانية، بسبب الحديث عن تكليف أوزداغ بوزارة الداخلية في حكومة كليتشدار أوغلو.
نتائج البرلمان تؤثر على سلوك الناخب في الجولة الثانية
الكاتب أشار إلى أن الشعب التركي لا يحب الفوضى، وحالة عدم اليقين في إدارة الدولة، وفي حال حصل "تحالف الجمهور" على الأغلبية البرلمانية، فإنه أن يكون الرئيس من "تحالف الأمة" سيخلق في ذهن الناخب مسألة "الفوضى".
وأثر الفارق بين كليتشدار أوغلو وأردوغان الذي كان بحاجة إلى 0.5 بالمئة فقط من الأصوات، على ناخبي حزب الشعب الجمهوري وولد لديهم الشعور بالإحباط، لذلك فإن التحدي الأكبر لدى "تحالف الأمة" هو إمكانية جلب ناخبيهم مرة أخرى إلى صناديق الاقتراع.
كما أن هناك خشية لدى حزب العدالة والتنمية، من شعور ناخبيهم بـ"الرضا" وعدم حضورهم إلى صناديق الاقتراع، لذلك فإنه يعمل جاهدا من أجل إرسالهم للإدلاء بأصواتهم في الجولة الثانية.