أعلن الزعيم الدرزي
اللبناني وليد جنبلاط (73 عاما)، الخميس، عن استقالته من رئاسة "الحزب التقدمي الاشتراكي"، بعد 46 عاما من توليه المنصب الذي ورثه عن والده.
وقال جنبلاط، في بيان، إنه يعلن استقالته من رئاسة الحزب ومجلس قيادته الحالي، داعيا إلى "مؤتمر عام انتخابي في 25 حزيران/ يونيو المقبل مع إتمام التحضيرات اللازمة عملا بأحكام دستور الحزب ونظامه الداخلي".
ونقلت وكالة الأناضول عن أمين السر العام للحزب ظافر ناصر، قوله إن "المؤتمر العام الانتخابي محطة طبيعية في مسار العمل الحزبي، والانتخابات أيضا مسار اعتدنا عليه في الحزب، وقرار اليوم تأكيد لهذا المسار الطبيعي".
وعقب اغتيال والده المفكر والسياسي اللبناني كمال جنبلاط مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي في 16 آذار/ مارس 1977، وقع انتخاب وليد جنبلاط خلفا له بتاريخ 29 نيسان/ أبريل من العام ذاته.
وتمثل الحزب في البرلمان كتلة "اللقاء الديمقراطي" وتضم 9 نواب من أصل 128، ويرأسها النائب تيمور جنبلاط نجل وليد جنبلاط.
وعُرف جنبلاط بمواقفه المعارضة للنظام السوري، لا سيما بعد اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري عام 2005، حيث إنه أطلق في ذلك الوقت ما بات يعرف بـ"ثورة الأرز"، وكان من أبرز قادة "حركة 14 آذار" التي نادت بسيادة واستقلال لبنان ورفع الوصاية السورية عنه.
وعلى الرغم من التحالف بين جنبلاط (درزي) ورئيس المجلس النيابي
نبيه بري (شيعي)، إلا أن كتلة جنبلاط لم تؤيد مؤخرا ترشيح
سليمان فرنجية (حليف بري و"
حزب الله") لرئاسة الجمهورية.
ويعيش لبنان أزمة سياسية تسببت في فراغ دستوري، حيث فشل البرلمان اللبناني 11 مرة في انتخاب رئيس جديد للبلاد منذ انتهاء ولاية ميشال عون نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وفي 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، فشل البرلمان اللبناني للمرة الحادية عشرة منذ أيلول/ سبتمبر في انتخاب رئيس للجمهورية، خلفا لـ ميشال عون.
وحصل ميشال معوض، مرشح حزب الكتائب والقوات اللبنانية والحزب الاشتراكي وآخرين، على 34 صوتا، في حين صوت 37 نائبا بورقة بيضاء، بينما توزعت باقي الأصوات على عدد من الشخصيات اللبنانية، وقد ألغيت أوراق أخرى.
وبسبب عدم اكتمال نصاب الدورة الثانية من الجلسة، فقد خرج رئيس المجلس نبيه بري من القاعة، دون تحديد موعد جديد لانتخاب رئيس للبنان.
وبحسب المادة 49 من الدستور، فإنه يُنتخب رئيس الجمهورية في دورة التصويت الأولى بأغلبية الثلثين 86 نائبًا، ويُكتفى بالغالبية المطلقة (النصف +1) في الدورات التالية.
وأعلن حزب الله الذي يتمتع بهيمنة على الحياة السياسية في لبنان دعمه مع حلفائه لوصول النائب والوزير السابق سليمان فرنجية المقرب من سوريا إلى سدة الرئاسة في لبنان.
في المقابل، تتهم كتل برلمانية نواب جماعة "حزب الله" وحلفاءها، بتعطيل انتخاب الرئيس عبر التصويت بأوراق بيضاء في الدورة الأولى، ثم بالانسحاب كي لا يكتمل نصاب الدورة الثانية، بينما يقول مسؤولون في الجماعة؛ إنهم يريدون "رئيسا لا يطعن المقاومة (حزب الله) في الظهر".
وعُقدت أول جلسة في 29 أيلول/ سبتمبر 2022، ثم 20 و24 تشرين الأول/ أكتوبر، و3 و10 و17 و24 تشرين الثاني/ نوفمبر، و1 و8 و15 كانون الأول/ ديسمبر، قبل أن تُعقد آخر جلسة في 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، دون النجاح في انتخاب رئيس جديد للبلاد.
وتدوم ولاية الرئيس اللبناني 6 سنوات غير قابلة للتجديد، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا بعد مرور 6 سنوات على انتهاء ولايته الأولى، ولا يُلزم الدستور الراغبين في خوض انتخابات الرئاسة بتقديم ترشيحات مسبقة، حيث يمكن لأي نائب أن ينتخب أي لبناني ماروني (وفق العرف السائد لتقاسم السلطات طائفيّا)، شرط ألا يكون هناك ما يمنع أو يتعارض مع الشروط الأساسية مثل العمر والسجل العدلي.
وأعلن الرئيس ميشال عون في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2022 عن مغادرته قصر بعبدا الرئاسي، قبل يوم واحد من انتهاء ولايته رسميا، بعد أن فشل البرلمان في انتخاب خليفة له في ثلاث جلسات متتالية، سبقت موعد انتهاء فترته بحسب الدستور اللبناني.
ودخل لبنان للمرة الخامسة منذ استقلال البلاد عن الاستعمار الفرنسي عام 1943، مرحلة الفراغ السياسي عقب انتهاء ولاية الرئيس السابق للبنان ميشال عون.
وكرّس اتفاق الطائف لعام 1989، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية (1975- 1990) معادلة اقتسام السلطة والمناصب الرئيسية، وفقا للانتماءات الدينية والطائفية، بحيث يكون رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيا، ورئيس البرلمان شيعيا، ورئيس الحكومة سُنيا.
وعلى مدى 79 عاما، لم تنتقل السلطة من رئيس إلى آخر بطريقة سلسة وفي سياق انتخابات رئاسية طبيعية، إلا خلال عهدين فقط من أصل 13؛ إذ طبعت نهاياتِ معظم العهود صراعاتٌ وحروبٌ وفراغاتٌ، كان معظمها ينتهي بتسويات داخلية أو إقليمية ودولية تؤدي إلى انتخاب رئيس جديد.
وفي إشكال سياسي آخر، يتعين انتقال صلاحيات الرئيس إلى مجلس الوزراء، وفق الدستور، لكن الخلافات السياسية حالت منذ الانتخابات النيابية في أيار/ مايو 2022 دون تشكيل حكومة جديدة، بينما تواصل حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي ممارسة مهماتها.
ورفضا منه لأن تمارس حكومة ميقاتي صلاحيات الرئيس، فقد استبق عون انتهاء ولايته بتوقيع مرسوم اعتبار حكومة تصريف الأعمال مستقيلة.
وأدخلت خطوة عون البلاد في جدل دستوري حول صلاحيات حكومة ميقاتي، الذي أكد أن حكومته، التي تعد عمليا مستقيلة منذ الانتخابات البرلمانية، ستتابع قيامها بتصريف الأعمال.