نشر موقع "أويل برايس" الأمريكي مقال رأي للكاتب سيمون واتكينز سلّط فيه الضوء على خطة إنشاء خط أنابيب ضخم جديد من
الشرق الأوسط إلى آسيا، من شأنه أن يوفر كميات كبيرة من
الغاز الموثوق به لعقود قادمة.
وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن خط الأنابيب هذا قد يؤدي إلى تحويل إمدادات الغاز الحيوية من أوروبا، التي زاد الطلب عليها بشكل كبير لتعويض الحصة السوقية من إمدادات الغاز المفقودة الروسية بعد فرض عقوبات عليها.
ويأتي الإعلان عن خط الأنابيب الجديد بعد أسابيع قليلة فقط من اتفاق استئناف العلاقات بين
إيران والسعودية بوساطة الصين والذي شكّل منعطفًا حاسمًا في النظام العالمي الجديد لسوق الطاقة.
وذكر الكاتب أنه وفقًا لأرقام وكالة الطاقة الدولية، فقد استورد الاتحاد الأوروبي في المتوسط أكثر من 13.4 مليار قدم مكعب يوميًا من الغاز عبر خط الأنابيب من روسيا، أي ما يعادل 4.9 تريليون قدم مكعب في سنة 2021. بالإضافة إلى ذلك؛ فإن روسيا استحوذت على حوالي 45 في المائة من واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز في سنة 2021 وما يقارب من الـ40 في المائة من إجمالي استهلاك الغاز.
وكانت ألمانيا نفسها تعتمد على الغاز الروسي لتلبية حوالي 30- 40 في المائة من احتياجاتها التجارية والمحلية من الغاز. ويُفسر هذا التحفظ الشديد من جانب العديد من الدول الأوروبية الكبرى - لا سيما ألمانيا - فرض أي عقوبات ذات مغزى على إمدادات الغاز الروسي.
وأكّد الكاتب أن هذا هو السبب الرئيسي لعدم فرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي بعد غزو موسكو لكييف في سنة 2014، وضمها لشبه جزيرة القرم. ومع ذلك، فإنه في أعقاب فشل الناتو في اتخاذ خطوات جوهرية لمكافحة العدوان الروسي في أوكرانيا في سنة 2014، كانت هذه المرة الأخيرة التي صممت فيه كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والعديد من حلفاء الولايات المتحدة الآخرين في مجال الأمن العالمي، على حماية الحدود الأوروبية وحلفائها الأمنيين في الناتو ومنع التوسع الروسي. وشملت العوامل الحاسمة لهذه الجهود ضمان إمدادات غاز جديدة للدول الأوروبية غير القادرة على توفير احتياجاتها من الطاقة.
ونوه الكاتب إلى أن إمدادات الغاز الطبيعي المسال هي من الإمدادات الأكثر تأثرًا بحالات الطوارئ العالمية لإمدادات الغاز، على غرار ما حدث لأوروبا في الأشهر القليلة الأولى بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في سنة 2022. لهذا السبب، فقد بذلت الولايات المتحدة جهودًا حثيثة لضمان إبرام صفقات جديدة للغاز الطبيعي المسال لألمانيا في تلك الأيام الأولى - ولا سيما من قطر - وإبرام المزيد من صفقات الغاز بين الشركات الأوروبية ومختلف دول الشرق الأوسط.
وأشار الكاتب إلى أن خط أنابيب الغاز الرئيسي الجديد الذي يتم التخطيط له سيمتد على طول ممر بطول 2000 كيلومتر عبر عُمان والإمارات عبر بحر العرب وصولاً إلى
الهند. وسيسمح هذا بجمع الغاز من عمان والإمارات نفسها، ومن إيران والمملكة العربية السعودية وقطر وتركمانستان. وتمتلك هذه البلدان مجتمعة، وفقًا لتقديرات متحفظة للغاية، أقل بقليل من 2.9 تريليون قدم مكعب من احتياطيات الغاز؛ حيث تمتلك إيران 1200 تريليون قدم مكعب، وقطر 858 تريليون قدم مكعب، والمملكة العربية السعودية 333 تريليون قدم مكعب، وتركمانستان 265 تريليون قدم مكعب، والإمارات العربية المتحدة 215 تريليون قدم مكعب، وعمان 24 تريليون قدم مكعب.
بالإضافة إلى ذلك، فإنه وفق الكاتب؛ فإن التهديد الكبير لاستمرار إمدادات الغاز (بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال) من الشرق الأوسط إلى أوروبا هو أن قطر هي المُصدّر الأول للغاز الطبيعي المسال في العالم، فيما تمتلك عُمان قُدرات واسعة في مجال الغاز الطبيعي المسال، والتي طالما كانت إيران تتطلع إلى الاستفادة منها. وعلى الرغم من أنه سيكون هناك خط أنابيب رئيسي واحد يمتد من الشرق الأوسط إلى الهند، فإن العديد من الامتدادات الأخرى لخطة خط الأنابيب هذه متاحة بسهولة. وقد كانت الخطط النهائية لخط أنابيب إيران-الهند وخط أنابيب إيران-باكستان، وكلاهما يمكن تمديدهما إلى الصين، قائمة منذ فترة طويلة.
وأشار الكاتب إلى أنه بدءًا من ميناء تشابهار الإيراني الرئيسي، فقد تضّمنت النسخ البديلة من هذه الخطط خطوط أنابيب تمتد مباشرة إما إلى ميناء جوادار الرئيسي في باكستان، أو إلى أحد الموانئ الهندية الرئيسية في جوجرات. وكان البديل هو نقل الغاز الإيراني إلى جوادار عبر الأنابيب ثم عبر البر الرئيسي إلى الهند. وبصرف النظر عن معارضة الولايات المتحدة لهذه الخطط؛ فقد أرادت الهند الحصول على ضمانات من إيران بأنه سيُنظر إلى ميناء تشابهار باعتباره مبادرة تنموية هندية بحتة؛ حيث ظل تشابهار نقطة العبور البديلة لميناء جوادار الذي بنته وتشغله الصين في باكستان، ونقطة انطلاق رئيسية في الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان.
وأوضح الكاتب أن إيران لم تقدم مثل هذه الضمانات، لذلك فإنه في سنة 2018 تباطأ الدعم الهندي لخط الأنابيب. ومن المشاريع الفرعية ذات الصلة لخط الأنابيب الرئيسي من الشرق الأوسط إلى الهند هو مشروع إعادة تنشيط خطط مشروع خط أنابيب الغاز والغاز الطبيعي المسال بين إيران وسلطنة عمان.
وكانت خطة خط الأنابيب هذه جزءًا من صفقة تعاون أوسع بين عُمان وإيران في سنة 2013، التي تم توسيع نطاقها في سنة 2014، والمُصادقة عليها عليها بالكامل في آب/ أغسطس 2015، تنص على استيراد عمان لما لا يقل عن 353 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا من إيران لمدة 25 سنة. وسيضم الجزء الأرضي من المشروع حوالي 200 كيلومتر من خط أنابيب 56 بوصة يمتد من رودان إلى جبل مبارك في مقاطعة هرمزجان الجنوبية. وسيشمل القسم البحري قسمًا بطول 192 كيلومترًا من خط أنابيب 36 بوصة بطول قاع بحر عمان على أعماق تصل إلى 1340 مترًا، وينطلق من إيران إلى ميناء صحار في عمان.
وبين الكاتب أن هذه الصفقة تهدف إلى السماح بنقل الغاز الإيراني عبر خليج عُمان بحرية والخروج إلى أسواق النفط والغاز العالمية، كما ستخول هذه الصفقة اقتحام إيران سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي، فلطالما سعت طهران إلى أن تصبح رائدة على مستوى العالم في تصدير الغاز الطبيعي المسال ولا يزال هذا الطموح قائمًا بالنسبة لها.