أثارت دعوة إعلامي
مصري إلى طرح النادي "
الأهلي" للبيع، الكثير من الجدل والمخاوف مما قد يطال القلعة الحمراء من عمليات تفريط في أصول وممتلكات مصر العامة، والتي تجري على قدم وساق وفقا لبرنامج إقراض صندوق النقد الدولي لحكومة القاهرة، وبدعوى إنقاذ البلاد من أزماتها المالية والاقتصادية.
وقدم الإعلامي الرياضي المصري مهيب عبدالهادي، دعوة عبر فضائية "إم بي سي مصر"، طالب فيها بطرح الأندية المصرية الحكومية للبيع وخاصة النادي الأهلي، صاحب التاريخ والبطولات والقيمة التسويقية العالية، بعنوان مساعدة البلاد في أزمتها مع العملات الصعبة.
وتعاني مصر من شح في
الدولار، وتراجع في الاستثمارات الخارجية، وعجزا عن توفير العملة الصعبة لتلبية متطلبات استيراد السلع الاستراتيجية، ما دفع الحكومة إلى مواصلة الاستدانة وطرح نحو 40 شركة حكومية بالبورصة أو لمستثمرين استراتيجيين، منذ آذار/ مارس الماضي.
"مليارا دولار"
وهو ما جاء في إطاره حديث مهيب، الذي قال عبر برنامجه "اللعيب": "لو طرحنا أسهم الأهلي للبيع سنحصل على أكثر من ملياري دولار"، ضاربا المثل بأندية أوروبية جرى بيعها، لافتا إلى وجود عرض قطري وآخر إنجليزي لبيع "مانشستر يونايتد" الإنجليزي بـ6.5 مليار جنيه إسترليني.
ودعا وزير الرياضة المصري إلى تعديل القوانين، مخاطبا إياه بالقول: "عدل القوانين وهات فلوس للبلد مليارات الدولارات"، مضيفا أنه "إذا لم تدخل كرة القدم الاستثمار فإن المسؤولين عليها فاشلون"، مؤكدا أن
اقتصاد البرازيل قائم على كرة القدم.
وطالب مهيب، بـ"تفعيل شركات الكرة"، مؤكدا أن "الكرة أصبحت استثمارا، والأندية الشعبية بلا استثمار، والمستثمر سيدفع في شراء النادي وسيقوم بعمل تدعيم يؤدي إلى النجاح في أفريقيا، ولذا فإننا نحتاج إلى ثلاثة أندية مثل بيراميدز".
"فارغة المضمون"
وفي أول تعليق على القصة من أحد رموز القلعة الحمراء، قال مختار مختار، ردا على دعوة مهيب، إنها "غير ذات فائدة للأهلي على الإطلاق"، بل يراها "دعوة مثيرة للجدل فقط، ولا أساس لها على أرض الواقع"، مؤكدا أن "الأهلي ليس أداة لهذا الأمر".
وفي حديثه لـ"
عربي21"، أضاف: "هناك أدوات أخرى غير النادي الأهلي للبيع والشراء وجني العملات الصعبة ليس الأهلي من بينها"، موضحا أنه "ناد مستقر واستقراره تاريخي ودائم ويعلمه الجميع، ولم يحدث أن طُرحت فكرة طرح له بالبورصة أو للمستثمرين".
كابتن مختار، أحد أساطير الكرة والتدريب في النادي الأهلي ومنتخب مصر، عاود على التأكيد على أن "ما أثير عن طرح الأهلي للبيع فقط هو أداة لكي يتحدث الناس، وللشهرة أكثر من الجدية".
وحول احتمال أن تحمل تلك الفكرة استثمارات وأموالا تفيد فرق الأهلي بكل الألعاب، قال: "لا أظن أن هناك فائدة منها، فالأهلي مستقر ولديه أدواته التي يستغلها بشكل جيد للصرف على فرقه وتحقيق إنجازاته التاريخية، وهذا الكلام فارغ المضمون".
وبشأن ما قد يستتبع دعوة مهيب، من حضور لرجال الأعمال والمستثمرين الخليجيين للاستثمار بالأهلي على غرار تجربة نادي "بيراميدز"، رد مختار، بأنه "لم نسمع عن الأهلي يوما أنه تعرض لأزمة مالية أو احتاج طوال تاريخه مع ما أنجزه من بطولات إلى مستثمرين، فلديه دخله الذي يعيش عليه وحقق تلك الإنجازات".
جماهير من الأهلي عبرت عن رفض الفكرة، مؤكدة أن الأهلي ليس للبيع وأنه ملك لجماهيره.
"شرط ساويرس"
لكن، دعوة مهيب، لاقت قبولا من رجل الأعمال والملياردير نجيب ساويرس، الذي قال عبر تويتر: "العالم كله عامل كدة (هكذا)، والأندية العالمية كلها لها ملاك، وجمهور الأهلي كبير ويقدر يشتري النادي في طرح عام".
لكن ساويرس، أحد مشجعي الأهلي، ورغم موافقته على فكرة الطرح اشترط أمرا هاما لدى الملايين من عشاق النادي، حيث طالب في حالة طرح الأهلي للبيع بـ"استقلالية النادي وعدم التدخل في إدارته من أي جهة".
"الإجهاز على الوطنية"
وفي رؤيته لأهمية تلك الدعوة في إنقاذ مصر من أزماتها المالية والاقتصادية، وخطورتها المحتملة على النادي العريق، قال الخبير الاقتصادي والمستشار الأممي السابق إبراهيم نوار، إن "فكرة الرياضة الوطنية أصبحت تقتصر الآن على الرياضات الأولمبية لغير المحترفين".
وفي حديثه لـ"
عربي21"، استدرك: "لكن موضوع الطابع الوطني لأي شيء في مصر حاليا أصبح موضع تساؤل، في ظل سياسة كل شيء مطروح للبيع، لأن الحكومة تحتاج للدولارات".
وأضاف: "وبما أن المصريين لا يملكون تلك الدولارات للأسف، فإن المستثمر الأجنبي يصبح هو الزبون المفضل للفوز بالصفقة".
ويعتقد نوار، أن "هذا وضع يدعو للأسى، لأن النادي الأهلي كان عنوانا من أهم عناوين الوطنية المصرية، وطالما أن الجنسية تباع بالدولار، فما الذي يمنع بيع رموز الوطنية المصرية بالطريقة ذاتها".
وختم حديثه بالقول: "رحمة الله على الوطنية المصرية في عصر أشد سوءا من عصور الانحطاط المملوكي".
وما يثير مخاوف جماهير الأهلي هو أن ذلك الحديث يأتي بعد نحو 5 سنوات من سجال كبير بين جماهير الأهلي والمسؤول السعودي تركي آل الشيخ، الذي حصل على الرئاسة الشرفية من إدارة الأهلي عام 2018، ولكن الجماهير رفضت وجوده خوفا على استقلالية القرار في النادي.
ويأتي طرح مهيب، في الوقت الذي يتوجه فيه أحد أكبر داعمي النادي الأهلي التاريخيين رجل الأعمال المصري محمد منصور عبر شركته "مان كابيتال"، لإنشاء فريق كرة قدم بمدينة سان دييغو في أمريكا باستثمار يبلغ نحو 500 مليون دولار، ما أثار مخاوف البعض من خسارة الأهلي لأحد أهم داعميه.
"تدمير الرمز الباقي لمصر"
في تقديره لفائدة فكرة طرح الأهلي للبيع، وخطورتها على النادي الأعرق مصريا وأفريقيا، ومدى تقبل الجماهير للأمر، قال الرياضي المصري حكيم يحيى: "موضوع السيطرة على الأهلي قديم، كونه الأكبر والأشهر بالشرق الأوسط".
وفي حديثه لـ"عربي21"، لفت بطل الجمهورية بألعاب القوى السابق بالنادى الأهلي، إلى أن "القصة عندما تخرج بهذه الصورة تعرف أن خلفها رائحة غير طيبة".
ويرى أخصائي الإصابات والتأهيل الرياضي لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم، أن "طرح أسهم الأهلي للاكتتاب العام كشركة مساهمة أو بيع النادي مجملا لأحد المستثمرين مرفوض من النادي ومن الجماهير وأي وطني حر".
يحيى، استطرد قائلا: "لكن هذا الطرح قد يمكن قبوله في المشاريع الرياضية الجديدة للنادي، مثل مشروع إنشاء الاستاد الجديد".
لكنه في نهاية حديثه عبر عن مخاوفه من أن "الأهلي كرمز وتاريخ لو جرى التفكير في بيعه فستجد تنافسا خليجيا على شرائه وبأي ثمن، وهذا قد يدمر الرمز الوحيد الباقي لنا من مصر".
"ميزانية الأهلي"
الأهلي الذي تأسس عام 1907، له أربعة فروع بالقاهرة الكبرى، أقدمها التاريخي بمنطقة الجزيرة، ومدينة نصر، والسادس من أكتوبر، والتجمع الخامس، فيما يجري بناء ستاد عملاق لفريق الكرة بالسادس من أكتوبر.
وفي العام 2022، قدم الأهلي أكبر ميزانية بتاريخه، بقيمة بلغت ثلاثة مليارات و87 مليون جنيه، فيما حقق فائضا بنحو 149 مليونا و853 ألف جنيه، بحسب بيان النادي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وقع أكبر عقد رعاية بتاريخ القلعة الحمراء، من شركة "اتصالات مصر"، وبنك "أبوظبي الأول مصر".
ووفق موقع "الأهلي" عبر الإنترنت، فإنه في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، يحصل النادي الأهلي على مبلغ مليارين و300 مليون نظير عقد البث والرعاية لمدة أربع سنوات.
وعبر فضائية "الأهلي" التابعة للشركة المتحدة للإعلام المملوكة لجهاز سيادي مصري، أكد المدير التنفيذي للنادي سعد شلبي، أن حقوق الأهلي من البث الفضائي تبلغ 660 مليون جنيه لمدة 4 سنوات.
"بطولات الأهلي"
ويعتبر الأهلي، أحد أعرق أندية دول القارة الأفريقية والأندية العربية والمصرية، حيث حصل على بطولات دوري وكأس مصر، ودوري وكأس أبطال أفريقيا، وكأس العرب، والأفروآسيوية، وله 8 مشاركات تاريخية ببطولة كأس العالم للأندية، التي حصل على مركزها الثالث 3 مرات.
للأهلي 42 لقبا للدوري العام المصري، أولها بموسم (1949/1948) وآخرها بموسم (2019/2018)، بفارق 29 بطولة عن منافسه التاريخي نادي الزمالك.
وكما أنه أكثر الأندية المصرية تتويجا بالدوري، فإنه يعد أيضا الأكثر حصولا على بطولة الكأس بـ38 لقبا، وبطولة كأس السوبر بـ13 مرة، ليبقى أكثر الفرق تتويجا بالبطولات المحلية.
وقاريا، يتزعم الأهلي فرق أفريقيا ويحمل لقب "نادي القرن"، كونه الأكثر تتويجا بلقب دوري أبطال أفريقيا بـ10 بطولات، وببطولة السوبر الأفريقي 8 مرات، وبكأس الكؤوس الأفريقية 4 مرات، وبكأس الاتحاد الأفريقي التي تندر مشاركته فيها مرة واحدة عام 2014.