تراقب المحافل الإسرائيلية تطورات الوضع
السوداني، بزعم أن مصير الصراع الناشب فيه سيؤثر على العلاقات مع دولة الاحتلال،
وتشكيل التوازن الجيو-سياسي في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، في ضوء أن السنوات
الأخيرة شهدت تقلبات في العلاقات بين تل أبيب والخرطوم، وصولا إلى تشرين أول/ أكتوبر 2020، حين
تم الإعلان عن تطبيع علاقاتهما.
وفي شباط/ فبراير 2023، توجه وفد إسرائيلي للخرطوم برئاسة
وزير الخارجية إيلي كوهين، واتفقا على خطوات لتعزيز توقيع اتفاق تطبيع مسؤول.
حاييم كورين، الكاتب الإسرائيلي في صحيفة
معاريف، زعم أن "أطرافا دولية مؤثرة تشارك في جهود الوساطة بين البرهان
وحميدتي، فيما إسرائيل لها دور معين في العملية، لأنه على المستوى الإقليمي تحظى
السودان بأهمية كبيرة بالنسبة لها، خاصة أنه منذ 2014 تم تشكيل تحالف عربي يشمل
السودان وإسرائيل أيضًا رأى في إيران تهديدا، ويحارب القوى الجهادية، لكن مؤخراً
حدث تغيير في هذا المحور، لأن الاتفاق الذي تم توقيعه بين السعودية وإيران، بوساطة
صينية، يروج لإنهاء الحرب في اليمن".
وأضاف في
مقال ترجمته "عربي21" أن "عمليات أخرى تجري مثل مصالحة
الدول العربية مع قطر وتركيا، وعودة الأسد إلى العالم العربي، وتعزيز المحور
الإيراني، وكجزء من هذا المحور فقد يتأثر السودان بهذه التطورات، وكذلك في علاقته
بإسرائيل، وطالما أن مصلحته الأساسية هي الخروج من أزمته الاقتصادية التي يعيشها، فيمكن
للعلاقة مع إسرائيل أن تساهم كثيرًا فيها، عمليا ودبلوماسيا، رغم أن المصلحة
الإسرائيلية الرئيسية هي التواجد في منطقة جيو-استراتيجية يكون السودان أحد
عناصرها المهمة".
وزعم أنه "يمكن لإسرائيل أن تقدم
لقادة الحرب الداخلية المساعدة الفورية في الحقول المياه والزراعة والطاقة الشمسية
كمسرع للمصالحة بينهما، وقد يقدّر السودانيون مثل هذه الخطوة الإسرائيلية، مع بقاء
السؤال حول مدى استمرار التوجه لتعزيز
التطبيع بينهما، لكن المحور الجديد الناشئ
والمكون من إيران وروسيا وقطر وتركيا وحزب الله وحماس، بينما الصين وصيفة الشرف،
سيحاول "ملاءمة" السودان له".
وأشار إلى أن "حوافز المحور الناشئ ستزيد
من الإغراء السوداني "للخروج" من المحور الإسرائيلي، وفي هذه الحالة يجب
على الأخيرة أن تكون حذرة، وتتصرف بحذر واهتمام تجاه التغييرات الجارية، بسبب
الوضع السيئ، ولكن إذا نجحت المحاولة الدولية، بما فيها الإسرائيلية، للتوفيق بين
البرهان وحميدتي، فيجب الافتراض أنه سيكون هناك جهد سوداني لإكمال العملية تجاه
إسرائيل".
وختم بالقول إنه "قد يؤدي جهد
إسرائيلي بالتنسيق مع جميع الفاعلين المحتملين المعنيين لإخراج السودان من حالة
أزمة إلى نقطة محورية إقليمية إيجابية تستمر فيها العملية الإسرائيلية باتجاه
التطبيع".
تأتي
النظرة الإسرائيلية المترقبة لما يشهده السودان من حرب دامية من أنها تتزامن مع
تطلعاتها التي تراجعت من تحقق فرص التطبيع، لكونها لن تكون ذات أولوية عاجلة لطرفي
الصراع من جهة، ومن جهة أخرى فإن دخول العوامل الإقليمية والدولية على خط هذا
الصراع قد يعمل على تأخير البحث فيه حتى إشعار آخر، مع العلم أن دولة الاحتلال ما
زالت تلتزم الصمت "رسميًا" إزاء حرب السودان، التي أوشكت أن توقع معها
اتفاق تطبيع تعثّر في الساعات الأخيرة، ولا تخفي إحباطها من تأثير هذا الصراع الدامي
على تراجع مستقبل التطبيع.