تلقى حزب
المحافظين الحاكم في
بريطانيا هزيمة مدوية في انتخابات المجالس المحلية، بعد تسجيل
خسائر كبيرة في عدد المقاعد، خاصة في المعاقل التقليدية المحسوبة على اليمين.
وخسر الحزب نحو ثلث مقاعده على ما أظهرت النتائج الأولية، الجمعة، في نتائج اعتبرها رئيس الوزراء ريشي سوناك "محبطة"، ولكنه لا يزال من المبكر الحكم على النتيجة النهائية، فيما رأى حزب
العمال النتيجة "كارثة" لسوناك.
والانتخابات المحلية التي جرت الخميس كانت أول اقتراع منذ تولي ريشي سوناك السلطة، مما ينذر بالسوء للحزب الحاكم في الانتخابات التشريعية المقبلة.
وفي تعليق على شبكة سكاي نيوز، قال رئيس الحكومة ريشي سوناك إنّ "خسارة مستشارين يبذلون جهودا شاقّة أمر محبط دائماً"، مكرّراً وعوده على المستوى الوطني بشأن الاقتصاد والصحة ومكافحة الهجرة غير القانونية.
لكنّه تعهّد بالمضي قدماً في الاهتمام "بأولويات الناس"، بما في ذلك خفض معدل التضخّم، الذي تجاوز 10 بالمئة، إلى النصف واستئناف النمو الاقتصادي ووقف قوارب المهاجرين التي تعبر القناة. ولن يكتمل فرز الأصوات إلا في وقت لاحق من الجمعة بينما تستعدّ بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث السبت.
وكان سوناك صرّح الأربعاء أنّه يتوقع انتخابات "صعبة".
حزب العمال
أمّا حزب العمال الذي يأمل في أن ينجح زعيمه كير ستارمر في تولّي رئاسة الحكومة بعد الانتخابات العامة المقبلة المقرّرة في نهاية العام المقبل، ففاز بالمجلسين المحليين لبليموث (جنوب) وستوك أون ترينت (شمال)، "عاصمة" بريكست التي صوّت 69 بالمئة من ناخبيها لمصلحة مغادرة الاتحاد الأوروبي في 2016.
وخسر المحافظون أيضاً المجلس المحلّي في هيرتسمير بشمال غرب لندن حيث يشغل نائب رئيس حكومتها أوليفر دودن مقعداً نيابياً.
وعشيّة تتويج الملك تشارلز الثالث، خسر المحافظون أيضًا منطقتي رويال بورو أوف ويندسر وميدنهايد، لمصلحة الليبراليين الديمقراطيين (وسط).
وبعد فرز الأصوات في 62 من المجالس المحلية الـ230 التي جرى التنافس عليها، خسر المحافظون 225 مقعداً وربح حزب العمال 120 مقعداً. وكسب الديمقراطيون الليبراليون 59 مقعداً وفاز دعاة البيئة في حزب الخضر بـ 32.
وأشار وزير النقل هيو ميريمان إلى أنّ حزبه المحافظ يدفع ثمن الأسابيع القليلة الفوضوية التي شهدت العام الماضي تخلّي الحزب عن بوريس جونسون ثم تولّي ليز تراس رئاسة الحكومة لفترة لم تعمّر طويلاً.
وأضاف لشبكة "بي بي سي" أن الناخبين المحليين "يتحدثون عن أخبار قديمة عن رؤساء الوزراء السابقين، لكنهم يقولون إن الزعيم الحالي (للحزب) يتمتع على ما يبدو بالصفات اللازمة"، مشددا على أن سوناك يتبع مسارا صحيحا.
وثيقة هوية للتصويت
وقالت منسّقة الحملة الوطنية لحزب العمّال شبانة محمود إنّ "هذه النتائج تشكّل كارثة لريشي سوناك الذي يعاقبه الناخبون على إخفاقات المحافظين". وفقا للوكالة الفرنسية.
ويتوقّع حزب العمّال تقدّماً بنسبة 8 بالمئة على الأقلّ على المحافظين، وهو فارق يرى أنّه سيترجم بفوز إذا تكرر في الانتخابات التشريعية التي تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم واضح جدًا للعماليين فيها.
وقال خبير استطلاعات الرأي جون كيرتس عالم السياسة في جامعة ستراثكلايد في اسكتلندا مؤخرا إنّ تقدّم حزب العمال بفارق يتجاوز 10 نقاط من شأنه أن يبشر بالخير للفوز في الانتخابات العامة.
وصرح لشبكة "بي بي سي" أنه قبل وصولهما إلى السلطة في 1997 و2010 حقق كل من العمالي توني بلير والمحافظ ديفيد كاميرون نجاحا بأكثر من 10% في
الانتخابات المحلية التي سبقت الاقتراع التشريعي.
من جهته، عبّر زعيم الديموقراطيين الليبراليين إيد ديفي عن سعادته. وقال: "تجاوزنا كل التوقعات"، مرحّباً بالضربة التي تلقّاها "الجدار الأزرق" المحافظ، في إشارة إلى مجموعة من الدوائر الانتخابية البرلمانية في جنوب إنكلترا تصوّت تقليدياً لحزب المحافظين لكنّها عارضت بريكست.
وشهدت هذه الانتخابات تطبيق شرط غير مسبوق للناخبين وهو إبراز وثيقة هوية حتى يتمكنوا من التصويت.
وأثار هذا التغيير ضجة واعتبره معارضوه أنه مناورة لاستبعاد بعض الناخبين ولا سيما الشباب والطبقات العاملة لأنّ بطاقة الهوية التقليدية لا وجود لها. وفي صفوف حزب العمال رأى نواب أنّ القرار يهدف إلى الحدّ من تقدمهم الذي تشير إليه استطلاعات الرأي.
وقالت منظمة "إيليكتورال ريفورم سوسايتي" التي تعارض هذا الشرط إنّ "لديها أمثلة على عدد كبير من الناخبين الذين لم يتمكّنوا من التصويت"، بينما قالت هيئة المدراء المحليين لعمليات الاقتراع إنّ التصويت جرى "بشكل جيد كالعادة".