نشرت صحيفة "
نيويورك تايمز" تحقيقا للصحفيين، فرناز فصيحي
ورونين برغمان، استعرضا خلاله "الحياة المزدوجة" لنائب وزير الدفاع
الإيراني السابق علي رضا أكبري، الذي وفر للملكة المتحدة معلومات استخبارية عن
البرنامج النووي والبرامج العسكرية في إيران لأكثر من عقد من الزمن.
وأشار التحقيق إلى أن إعدام إيران لأكبري بعد إدانته بالتجسس كشف عن
سر عمره 15 سنة، لافتا إلى أن المعلومات الاستخباراتية التي وفرها نائب وزير
الدفاع السابق أسهمت في إقناع المجتمع الدولي بفرض عقوبات كاسحة على طهران؛ لمنعها
من التوصل إلى السلاح النووي.
ونبه إلى أن المملكة المتحدة شاركت المعلومات التي وفرها أكبري مع
الاحتلال
الإسرائيلي منذ نيسان/ أبريل 2008، مشيرا إلى أن المعلومات أكدت للعواصم
الغربية بما لا يقبل الشك أن إيران كانت تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية.
ولفت التقرير إلى أن أكبري عاش "حياة مزدوجة" أمام الرأي
العام، وكان يبدو متعصباً دينياً وصقراً سياسياً وقائداً عسكرياً بارزاً في الحرس
الثوري ونائباً لوزير الدفاع، لكن في عام 2004 بدأ يشارك أسرار إيران النووية مع
الاستخبارات البريطانية.
ولم يفقد أكبري ثقة قادة إيران، رغم انتقاله إلى لندن وعمله في القطاع
الخاص، حيث بدا أنه في مأمن حتى عام 2019، حين اكتشفت إيران، بمساعدة مسؤولين
استخباريين روس، أنه كشف عن وجود برنامج إيراني سري لصنع أسلحة نووية مخبأ في قلب
الجبال القريبة من طهران، والذي يعرف باسم فوردو.
وأوضح التحقيق أن اكتشاف فوردو غير فهم العالم للبرنامج النووي
الإيراني، وأعاد رسم خطط الغرب العسكرية والسيبرانية لمكافحته.
وقال نورمان رول، مسؤول الملف الإيراني السابق لدى وكالة الاستخبارات
المركزية الأمريكية، قوله إن اكتشاف فوردو أقنع الصين وروسيا بأن إيران لم تكن
شفافة بشأن برنامجها النووي.
وأكد التحقيق أن إيران اتهمت أكبري بكشف هويات أكثر من 100 مسؤول، لا سيما محسن فخري زادة، كبير العلماء النوويين الإيرانيين الذي اغتالته إسرائيل
عام 2020.
ولم تعترف المملكة المتحدة قط بعمالة أكبري لها، وهو الذي نال
جنسيتها عام 2012.
وقال محلل السياسات الإيراني المقرب من الحكومة والحرس الثوري، فؤاد
إيزادي، إن أكبري "كان شديد الطموح، ومحللاً ممتازاً يملك مهارات كتابية
وخطابية متفوقة، ووثق الناس به. ووصل إلى كثير من المعلومات الحساسة
والسرية حول البرامج النووية والعسكرية".
وبحسب التحقيق، فإن أكبري تولى مهمة طمأنة سفراء المملكة المتحدة
والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا إلى أن بلاده لا تملك برنامجاً نوويا، حين تصاعدت
عام 2004 مخاوف إسرائيل والغرب من عمل إيران سراً على برنامج للأسلحة النووية.
وظل أكبري يتنقل بين طهران ولندن إلى أن سافر إلى العاصمة الإيرانية
للمرة الأخيرة عام 2019، حين أخبره شمخاني أن بلاده في حاجة إليه في مسألة مهمة.
وبعد أيام من عودته، اعتقلته وزارة الاستخبارات بتهمة التجسس، ونصحه شمخاني
بالتعاون مع المحققين لإثبات براءته.
وقبع أكبري في سجن انفرادي تحت الأرض في سجن إيفين سيئ السمعة في
طهران.
وقال مسؤولون إيرانيون بعد إعدامه إن سجانيه أجبروه على إرسال
معلومات مضللة إلى الاستخبارات البريطانية.