قالت صحيفة
واشنطن
بوست، إن
السعودية ومصر، الحليفتان للولايات المتحدة، تستخدمان التهديدات واحتجاز
الرهائن، والمحاكمات، لإسكات
المعارضين، والنشطاء الحقوقيين على الأراضي
الأمريكية.
وقالت الصحيفة في
تقرير ترجمته "عربي21": وجد تقرير مبادرة الحرية، وهي منظمة حقوقية غير
ربحية أسسها الناشط الحقوقي
المصري الأمريكي محمد سلطان، أن القاهرة والرياض
"أصبحتا أكثر إبداعا وجرأة" في تنفيذ القمع العابر للحدود - واستهداف
المنتقدين في الخارج.
ويحاجج التقرير أنه
بينما يعبر السياسيون الأمريكيون كثيرا عن الغضب ويفرضون عواقب ردا على مثل هذه
التكتيكات عندما تكون من جانب خصوم مثل الصين وإيران وروسيا، فإنهم لم يحاسبوا السعودية ومصر بشكل هادف بما
في ذلك السلوكيات التي تنتهك القانون الأمريكي، وتهدد الأمن القومي.
كتب المحامي الأمريكي
جيم والدن في مقدمة التقرير أن النتائج تظهر أن "مراوغة الولايات المتحدة
بشأن الحقوق تشكل تهديدا ملموسا لمواطنينا وشركاتنا ومصالحنا الوطنية".
أثار القتل المروع
وتقطيع أوصال المعارض السعودي وكاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي
على يد مجموعة من القتلة داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018، غضبا
عالميا، إلى جانب الاهتمام بالهجمات على المعارضين خارج البلدان التي ينتقدونها.
وخلصت وكالة المخابرات المركزية بعد الاغتيال إلى أن ولي العهد السعودي الأمير
محمد بن سلمان أمر بها. في عهد الرئيس دونالد ترامب، فرضت وزارة الخزانة عقوبات
على 17 شخصا قالت إنهم متورطون.
وقالت أليسون مكمانوس،
مديرة الأبحاث في مبادرة الحرية، إنه حتى تحت الأضواء الساطعة، "لقد رأينا
الأنظمة الاستبدادية تستخدم نوعا من التكتيكات الجديدة وتزداد جرأة في كيفية
قيامها بالقمع العابر للحدود".
بالنسبة لتقريرها،
أجرت المنظمة دراسة استقصائية شملت 72 شخصا تربطهم علاقات شخصية أو مهنية بمصر
أو السعودية - وكثير منهم مواطنون أمريكيون وأعضاء في الشتات المصري والسعودي -
ترسم صورة للجهود التي تبذلها الحكومتان لترهيب المعارضين والمنتقدين في
الولايات المتحدة.
وأفاد دعاة حقوق
الإنسان وطلاب الدراسات العليا المصريون أنهم تعرضوا للمراقبة من قبل عملاء
مصريين مزعومين في المطاعم والمناسبات العامة في واشنطن. وقال بعض المستجيبين إن
السفارة المصرية حرمتهم من الخدمات القنصلية. وقد تلقى بعضهم تهديدات بالقتل،
أحيانا من قبل المتصلين الذين يعرفون أنفسهم بأنهم ضباط أمن مصريون.
وأشار التقرير إلى أن
مصر قدمت أيضا نشطاء
حقوق الإنسان والمعارضين للمحاكمة غيابيا، مما ترك مواطنيها
الذين يعيشون في الولايات المتحدة غير قادرين على العودة إلى ديارهم.
كما تواصل مصر حبس
اثنين من المقيمين الدائمين بصفة قانونية في الولايات المتحدة، وهما حسام خلف
وصلاح سلطان - والد محمد سلطان - اللذين أعلنت الأمم المتحدة احتجازهما بشكل
تعسفي، بحسب التقرير. وتم منع مواطنين أمريكيين اثنين على الأقل من مغادرة مصر.
واحتجزت السلطات "بشكل متكرر" أفراد عائلات يعيشون خارج مصر انتقاما
لانتقاد الحكومة.
قال شريف منصور، منسق
برنامج لجنة حماية الصحفيين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومقره الولايات
المتحدة، إن أقاربه في مصر تعرضوا للاعتقال والتعذيب بسبب عمله الحقوقي في
الولايات المتحدة. في عام 2020، اعتقلت السلطات المصرية ابن عمه رضا عبد الرحمن،
فيما وصفه التقرير بأنه "عمل من أعمال احتجاز الدولة للرهائن بهدف إسكات
منصور"، وتم الإفراج عن عبد الرحمن في عام 2021 لكنه لا يزال يخضع لحظر
سفر.
قال منصور في مقابلة:
"لقد توقفنا عن التحدث إلى أي شخص في عائلتنا، لسنوات". لم يعد يرسل
لأقاربه في مصر التهاني بمناسبة رمضان.
وقال التقرير إن السعودية احتجزت أو فرضت حظرا على
السفر بشكل غير قانوني على مواطني الولايات المتحدة. أفاد ثمانية مشاركين أن
السلطات السعودية احتجزت أو أخفت أفراد عائلاتهم. قال أربعة إنهم تعرضوا للتتبع
أثناء وجودهم في الولايات المتحدة، وأفاد خمسة بتلقي مكالمات هاتفية أو رسائل
تهديد.
وقال عبد الله العودة،
مدير مبادرة الحرية، وهو سعودي يعيش في الولايات المتحدة، إنه يتلقى بانتظام
تهديدات لحياته على وسائل التواصل الاجتماعي من مستخدمين يشتبه في أنهم يتصرفون
بأمر من الحكومة السعودية.
وفي أحد التعليقات على تويتر هذا الأسبوع،
لقطة شاشة شاركها العودة مع صحيفة واشنطن
بوست، غرد مستخدم تم تعليق حسابه منذ ذلك الحين: "أتمنى أن تعود إلى
السعودية، وسيكون الشعب السعودي في انتظارك، وسيتم شنقك على أعمدة الإنارة في
المطار، وهو الحكم الذي يستحقه كل خائن".
وقال العودة: "لا
أعتقد أنهم يمزحون على الإطلاق"، خاصة بعد أن "أفلتوا من العقوبة على
القتل" في قضية خاشقجي.
وقالت الصحيفة إن هذه
التكتيكات تجعل المعارضين المصريين والسعوديين يشعرون بعدم الأمان، بغض النظر عن
المكان الذي يعيشون فيه في العالم. وأفاد العديد ممن شملهم الاستطلاع أنهم عانوا
من مشاعر العزلة أو الكوابيس المتكررة، أو قالوا إنهم غيروا خطط عملهم أو
دراستهم.
ولم تغير الولايات
المتحدة سياساتها تجاه مصر أو السعودية بشكل جذري ردا على قمعهما للمعارضين في
الداخل والخارج. وحافظ ترامب على علاقات وثيقة مع الرئيس المصري عبد الفتاح
السيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد، حتى بعد مقتل خاشقجي.
وخلال الحملة
الانتخابية، وعد الرئيس بايدن بمحاسبة القاهرة والرياض على انتهاكات حقوق
الإنسان، وتعهد بعدم تقديم "شيكات على بياض" للسيسي وجعل السعودية
"منبوذة" ردا على اغتيال خاشقجي.
وأصدرت إدارته تقريرا
استخباراتيا أمريكيا في عام 2021 يشير إلى أن ولي العهد وافق على الخطة التي أدت
إلى مقتل خاشقجي. كما أعلنت وزارة الخارجية عن قرار حظر خاشقجي، وهو إجراء لفرض
قيود على التأشيرات على الأفراد الذين يقومون، نيابة عن حكومة أجنبية، بأعمال قمع
عابرة للحدود تستهدف الصحفيين أو النشطاء أو غيرهم من المعارضين. في العام
الماضي، أنشأ مكتب التحقيقات الفيدرالي "مركز اندماج" لتنسيق جهود
الوكالة بهذا الشأن.
لكن التقرير قال إن
إدارة بايدن والمشرعين الأمريكيين لم يبذلوا جهودا كبيرة للحد من القمع العابر
للحدود من قبل الحلفاء - مصر والسعودية على وجه الخصوص - على الأراضي الأمريكية
أو ضد المواطنين الأمريكيين.
ويدعو التقرير إلى
تصنيف القمع العابر للحدود باعتباره جريمة بموجب قانون الولايات المتحدة. في
الشهر الماضي، قدمت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين بقيادة السيناتور
جيف ميركلي (ديمقراطي) والسناتور ماركو روبيو (جمهوري من فلوريدا) مشروع قانون
لتحقيق هذه الغاية.