نشرت صحيفة "
لوتون" السويسرية تقريرًا تحدثت فيه عن اعتقال رئيس حزب النهضة
التونسي،
راشد الغنوشي، بتهمة التحريض على التمرد، وهو ما يشير إلى استمرار سياسة
قيس سعيد لقمع المعارضة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس التونسي قيس سعيّد وجّه ضربةً أخرى للمعارضة مساء الإثنين حين حاصر العديد من رجال الشرطة منزل خصمه الرئيسي راشد الغنوشي، زعيم حزب حركة النهضة الإسلامي قبل اعتقاله، معرضا إياه بذلك إلى إذلال إضافي دون أخذ بعين الاعتبار سنه المتقدم (81 عامًا). وقد حدثت عملية الاعتقال أثناء الإفطار في ليلة القدر، أكثر الليالي قداسة في شهر رمضان.
وذكرت الصحيفة أن المدعي العام لوحدة مكافحة الإرهاب يتهم رئيس البرلمان السابق (من 2019 إلى 2021) بالإدلاء بتصريحات مثيرة للفتنة. ففي يوم السبت، وخلال اجتماع لجبهة الإنقاذ الوطني - وهو ائتلاف معارض تهيمن عليه النهضة، العدو التاريخي لبورقيبة ثم بن علي - انتقد الغنوشي محاولة قيس سعيد تكميم أفواه منتقديه قائلا: "تخيلوا تونس من دون النهضة، تونس دون إسلام سياسي. تونس دون يسار أو أي مكون آخر، هي مشروع لحرب أهلية".
وأبرزت الصحيفة أن وزارة الداخلية أغلقت، الثلاثاء، مكاتب الحزبين السياسيين ومنعتهم من تنظيم أي نشاط. وعلى ضوء ذلك، صرح العياشي الهمامي، المحامي والناشط في مجال حقوق الإنسان قائلًا: "نحن ننزلق نحو التحول الديكتاتوري. إذا كانت هناك مقاومة قوية جدًّا، فقد يتراجع قيس سعيد قليلًا. لكن هنا، لا أرى أي مقاومة. يبدو أن السيناريو المصري ينتظرنا".
ومن المفارقات، أنه منذ سنة 2011 ووصول حزبه إلى السلطة، ابتعد راشد الغنوشي عن تطبيق صارم للإسلام السياسي؛ حيث يتطلب هذا التيار أن تكون مبادئ القرآن أساس الدولة. وفي سنة 2016، فرض الشيخ، كما يسميه أتباعه، الفصل بين السياسة والدين داخل النهضة مما أثار استياء أكثر المحافظين. لكن صورة الإسلاميين لا تزال متمسكة بحزب النهضة، لدرجة أن المعارضة اليسارية، بقيادة الاتحاد العام التونسي للشغل المهيمن، مترددة في الاتحاد معه لمحاربة الاستبداد المتزايد لقيس سعيد.
يقول أنور بن قدور، الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل: "نحن نتبنى موقفا يهدف إلى حماية البلاد. لكن الإسلاميين بعيدون تماما عن مواقفنا".
تجدر الإشارة إلى أنه منذ 25 تموز/يوليو 2021 وانقلابه الذي مكنه من الاستيلاء على جميع السلطات، كمم رئيس الدولة جميع الأفواه المعارضة، حيث يوجد حوالي 20 معارضًا من مختلف التوجهات هم في السجن حاليًا ويواجه عشرات منهم عقوبة الإعدام بتهمة "التآمر على أمن الدولة"، لا سيما بسبب لقاءاتهم في السفارات.
ومن جهتها، تندد لجنة الدفاع عن هؤلاء المعتقلين بالملف الفارغ وأكد محام فضل عدم الكشف عن هويته أنه: "حتى بن علي عرف كيف يصنع أكاذيب ذات مصداقية!".
تهدف هذه الاعتقالات إلى صرف انتباه التونسيين عن المشاكل الحقيقية: البطالة [15.7 بالمئة] والتضخم [10بالمئة]؛ إنها تقنية قديمة جدا لكن يبدو أنها لا تزال ناجحة.