مع تفاقم التهديدات الأمنية المحيطة بدولة الاحتلال، تتزايد
مخاوفها من اضطرارها للعمل بمفردها من أجل حماية أمنها المهدّد، مع مزاعم بأن الطريق
لمنع نشوء
إيران نووية يأتي من خلال القضاء على التهديد الصاروخي من لبنان، ولو من
خلال ضربة استباقية.
مع أن القذائف الصاروخية التي أطلقت على فلسطين المحتلة
قبل أيام لم يطلقها
حزب الله، فإنه يريد تعويد الاحتلال على "إسقاط صواريخ"
من التنظيمات الفلسطينية في جنوب لبنان، ما يتيح لها مجالاً لتهديد الاحتلال، باعتبار أن إطلاق الصواريخ جزء من الاستراتيجية الهادفة لتطويق الاحتلال بـ"حلقة نيران صاروخية"
لجعل حياة سكان الكيان بائسة.
البروفيسور أفرايم عنبار رئيس معهد القدس للاستراتيجية والأمن،
أكد أن "الكل يعلم بأن نقطة الضعف
الإسرائيلية هي الجبهة المدنية، والضغط المستمر
عليها سيؤدي لانهيارها، فضلا عن كون التهديد الصاروخي يهدف لردع إسرائيل عن العمل ضد
المشروع النووي الإيراني، مع أن الخلافات الإسرائيلية حول الانقلاب القانوني أدت إلى تآكل
ردع الاحتلال، وأثّرت على التقييم الاستراتيجي للقوى المعادية للاحتلال، ما ساهم بدوره
في توقيت إطلاق الصواريخ الأخير من لبنان وغزة".
وأضاف في مقال نشرته "القناة 12"، وترجمته
"عربي21" أن "إيران سلّحت حزب الله بأكثر من مائة ألف صاروخ تغطي كامل
أراضي فلسطين المحتلة، وبات من الواضح لجميع الإسرائيليين أن هذه "الصواريخ لن
تصدأ"، ويحتمل أن تكون جهود تحسين مخزون الصواريخ هذا ناجحة جزئيًا على الأقل،
تمامًا كما نما مخزون الصواريخ في غزة، وتحسن مع مرور الوقت، ما يزيد من العقبات التي
تعترض التعامل الإسرائيلي مع الملف النووي الإيراني بسبب تهديد هذه الصواريخ التي ستلحق
ضررا كبيرا بالجبهة الداخلية الإسرائيلية".
وأشار إلى أنه "على عكس الوضع في غزة، فإن الرد الإسرائيلي
على تهديد حزب الله ليس مبارزة بين الصواريخ ومنظومة الدفاع الجوي، لأن التعامل مع
هذا المخزون الصاروخي في لبنان يتطلب عملا بريا مكثفا، لذلك فإنه يجب على الجيش الاستعداد
لحرب وقائية في الشمال للقضاء على التهديد الصاروخي للمنشآت الاستراتيجية قبل التعامل
مع الأسلحة النووية الإيرانية، وفي الوقت ذاته تكثيف النشاط العسكري والدبلوماسي للقضاء
على هذا التهديد الصاروخي من الشمال، باعتباره الهدف الوسيط لإحباط البرنامج النووي
الإيراني".
وأكد أن "غزو إسرائيل للبنان برياً لتطهيره من الصواريخ
يتطلب استعدادات دقيقة، من خلال إجراء تدريبات عسكرية في الشمال حصلت في جبال قبرص،
استعدادا للسيناريو اللبناني، كما أعلن ذلك وزير الحرب السابق بيني غانتس في الأيام
الأخيرة، ولعل تركيز جيش الاحتلال على هذه المهمة يستدعي منه استخلاص العبر من حروب
الماضي: 1956، 1967، 1982، 2006.. وكذلك العمليات واسعة النطاق، لأن كل حرب تتطلب موارد
شرعية من الداخل والمجتمع الدولي، بشكل أساسي الولايات المتحدة".
على الصعيد الداخلي، يدعو الكاتب إلى "بناء أجواء مواتية
لمبادرة إسرائيلية في لبنان في أسرع وقت ممكن، لأن انزلاق لبنان إلى الفوضى الداخلية
بالتزامن مع الهجمات الصاروخية من جنوبه يعتبر فرصة لخلق بداية لفهم حاجتها للتحرك
ضد لبنان والحزب معاً، لترميم الانخفاض في الردع الإسرائيلي، لأن الطريقة المثبتة لزيادته
تكمن في استخدام القوة بطريقة فعالة، وإظهار الاستعداد لتكبد الخسائر، وصولا لاستخدام
القوة العسكرية ضد إيران للحفاظ على الموقع الإسرائيلي في المنطقة".
أمير بوخبوط المراسل العسكري لموقع "
واللا" زعم
أن "حزب الله يكشر عن أنيابه، بدليل أنه زاد من جمع المعلومات عن سلاح البحرية، ما يزيد من الخطر الأمني على حفاراته في وسط البحر، بجانب تسليح نفسه بأسلحة متطورة
تم نقلها من إيران وسوريا، بما في ذلك صواريخ ساحلية تشكل خطورة على الاحتلال، الأمر
الذي يشكل تهديدا حقيقيا للحفارات والسفن الإسرائيلية".
ونقل في تقرير ترجمته "عربي21" عن مسؤول أمني كبير
أن "ترسانة أسلحة الحزب باتت تشمل صواريخ ساحلية تهدد السفن والحفارات، وتشير
لنجاحه بنقل أسلحة متطورة من إيران وسوريا إلى لبنان، ما يؤكد تقويته العسكرية، وهي
تقديرات تنضم للعديد من العمليات التي تثير القلق في النظام الأمني الإسرائيلي، بما
في ذلك الكشف عن خطة مشتركة لإيران والحزب والفصائل الفلسطينية لتنسيق الإجراءات ضد
إسرائيل في عدة ساحات، كما حدث في الأسابيع الأخيرة".
وأشار إلى أن "زيادة نشاط الحزب بجمع المعلومات عن الأهداف
البحرية المرئية الإسرائيلية، بما في ذلك السفن والحفارات والبنية التحتية على طول
الساحل أمر مقلق للاحتلال، لأنه يؤكد حصوله على أسلحة بحرية بجانب جهوده للحصول على
صواريخ أرض-جو لتهديد السفن والطائرات التابعة للجيش الإسرائيلي، مع أن أحد أهدافه
الرئيسية هو وضع يده على نظام صواريخ ياخونت روسي الصنع الموجود في سوريا".
يبدو أن الوقت يقترب من اتخاذ الاحتلال لقرار ما إذا كان
سيعمل بمفرده من أجل أمنه، ما يعني، بحسب زعمه، أن الطريق لمنع إيران النووية والانتشار
النووي الخطير في المنطقة يتم من خلال القضاء على التهديد الصاروخي من لبنان.