طرحت زيارة وفد من البرلمان الليبي إلى
روسيا في هذا التوقيت بعض التساؤلات والتكهنات، حول دلالة وأهداف الخطوة التي جاءت
بعد أيام قليلة من زيارة وفد أمريكي للشرق الليبي ولقاء رئيس المجلس،
عقيلة صالح.
وزار وفد برئاسة النائب الثاني لعقيلة
صالح موسكو، والتقى نائب وزير خارجية روسيا ميخائيل بوغدانوف لبحث مشاكل التسوية
الشاملة للأزمة الليبية، وضرورة مواصلة الحوار الوطني من أجل ضمان وحدة الدولة
الليبية وسيادتها.
"دعم التعديل الدستوري"
وقال المتحدث باسم البرلمان الليبي،
عبدالله بليحق؛ إن "رئيس لجنة العلاقات الدولية بمجلس النواب الروسي أكد لوفد
مجلس النواب دعم مجلس النواب والحكومة الروسية لمجلس
النواب الليبي، وترحيبهما
بالتعديل الدستوري الـ13 وتشكيل لجنة (6+6) لإعداد قوانين الانتخابات"، وفق
تصريحه.
وجاءت زيارة وفد البرلمان، المحسوب على
كتلة عقيلة صالح، بعد أيام قليلة من زيارة وفد أمريكي رفيع المستوى إلى الشرق
الليبي، ولقاء عقيلة وحفتر وحثهما على الدفع نحو الانتخابات وسرعة إخراج مرتزقة
"فاغنر" الروس.
فما أهداف تقارب عقيلة صالح مع روسيا
الآن؟ وهل تسبب الخطوة خلافا وصداما مع واشنطن؟
"إفشال مبادرة باتيلي"
من جهته، رأى وزير الدفاع الليبي
السابق، محمد البرغثي أن "كل ما يقوم به مجلس النواب ليس في صالح
ليبيا
وشعبها، وأن كل المحاولات التي يقوم بها أعضاء البرلمان هي مجرد الرد على خارطة
الطريق التي قدمها ويقوم بتنفيذها حاليا ممثل الأمم المتحدة في ليبيا، عبد الله
باتيلي".
وأوضح الوزير في تصريحات
لـ"عربي21"، أن "هذه التحركات جاءت بعدما لاقت مبادرة باتيلي ترحيبا
واسع النطاق لدى الكثيرين، خاصة العسكريين من الطرفين، بعدما اجتمعوا في العاصمة
طرابلس وأكدوا دعم الخطوة والضغط على مجلسي النواب والدولة، فجاءت خطوة زيارة
موسكو كمحاولة للرد على باتيلي"، كما قال.
"تقنين الوجود الروسي"
وقال المحلل السياسي الليبي، إسماعيل
المحيشي؛ إن "هذا الجناح من مجلس النواب له علاقات سياسية مع روسيا منذ بداية
الصراع في ليبيا 2014 وليس غريبا هذه الزيارة، لكن بعد دخول أمريكا في المشهد
السياسي الليبي بشكل قوي، ووجود خريطة طريق دولية تحاول روسيا تبرير وجودها في
ليبيا وتقنين وجودها العسكري".
وأشار في تصريح لـ"عربي21"
إلى أن "هناك تغيرات سياسية على المشهد الليبي، وستكون هناك ضغوطات دولية
لخروج روسيا ومرتزقة فاغنر من ليبيا، وللعلم؛ فداعمو روسيا في ليبيا الآن هم الأضعف، حتى الوفد البرلماني الزائر الآن لا يمثل أي سلطة تنفيذية شرقا أو غربا"،
بحسب كلامه.
وتابع: "لكن مهما يكن الخلاف بين
أمريكا وروسيا، يبقى هناك نقاط متفق عليها في المشهد الليبي، والدليل قرار مجلس
الأمن، الذي يعطي بعثة الأمم المتحدة في ليبيا الإذن بإعداد خريطة الطريق لحل
الأزمة الليبية".
"خطوة طبيعية"
في حين رأى الصحفي من الجنوب الليبي،
إسماعيل بازنكة، أن "زيارة وفد البرلمان إلى روسيا خطوة طبيعية، وتأتي ضمن
سلسلة اللقاءات التي يجريها المجلس في إطار تحشيد دعم من قبل أطراف الصراع الليبي
الداخلية والخارجية لتمرير التعديل الدستوري الأخير".
وتابع: "من المعلوم أن البرلمان
يحظى بدعم روسي وبالتحديد رئيس البرلمان، ومن ثم يستوجب التواصل عن قرب في حال
حدوث أية مستجدات خاصة بعد التحركات الأمريكية الأخيرة، والحديث عن تشكيل معسكر
توافقي يرفض أو حتى يحارب وجود قوات "فاغنر" الروسية في ليبيا، وهو أمر
خطير قد يجدد الصراع في ليبيا"، بحسب تصريحه لـ"عربي21".
"فيتو وتوازن"
الأكاديمي والباحث الليبي، عماد الهصك
قال من جانبه؛ إنه "بعدما خَفَتَ الاهتمام الروسي بالملف الليبي، وبعد دخول أمريكا
بقوة مؤخرا لإرغام الأطراف الليبية بخارطة طريق جديدة تنتهي بإجراء الانتخابات في
أقرب وقت ممكن، فَقَدَ بذلك مجلس النواب حليفا مهمّا، والآن يريد إعادة الدب الروسي
إلى حلبة الصراع الليبي مجددا؛ لخلق حالة من التوازن مع الطرف الأمريكي".
ورأى في حديثه لـ"عربي21"،
أن "الروس لن ينزلقوا مرة أخرى في وحل القضية الليبية، وسيظل تدخلهم في إطار
التصريحات السياسية فقط؛ لأن موسكو لا تريد فتح جبهة جديدة مع القطب الأمريكي، بعدما غاصت أقدامها في الوحل الأوكراني، وستنتقل حالة الصراع إلى أروقة الأمم
المتحدة، عبر تلويح روسيا بحقها في الفيتو ضد أي قرار يهدد مصالحها في الساحة
الليبية".