يشتكي السوريون مع
حلول
رمضان من تضخم جامح يسود الأسواق، حيث تتجاوز كلفة وجبة
إفطار الواحدة لعائلة
من 5 أفراد مبلغ 70 ألف ليرة سورية، أو ما يعادل نصف راتب حكومي شهري.
وأدى ذلك بعائلات إلى
الاستغناء عن الوجبات مرتفعة الثمن، وتحديدا التي تدخل اللحوم فيها، والتوجه إلى
وجبات أقل تكلفة، علما أن تكلفة إعداد طبق "الفتوش" المكون من الخضار
والخبز المحمص بالزيت، باتت تتراوح بين 15- 20 ألف ليرة سورية.
وتقول معلمة المدرسة
السورية عائشة؛ إنها ستعد طبخة واحدة في كل أسبوع؛ لأن وضعها المعيشي لا يساعدها
على إعداد وجبة يوميا، وتضيف لـ"عربي21" أن "كلفة الوجبة الدسمة
لا تقل عن مبلغ 100 ألف ليرة سورية، في حين أن راتبها الشهري الذي تتقاضاه لقاء
عملها مدرسة في إحدى مدارس حلب، لا يتجاوز الـ150 ألف ليرة سورية".
وحول كيفية تدبر باقي
أيام الأسبوع، تشرح المعلمة أنها تكتفي وعائلتها بالأطباق الرخيصة مثل الحمص
والفلافل والفول، والحواضر مثل الزيت والزعتر والزيتون وغيره من الأصناف الموجودة
في المنزل.
ويقول الصحفي
الاقتصادي فؤاد عزام؛ إن نحو 90 في المئة من السوريين، يعانون الفقر، أي إن هؤلاء لا
يستطيعون تأمين أكثر من وجبة غذائية صغيرة في اليوم، أما بالنسبة للحوم والدجاج
والفواكه، فإنها غابت عن المائدة، كغياب الطبق الأبيض أو الشاكرية التي اعتاد
السوريون إعداده في اليوم الأول.
ويفاقم ذلك، وفق حديثه
لـ"عربي21"، أن حكومة النظام تخلت عن مسؤولياتها إزاء إيجاد حلول
للأوضاع المعيشية التي تشتد يوما إثر يوم، موضحا أن "أكثر ما فعلته هو دعوة
أصحاب الأموال والتجار لبذل أموالهم في شهر رمضان؛ للتخفيف من معاناة الفقراء
والحد من تأثير الأزمة العالمية والحصار، بحسب تعبير وزير الأوقاف".
ويضيف عزام أن دعوات
الوزير "تعني أن على الأهالي أن يحلوا أزماتهم بأنفسهم، فلا يملك النظام سوى
استمرار النهب من الجميع لحل أزمته الاقتصادية، مع ما يعنيه ذلك من دوره الرئيس في
هدم المنظومة القيمية للمجتمع، التي كانت تجمع السوريين على موائد الإفطار أو في
الفعاليات الأخرى المختلفة، فسوريا لم تكن على مر التاريخ سوى بلاد خير، لم يكن
فيها جائعون إلا في عهد النظام السوري".
كيف يتدبر السوريون
معيشتهم؟
وحسب الكاتب والصحفي
أحمد عبيد من دمشق، فإن شهر رمضان الجاري يأتي في ظرف هو الأصعب على الإطلاق
بالنسبة للسوريين في الداخل، بسبب سوء الأوضاع المعيشية الصعبة وارتفاع الأسعار
الكبير، في ظل تدهور الليرة السورية وانعدام فرص العمل.
ويوضح
لـ"عربي21" أن أسعار المواد الغذائية ترتفع بداية رمضان من كل عام، لكن
هذا العام جاء ارتفاع الأسعار مضاعفا؛ كون الأسعار ارتفعت بعد الزلزال الذي ضرب
سوريا مطلع شباط/فبراير الفائت بنسبة تقارب 25 في المئة، تبعها ارتفاع مع حلول شهر
رمضان بنسبة 15 في المئة تقريبا، وهو ما زاد من الأعباء على السوريين.
وعلى تأكيد عبيد، فإن
غالبية السوريين يعتمدون على الحوالات المالية الخارجية، التي تصل للأهالي من
أقاربهم في الخارج.
والحوالات التي تصل إلى سوريا، هي في الغالب مبالغ صغيرة (150 دولارا أمريكيا)، يتم تحويلها شهريا من أقاربهم
خارج سوريا، ويقدر عدد المستفيدين من هذه الحوالات بأكثر من 5 ملايين شخص.
وفي هذا السياق، نقل
موقع "أثر برس" المحلي الموالي عن أحد العاملين في شركات التحويل
المالية قوله؛ إن "من كان يرسل مليون ليرة، يرسل مليونين؛ نظرا لصعوبة الحياة
وغلاء المعيشة؛ إذ يضطر معظم الأشخاص في هذا الشهر إلى الاستدانة لسد مصاريفه".
وتابع أن "هذه
الحوالات تؤثر في تحسين درجة المعيشة لعدد واسع من المواطنين، وتساعدهم في شراء
احتياجاتهم من السلع الغذائية، وإجمالي تسليم الحوالات بلغ في الأيام العشرة
الماضية 200 مليون ليرة، ومن المتوقع أن تزداد بمبالغ مضاعفة تزامنا مع قدوم شهر
رمضان".
وإلى جانب الحوالات
المالية، يعتمد غالبية الأهالي على الحصص الإغاثية التي توزعها المنظمات الأممية
والمحلية والخيرية، حيث يضطر الأهالي إلى الانتظار على أمل وصول سلة إغاثية في كل
شهر.