أثارت
الأنباء التي كشفتها صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، عن خطة عربية لإعادة
العلاقات مع النظام السوري مقابل تقديم الأخير بعض المطالب، تساؤلات حول احتمالية تجاوب
النظام معها، وخاصة أن المطالب لم تأت على مطلب رحيل بشار الأسد عن السلطة.
وكانت
الصحيفة قد تحدثت عن خطة (ما زالت في مراحلها المبكرة) قادتها الأردن، تقترح تقديم
مساعدات بمليارات الدولارات للمساعدة في إعادة البناء في
سوريا، وتتعهد بالضغط على
الولايات المتحدة والقوى الأوروبية لرفع العقوبات عن النظام السوري، مقابل تعاون الأخير
مع المعارضة السياسية السورية، والقبول بوجود قوات عربية لحماية اللاجئين العائدين،
ووقف تهريب المخدرات غير المشروع، والطلب من
إيران التوقف عن توسيع وجودها في سوريا.
وبحسب
مصادر الصحيفة الأمريكية فإن الأسد لم يُظهر أي اهتمام بالإصلاح السياسي أو استعداد لاستقبال
القوات
العربية، وكذلك لم تُظهر القوى الغربية أي استعداد لإنهاء العقوبات الصارمة
على انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.
واستدركت
نقلاً عن ذات المصادر بأن "الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في 6 شباط/ فبراير
الماضي أعطى زخماً للمحادثات".
وتعليقاً،
يقول الباحث السياسي في مركز "الحوار السوري" الدكتور أحمد قربي، إن الشروط
التي تحدثت عنها الصحيفة تحتاج إلى التأكيد من مصادر مستقلة، لأن بعضها لا يعد على
أولويات بعض الدول العربية، وخاصة الشرط الذي يتعلق بقبول النظام بالتعاون مع المعارضة
السورية، حيث نأت الرياض بنفسها عن الملف السوري والمعارضة أيضاً.
ويضيف
لـ"عربي21"، أن هذه المطالب عموما تتقاطع مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، أي
إيجاد حل سياسي وعودة اللاجئين وإيجاد بيئة آمنة، وصياغة دستور جديد.
أولويات
مختلفة
وحسب
قربي، فإن ما يهم الدول العربية بالدرجة الأولى هو النفوذ الإيراني في سوريا، مستدركاً بأن "تنفيذ هذا المطلب ليس بيد الأسد ولا نظامه الذي بات ذراعاً لإيران، بمعنى
أن إيران هي التي باتت تتحكم بالنظام وليس العكس".
أما
أولوية النظام السوري، كما يعتقد الباحث، فهي تطبيع العلاقات معه والحصول على الدعم
والتمويل، وبالتالي فقد يعطي النظام بعض الوعود التي لا قيمة لها مقابل الحصول على المكاسب،
وهو ما يجعلنا نعتقد أنه إن صحت الأنباء عن كل ذلك، فغالباً لن يتم تحقيق أي تقدم،
لأن النظام لن يقدم أي شيء، كما فعل مع الأردن بعد التطبيع، فالمخدرات لم تتوقف وملف
اللاجئين بقي مجمداً.
تأثير
عربي محدود
الكاتب
والسياسي المعارض الدكتور باسل المعراوي، يرى في حديثه لـ"عربي21" أن تأثير
الدول العربية في الملف السوري بات محدودا للغاية، وهو ما لا يمكنها من فرض شروط على إيران
صاحبة النفوذ العميق في سوريا.
أما
بخصوص ملف اللاجئين، فيعتقد المعراوي أن هذا الملف يحتاج توافقاً دولياً، ويقول:
"على سبيل المثال لم تستطع أنقرة وموسكو رغم قوة حضورهما في الملف السوري ورغم
انخراطهما في مسار "أستانا" تحقيق أي اختراق فيه".
حظوظ
معدومة
من جانبه،
قلل الباحث في مركز "جسور للدراسات" النقيب رشيد حوراني من حظوظ تجاوب النظام
مع الخطة العربية، لأسباب منها أن تغلغل إيران العسكري بشكل خاص والاقتصادي والاجتماعي
في سوريا ليس وليد الثورة.
وفي
حديثه لـ"عربي21" أشار حوراني إلى عدم امتلاك الدول العربية للخطة البديلة
في حال الفشل، وقال إن الدول العربية لا تمتلك الخطة "ب"، إضافة إلى أن
إيران في ضوء نفوذها في سوريا، وحاجة روسيا لها حتى الآن، تعمل على تعطيل كل ما من
شأنه تحييدها في سوريا.
لكن،
في المقابل، تعتقد صحيفة "وول ستريت جورنال" أن موافقة الرياض على استعادة
العلاقات مؤخرا مع طهران، تعني أن السعودية منفتحة على تغيير المسار السياسي في الشرق
الأوسط، وتسعى إلى إعادة اصطفاف الشرق الأوسط الواسع".