قالت
صحيفة الغارديان البريطانية، إن العلاقة المتقلبة بين
السعودية وإيران،
كانت من أعظم خطوط الصدع الجيوسياسية، منذ الثورة
الإيرانية عام 1979.
وأشارت في افتتاحيتها التي ترجمتها "عربي21" إلى أن الاتفاق
الذي عقد في
الصين، قبل أيام، مجرد بداية، وعلى افتراض أن الصفقة
طبقت، فإن هناك شهرين للتوافق وتحديد التفاصيل، ولن يقود احتواء التوترات السعودية
الإيرانية إلى تقارب عميق، علاوة على إنهاء ويلات لبنان والحرب المتعددة الوجوه
في اليمن.
وقالت إن التنافس بينهما لعب عوامل عدة، منها
مظاهر القلق الأمني، ومزاعم كل منهما بقيادة المنطقة والأمور المتعلقة بالتنافس
الإثني الطائفي.
وكانت تداعيات هذه الخصومة عميقة، فقد أسهمت
التوترات بدعم طهران الكامل لنظام بشار الأسد وغذت الحرب في اليمن حيث قتل فيها
أكثر من 150 ألف شخص، وأسهمت في تفكك الدولة اللبنانية. وقطع البلدان العلاقة بينهما في عام 2016 عندما هاجم محتجون غاضبون البعثة الدبلوماسية السعودية في إيران
احتجاجا على إعدام السعودية نمر النمر رجل الدين الشيعي السعودي.
ولفتت إلى أن المحادثات بين إيران والسعودية
تجرى منذ عام 2021، وفي عام 2019 تعرضت المنشآت النفطية الكبرى في السعودية لهجوم
أدى إلى وقف نصف إنتاج المملكة وزاد من مخاوفها الأمنية.
وأشارت إلى أن الكلفة الضخمة والضرر الذي أصاب
سمعة السعودية بسبب التدخل في اليمن، ودعمها للحكومة المعترف بها شرعيا دفع الرياض
للتوقف. فتحقيق رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان لن يتم بدون
استثمارات أجنبية.
ووسط مخاوف من أن المملكة لا يمكنها التعويل
على دعم الولايات المتحدة المنشغلة في أوكرانيا باتت ميالة للتركيز على منطقة إندو-باسيفيك، فقد كانت الصفقة الأخيرة هي تذكير لإدارة بايدن بأن الرياض لديها
أصدقاء آخرون.
وبالنسبة لإيران فإن المنافع واضحة، فهي خطوة أولى
للخروج من العزلة الاقتصادية والسياسية. وحملت طهران الإعلام الممول من السعودية
مسؤولية تشجيع الاحتجاجات المعادية للحكومة وتريد وقف حملات الإعلام.
وفي الوقت نفسه، موضعت الصين نفسها كبديل
عن النظام الذابل الذي تقوده الولايات المتحدة، وقدمت نفسها بمظهر عراب السلام
المسؤول، بشكل حرف عنها النقد الذي وجه إليها بسبب موقفها الداعم للحرب الروسية في
أوكرانيا.
وقالت الصحيفة إن إيران وعمان، هما اللتان وضعتا الأسس للتقارب وما قامت به الصين هو جمع الأطراف معا، بدلا
من الضغط على الطرفين للتصالح. وبكين هي التي استطاعت في النهاية إقناعهما بتوقيع
اتفاقية، وذلك بسبب شراكتها مع طهران وعلاقاتها التجارية مع الرياض، فهي من أكبر
شركائها التجاريين.
وبالمقارنة فإن علاقة الولايات المتحدة مع إيران،
في أدنى مستوياتها منذ قرار دونالد ترامب الخروج من الاتفاقية النووية.
وقالت الصحيفة: "إنه حتى هذا الوقت فقد ظلت
الصين تتعامل مع الشرق الأوسط من خلال البعد التجاري والاقتصادي ولكنها باتت تفكر
الآن بشكل واسع حول استقرار المنطقة.
ولفتت إلى أن هناك أنباء تفيد بتخطيطها لعقد
قمة بين ملوك الخليج وإيران، وكلما دخلت في المعمعة فستكتشف أن من الصعوبة الحفاظ
على موقف محايد. كما أنه سيعلن دخولها الدبلوماسية مرحلة لن تكون فيها الديمقراطية
وحقوق الإنسان مهمة.
وحاول جو بايدن تقديم عرض عندما سلم بقبضته على
محمد بن سلمان بعدما هدد بتحميل السعودية مسؤولية مقتل جمال خاشقجي، وبالمقابل
أكدت الصين على أهمية عدم تسييس الحالة وتدويلها.
وتساءلت الصحيفة في الختام عن "المستفيد
من هذه الصفقة، وهو أمر علينا انتظاره، ولكن الديكتاتوريين عادة ما يستفيدون من
هذا أكثر من الناس العاديين الذين عانوا من نتائج الخصومة".