حصلت "عربي21" على رسالة مؤثرة من معتقلي مجمع سجون "بدر 3" في
مصر، تحدثوا فيها عن ظروف اعتقالهم القاسية.
وجاء في الرسالة التي وصلت لـ"عربي21" باسم نزلاء "بدر 3" وعددهم 1500، أن حرمان المعتقلين من التواصل مع ذويهم، ومنع الزيارات عنهم، أثر على معنوياتهم بشكل كبير.
وتابعت الرسالة بأنه في حال تم الإفراج عن المعتقلين، فقد لا يتعرف ذووهم عليهم سوى عبر صوتهم، في إشارة إلى أن السجن غيّر أشكالهم بشكل تام.
وتكشف الرسالة أن المعتقلين في "بدر 3" لا يعرفون أي مستجدات عن ذويهم منذ سنوات، بسبب حرمان السلطات لهم من حقهم بالتواصل مع العالم الخارجي، منذ وجودهم في سجن "العقرب" وسجون أخرى.
وأشارت إلى أن السلطات المصرية تريد أن يموت المعتقلون الـ1500 في "قبر كبير" اسمه "بدر 3".
وأضافت الرسالة: "فهل أنتحر حتى يعرف من سجنوني أنني إنسان ولي حقوق وأنتم بشر ولكم حقوق؟!!"".
وفي سياق متصل، بعث معتقلو "بدر 3" برسالة إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، حصلت "عربي21" على نسخة منها، قالوا فيها إنهم يعانون من العزل الكامل عن العالم الخارجي، حيث يقع السجن الحصين داخل قلعة حصينة في صحراء السويس بشرق القاهرة، وليس هناك أي وسيلة مشروعة أو غير مشروعة للتواصل مع العالم الخارجي.
وقام النظام المصري بجمع المعتقلين بسجن شديد الحراسة 1 و 2 بهذا السجن الكبير ليقتلهم بالموت البطيء بعيدا عن سمع وبصر الشعب المصري والمجتمع الدولي، بحسب الرسالة.
وبحسب الرسالة، فإنه منذ افتتاح "بدر 3" في تموز/ يوليو الماضي، تمارس إدارة السجن ضغوطات على المعتقلين، وأساليب تعذيب، عبر إضاءة الزنازين طيلة اليوم، ومنع المعتقلين من التريض والتشميس.
وتابعت الرسالة: "حتى جلسات التحقيق للمحبوسين احتياطيا -والتي كانت المتنفس الوحيد للمعتقلين لمعرفة أخبار أهاليهم من خلال المحامين- يتم عقدها من داخل السجن بخاصية الفيديو كونفرانس، وحتى جلسات المحاكمة في القضايا المحالة يتم عزل معتقلينا في أقفاص انفرادية معزولة بشكل كامل عن القضاة والمحامين".
وبحسب الرسالة، فإن أكثر من 150 معتقلا في "بدر 3" حاولوا الانتحار بعدة طرق، ويعاني بعضهم من حالة صحية حرجة، مضيفة أن "الأخطر من ذلك أن الانتحار أصبح ثقافة تنتشر بين صفوف المعتقلين بعد أن وصلوا إلى مرحلة من اليأس في ظل التخاذل الدولي الواضح، عن الضغط على النظام المصري في ملف حقوق الإنسان".
وكانت السلطات المصرية عاقبت نزلاء "بدر 3" بعد مطالبتهم بإجراء اتصالات مع ذويهم، وذلك بوضع مجموعة منهم في زنازين تأديب، وحرمان البقية من كمية الطعام السابقة، ومن الكهرباء.
وجاء في الرسالة: "المراجعة الدورية لملف مصر في المفوضية السامية تكشف عن كارثة تعيشها مصر منذ عشر سنوات بخصوص معاملة المعتقلين السياسيين، ونثق أن لديكم من الإمكانيات واللوائح والضوابط ما يمنع النظام المصري من الاستمرار في إجراءاته القمعية، ونطالبكم بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية للوقوف على حقيقة الوضع القاتل في هذا السجن سيئ السمعة، وأن تلتقوا بكل المعتقلين - ومعظمهم لم يروا النور منذ سبع سنوات".
وختمت الرسالة بعبارة: "أيها العالم الحر، إما أن تنقذونا أو تشيعونا".
اقرأ أيضا: تفاصيل صادمة في رسالة مسربة جديدة من سجن "بدر3" بمصر
وتاليا نص الرسالتين:
الرسالة الأولى:
رسالة من معتقل إلى أهله.. هل يمكن أن تصل؟
المعتقل: أحمد.. ومحمد.. ومحمود.. وعلي.. وعبد الرحمن.. وعماد.. وسعد.. وسعيد.. وكل الأسماء الموجودة في الكون..
أنا المعتقل الذي يبدأ رقمي من 1 إلى 1500 - وهو عدد نزلاء سجن بدر 3 - هذه الرسالة لأهلي:
لا تقلقوا علي فأنا بخير.. شكلي تغير عن آخر مرة شفتوني فيها.. من 9 سنوات أو 8 سنوات أو 7 أو 6 أو 5 أو 4 أو 3 أو 2 ، ويمكن حتى من شهرين.. ممكن يكون شعري ابيض أو وزني نزل للنص.. بس لسة محتفظ ببعض ملامحي الي تركتكم عليها.. صوتي كما هو إن كنتم لسة تتذكروه من آخر مرة سمعتوه من سنين كتيرة، ويمكن هو الحاجة الي ممكن تعرفوني بها إذا رأيتموني.
أمي؛ كيف حالك؟ هل ما زلت حية أم فارقتي الحياة؟ أحلم بك كل يوم وأنت تصلي وتدعي الله أن تريني قبل وفاتك.. أمي إن كنت حية فلا تقلقي علي فأنا مازلت حيا، وإن كنت فارقتي الحياة فسوف يحاسب الله من حرمك مني وحرمني منك.
أبي الغالي؛ اشتقت إليك.. هل ما زلت على قيد الحياة أم فارقتني أنت أيضا؟ أتذكر آخر مرة شفتك فيها من سنين طويلة وأنت تنظر إلي وقد قوى ساعدي واشتد ظهري، وأنت سعيد بأني سوف أساعدك في شؤون الحياة، وقبل أن تفرح بذلك حرموني منك وحرموك مني.
زوجتي الوفية؛ كيف حالك؟ تركتك وفي رقبتك حمل كبير.. حمل الأولاد وحمل المعيشة.. أخبريني كيف تعيشين؟ من أين تأكلين؟ أعرف أن غيابي عنك طال.. كل هذه السنوات وأنا أحاول أعرف معلومة عنكم وأتذكركم في كل وقت وأعيش معكم حين كنت في العقرب ثم بدر 3.
ولدي الحبيب؛ هل تذكرني؟ فقد تركتك صغيرا، تتعلم حروف الكتابة وتقرأ الفاتحة.. سنوات كثيرة لم تراني.. لا أعرف شكلك كيف أصبح الآن.. هل أصبحت شبهي أم شبه أمك؟ حرموني منك يا حبيب قلبي.. تعرف.. أبني لك صورة في ذهني، ولا أعرف هل صورتي الموجودة في البيت سوف تربطك بي أم لا.. لست غريبا عنك.. أعرف أن أمك وجدك وجدتك يحكون لك عني حتى تعرف أن لك أبا ما زال يعيش.. لم أحرمك يا ابني من قول "بابا" وإنما حرمك منها الذي سجنني وعزلني ويريد موتي في قبر كبير اسمه "بدر 3" .. باحاول أشوفك وأشوف من تبقى من أهلي..
فهل أنتحر حتى يعرف من سجنوني أنني إنسان ولي حقوق وأنتم بشر ولكم حقوق؟!!
وحسبنا الله ونعم الوكيل..
الرسالة الثانية:
رسالة للمفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة من 1500 معتقل بسجن بدر 3 بمصر
السيد المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، نحملكم المسؤولية الكاملة عن حياتنا بسجن بدر 3 بجمهورية مصر العربية، وهو سجن يتواجد به بين 1300 : 1500 معتقل سياسي، حيث يعاني المعتقلون بهذا السجن سيء السمعة من الموت البطيء نظرا لما يمارسه النظام المصري ضد معارضيه السياسيين، ونحن إذ نرسل إليكم بهذه الرسالة قد بذلنا مجهودا خارقا حتى نصل إليكم ولوسائل الإعلام المصرية والعالمية. نعاني نحن المعتقلون من العزل الكامل عن العالم الخارجي حيث يقع السجن الحصين داخل قلعة حصينة في صحراء السويس بشرق القاهرة، وليس هناك أي وسيلة مشروعة أو غير مشروعة للتواصل مع العالم الخارجي. وقد قام النظام المصري بجمع المعتقلين بسجن شديد الحراسة 1 و 2 بهذا السجن الكبير ليقتلهم بالبطيء بعيدا عن سمع وبصر الشعب المصري والمجتمع الدولي.
السيد المفوض السامي لحقوق الإنسان وكل المهتمين بالإنسانية وحقوق الإنسان، منذ تم افتتاح هذا السجن في يوليو/تموز 2022 وهناك ممارسات قبيحة تمارس ضد المعتقلين بدأت بإضاءة الزنازين 24 ساعة في اليوم، مع منع المعتقلين من التريض والتشميس، ومنع خدمات السجن من كافيتريا وكانتين ومغسلة، بالإضافة لمنع الزيارة بشكل كامل وغياب تام للرعاية الصحية، وحتى جلسات التحقيق للمحبوسين احتياطيا -والتي كانت المتنفس الوحيد للمعتقلين لمعرفة أخبار أهاليهم من خلال المحامين- يتم عقدها من داخل السجن بخاصية الفيديو كونفرانس، وحتى جلسات المحاكمة في القضايا المحالة يتم عزل معتقلينا في أقفاص انفرادية معزولة بشكل كامل عن القضاة والمحامين.
السيد المفوض السامي لحقوق الإنسان، الأحوال السابقة دفعت أكثر من 150 معتقل حتى هذه اللحظة لمحاولة الانتحار بطرق متعددة مثل الشنق وقطع الشرايين ومحاولة ذبح الرقبة وتناول عقاقير كثرتها تؤدي إلى الوفاة، وبعض المعتقلين حالتهم حرجة للغاية، والأخطر من ذلك أن الانتحار أصبح ثقافة تنتشر بين صفوف المعتقلين بعد أن وصلوا لمرحلة من اليأس في ظل التخاذل الدولي الواضح عن الضغط على النظام المصري في ملف حقوق الإنسان. وبدلا من أن يقوم النظام المصري بتهدئة الأجواء، فإن وزارة الداخلية المصرية قامت بالتصعيد ضد المعتقلين لإثنائهم عن مطلبهم الوحيد وهو الزيارة، وهو مطلب مشروع وفقا للأعراف والقوانين الدولية والإنسانية، حيث قامت وزارة الداخلية باقتحام الزنازين على المعتقلين ووضع عدد منهم في زنازين التأديب القاتلة، كما تم وقف كل خدمات السجن بما فيها الكهرباء وتقليل كمية الطعام المقدمة للمعتقلين ووقف الخدمات الصحية إلا للحالات الحرجة فقط.
السيد المفوض السامي لحقوق الإنسان، ليس لدينا كمعتقلين من وسائل للإعلان عن خطورة الوضع الذي نعيش فيه سوى تقديم حياتنا ثمنا ليصل صوتنا للعالم الخارجي -ونقصد به كل ما هو خارج سجن بدر 3. إن القانون الدولي والمواثيق الإنسانية المختلفة التي وقعت عليها مصر وأصبحت جزءا من قوانينها الخاصة تحملكم المسؤولية بالكامل والمشاركة الكاملة في جرائم النظام المصري إذا وقفتم متفرجين واكتفيتم ببيانات الشجب والإدانة، وهي البيانات التي لم تفك عزلة المعتقلين أو تحافظ على حياتهم أو تمنع الإجراءات القمعية التي يمارسها النظام المصري ضد مخالفيه في الرأي.
إن المراجعة الدورية لملف مصر في المفوضية السامية يكشف عن كارثة تعيشها مصر منذ عشر سنوات بخصوص معاملة المعتقلين السياسيين، ونثق أن لديكم من الإمكانيات واللوائح والضوابط ما يمنع النظام المصري من الاستمرار في إجراءاته القمعية، ونطالبكم بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية للوقوف على حقيقة الوضع القاتل في هذا السجن سيء السمعة، وأن تلتقوا بكل المعتقلين -ومعظمهم لم يروا النور منذ سبع سنوات.
أيها العالم الحر، إما أن تنقذونا أو تشيعونا.
200 محاولة انتحار
من جانبه نقل المحامي نبيه الجنادي، عن الصحفي المصري المعتقل، أحمد سبيع، توثيقه أكثر من 200 محاولة انتحار داخل السجن الشهر الماضي.
وقال خلال جلسة محاكمته، إن إدارة السجن قامت خلال الأسابيع الماضية بالاعتداء على المعتقلين وتجريدهم من متعلقاتهم الشخصية، بسبب طلبهم فتح الزيارة.
وأكد أيضاً على زيادة وتيرة الانتهاكات ضدهم، بتأخير دخول الأمانات وتقليل كمية الطعام المصروف لهم من السجن، لإجبارهم على التنازل عن مطالبهم، مما حدا على حد قوله، بعدد من المحبوسين إلى محاولة الانتحار للتخلص من هذا التنكيل.
وشهدت الجلسة، حسب محامين، مشادة بين القاضي وجدي عبد المنعم الذي ينظر المحاكمة، وسبيع، حيث قاطع الأول الثاني وعنفه قائلا: نحن لسنا مكتب توثيق وأمر بإدخاله القفص دون السماح له بالحديث مجدداً، ليطالب المحامون على إثر هذه الواقعة، بإثبات ما قاله سبيع في محضر الجلسة، لكن القاضي رفض، وأمر الأمن بإنزال متهمي سجن بدر 3 من القفص، وعدم حضورهم باقي الجلسة.
وحضر المعتقلون إلى المحكمة، وفور دخولهم إلى القفص وبدء الجلسة، قاموا بالطرق على الحديد والزجاج في القفص بشكل كبير من أجل السماح لهم بالخروج والتحدث.
إلى ذلك نشر حساب "حقهم" المختص بالقضايا الحقوقية للمعتقلين في مصر، رسالة جديدة، كتبها معتقلون باللغتين العربية والإنجليزية.
وتستعرض الرسالة جانبا من معاناة المعتقلين، الذين قالوا إن أشكالهم تغيرت، بفعل الانتهاكات وفترة السجن الطويلة، إضافة إلى حديثهم مع زوجاتهم وأمهاتهم عن أحوالهم داخل السجن، وما يعانونه من قهر واضطهاد.