شهدت دولة الاحتلال
على مدار شهرين منذ تشكيل الحكومة، مقتل 14 مستوطنا، فيما انطلقت الصواريخ من غزة
في ظل سياسة أمنية متلعثمة ومتراخية، تماما مثل الحكومة السابقة، في وقائع دفعت إلى تصاعد دعوات
إسرائيلية لتغيير وزير الحرب يوآف غالانت، باعتباره غير ناجح في
مهامه، لأنه منذ توليه منصبه الجديد فإن الإسرائيليين لا يتمتعون بالأمن.
أفيعاد غادوت مدير
منظمة "العقيدة القتالية"، زعم أن "مبرر هذه الدعوة أن جيش
الاحتلال المكلف بحماية حدود الدولة من مخاطر إيران وسوريا وحزب الله والأراضي
الفلسطينية، يواجه تحديات بتصدعات نظرية "الجدار الحديدي"، لأن المقاومة
الفلسطينية تبدو في تصاعد، ودون عوائق، ففي القدس والضفة الغربية يمكن لأي مسلح
فلسطيني أن يقتل الإسرائيليين بأسرع مما يشاء، يسير المسلحون في الشوارع في وضح
النهار دون خوف، وينفذون عمليات إطلاق نار على الطرق، حيث يسافر المستوطنون،
وينجحون في القيام بذلك".
وأضاف في مقال نشره
موقع "ناو14" العبري، وترجمته
"عربي21" أن "السياسة الأمنية للحكومة اليمينية الحالية هي كما الحكومة
السابقة، مع فارق مهم أن نفتالي بينيت ويائير لابيد صديقان لليسار، أما الحكومة
الحالية فتنتمي للكتلة اليمينية، والنتيجة هي ضعف المنظومة الأمنية الموكلة لأجهزة
الشاباك والشرطة والجيش، بالتزامن مع انضمام رؤساء الأركان السابقين للاحتجاج على
التغييرات القانونية، ما يعني كشف نفاقهم، وإلحاقهم الضرر الجسيم بالجيش، وقد
وصلت هذه الظاهرة الخطيرة إلى ذروتها اليوم برفض خطير للغاية من الطيارين، وكبار
مسؤولي المؤسسة الأمنية".
وأشار إلى أنه
"في غمرة هذا الواقع الأمني المعقد، فإن الحكومة العازمة على تعزيز الاستيطان
في الجليل والنقب والجولان والضفة، لم تنفذ أجندتها في ظل محاولات وزير الحرب
غالانت انتهاك الاتفاقات الائتلافية الموقعة، ويواصل وضع العصي في عجلات الجيش،
والنتيجة أن الاسرائيليين ما زالوا عالقين مع هذه الإدارة الفاشلة من قطاع الأمن،
من قبل غالانت نفسه، الذي يواصل رفضه "الوقح" للمشاريع الاستيطانية،
وتدميره الموجه للبؤر الاستيطانية وإخلائها، والتراخي الرهيب في مواجهة الهجمات
الفلسطينية التي لا تنتهي كل ساعة".
واتهم الكاتب
"غالانت بالمسؤولية عن تردي الواقع الأمني للإسرائيليين، ليس لأنه يساري، لكن
لأن من يدير قوات الجيش في
الضفة الغربية هو قائد المنطقة الوسطى الجنرال يهودا
فوكس، صاحب وجهة النظر المنحرفة، وإلقاء اللوم على المستوطنات واليهود في المقاومة
الفلسطينية المتصاعدة، وهو ينضم لذات اللهجة المروعة لكبار قادة الجيش الذين هم
أسرى لمفهوم اتفاق أوسلو، والنتيجة أن آراءهم وتوصياتهم تشوه سمعة مرتدي الزي
العسكري من خلال أكاذيب المتحدث باسم الجيش".
وأوضح أن "الجيش
بقيادة غالانت يتذرع بعدم توفير أسلحة للمستوطنين وجنود الاحتياط لمواجهة الهجمات
الفلسطينية المسلحة، وفي الوقت ذاته يواصل سياسة الاعتقالات الإدارية ضد
المستوطنين المتهمين بتنفيذ جرائم ضد الفلسطينيين، بناءً على توصية رئيس الشاباك
رونين بار، ونتيجة لهذه القرارات السياسية فإن المسلحين الفلسطينيين يتجولون
بحرية، لأن غالانت ذاته مطالب بأن يقاتل سياسيًا المنظومة اليسارية التي يتولى
مسؤوليتها داخل الجيش، وإلا فسيضطر لقتال الناخبين الذين أرسلوه للكنيست والحكومة".
وزعم أن "جنود
الجيش المنتظمين في الميدان ما زالت أيديهم في مواجهة الفلسطينيين مقيدة
بالتعليمات الوهمية الصادرة عن غالانت، ولذلك فإن الجمهور الإسرائيلي بات على
قناعة بأنه في اللحظة التي لا يكون لديه فيها حكومة يمينية بالكامل، فمن الطبيعي
ألا يكون فيها وزير حرب جدير لأنه لا يطبق سياستها اليمينية".
وتبدو مثل هذه
المطالبة اليمينية الإسرائيلية باستبدال غالانت غريبة ولافتة، لأنه جنرال عسكري،
وصاحب آراء ومواقف معادية للفلسطينيين، لكن اليمين الفاشي الحالي يريد وزيرا
منفلتا من عقاله، ينفذ سياسة دموية بلا حدود، الأمر الذي يعني كشف دولة الاحتلال
على حقيقتها، أنها عنصرية وقاتلة، وهو ما يسعى الجيش والمستوى السياسي لمنعه عبر عدم صدور
هذه الصورة في أبشع تجلياتها.