اقتصاد عربي

"سرقة القرن" في مصر.. منصة إلكترونية تستولي على 6 مليارات جنيه

تبخرت الأموال ولا يعرف مصيرها- (متداولة على مواقع التواصل)
شغلت قضية احتيال إلكتروني بمليارات الجنيهات، خلال اليومين الماضيين، الرأي العام المصري باعتبارها إحدى أكبر جرائم النصب الإلكتروني في مصر والتي راح ضحيتها آلاف المواطنين الذين تورطوا في التعامل عبر منصة وتطبيق إلكتروني للاستثمار.

وفي الآونة الأخيرة، ذاع صيت منصة رقمية تدعى "هوج بول - Hoggpool" لتعدين العملات الرقمية الافتراضية، تحديدا في صيف عام 2022، وأقبل عليها الكثير من المستخدمين للتربح منها من خلال الهواتف المحمولة والكمبيوتر وتحقيق أرباح سريعة بالعملة المحلية والدولار.


وتفاجأ المشتركون قبل أيام، باختفاء المنصة والتطبيق؛ وبالتالي اختفاء مركز خدمة العملاء على الهواتف، وتبخر ما يقرب من 6 مليارات جنيه من أموال المتعاملين، بحسب مواقع ووسائل إعلام محلية.



وفقا لإرشادات وتعليمات بعض البنوك المحلية، فإن الهجمات الرقمية تشهد تزايداً في استخدام الأدوات المتطورة المتاحة في السوق الإجرامي الافتراضي على الإنترنت، على الرغم من أن غالبية المجرمين يمتلكون قدرات تقنية بسيطة جداً، إلا أنه مع تطوير بعض الجماعات الإجرامية لأنشطتها، فإن الجرائم الإلكترونية تتطور أيضاً وتنمو بسرعة.

تبخر 6 مليارات جنيه

وتوافد المئات من المواطنين على مديرية أمن القاهرة لتقديم بلاغات ضد المنصة المزعومة التي احتالت عليهم، وسط غضب كبير من سرقة أموالهم، والسماح لمثل تلك المنصات بالعمل دون رقابة أو تسجيل رسمي يسمح برصد نشاطهم ومراقبته.

وطالما انتشرت في مصر ظاهرة توظيف الأموال في مصر عبر أشخاص يطلق عليهم "المستريح" والذين يوهمون الناس بالحصول على أرباح كبيرة مقابل إيداع مبالغ مالية لديهم لتشغيلها في التجارة، وصرف أرباح شهرية لهم أعلى بكثير من البنوك ثم يكتشفوا وقوعهم في فخ "مستريح" جديد.

ولكن مع التطور التقني زادت عمليات النصب والاحتيال الإلكتروني وخاصة النصب عن طريق استخدام مواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة للوصول إلى المواطنين والاستيلاء على أموالهم من خلال تطبيقات ومنصات غير رسمية تستغل حاجة الناس ورغبتهم في تحسين دخولهم.

كيف يتصرف ضحية الاحتيال؟

المنصة ليست الأولى التي تقوم بالاستيلاء على أموال المواطنين، وسبق أن وقعت أحداث مشابهة ولكنها بمبالغ أقل بكثير من المبلغ الذي تداوله وسائل الإعلام المحلية، ففي حزيران/ يونيو الماضي تمكنت الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة بقطاع مكافحة جرائم الأموال العامة والجريمة المنظمة من ضبط مجموعة أشخاص احتالوا على مواطنين بمبالغ تتجاوز الـ5 ملايين جنيه.

روجت تلك المجموعة لأحد التطبيقات الإلكترونية عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة من خلال سداد رسوم اشتراك شهرية وإيهامهم بتحقيق أرباح مقابل قيامهم ببعض الأنشطة البسيطة على الشبكة العنكبوتية ثم تفاجأوا بإغلاق التطبيق والتوقف عن سداد الأرباح للمشتركين والاستيلاء على أصول أموالهم.


وبخصوص الإجراءات التي يجب القيام بها عند التعرض لنصب إلكتروني، يوصي مساعد الوزير لشرطة الإنترنت اللواء محمود رشيدي، بالتوجه مباشرة إلى مباحث الإنترنت والتقدم ببلاغ رسمي والاحتفاظ بكل ما يتعلق بالجريمة سواء كانت مسموعة أو مرئية من صور، أو فيديوهات، أو محادثات.

وبحسب تصريحات صحفية للمسؤول الأمني، فإن مباحث الإنترنت تتواصل مع الجهات مقدمة خدمة الإنترنت في مصر للوصول إلى مكان المتهمين ومن ثم القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة وفقا للقانون 175 لسنة 2018 قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

هل يحمي القانون الضحايا؟

يقول المحامي بالاستئناف ومجلس الدولة، محمد الشوادفي، إن "القانون المصري تنبه لجرائم الإنترنت من بينها النصب والاحتيال وأصدر قانون مكافح جرائم تقنية المعلومات رقم 157 في عام 2018 وتتضمن عقوبات بالحبس والغرامة أو كلاهما".



وأضاف لـ"عربي21": "لكن في حالات النصب الإلكتروني المختلفة وضح القانون عقوبة أكثر تشديدا حيث تصل إلى الحبس لمدة سنة وسنتين وتصل إلى 5 سنوات بالإضافة إلى غرامة تتراوح بين 100 ألف جنيه و 500 ألف جنيه أو إحدى العقوبتين".

ولفت الشواد في إلى أن "تكرار حوادث الاحتيال والنصب على المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي باتت ظاهرة آخذة في التوسع وتهدد بوقوع ضحايا أكثر في حال عدم توقيع عقوبات رادعة على المحتالين والنصابين خاصة أولئك الذين يستغلون حاجة الناس في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة".

الاستثمار في الإنتاج لا المضاربات

ويقول خبير التمويل والاستثمار الدولي، الدكتور علاء السيد، إن العالم يشهد عصرا جديدا من التحول الرقمي عبر تطور تكنولوجيا البرمجيات والتطبيقات التي باتت سمة العصر الحديث، وأباح الشرع الإسلامي التعامل معها ومواكبة التطورات العصرية للتعاملات المالية والتجارية، لكن حياد بعض الشركات عن الأصل في الغرض من تلك المنصات والتطبيقات والاحتيال على المواطنين هو انحراف عن الغرض الشرعي للتطبيق".

واعتبر في حديثه لـ"عربي21": أن "المنصة أو التطبيق المزعوم ربما يكون أفلس في ظل المعارك بين مؤيدي التحول الرقمي الكامل بما فيه من توجهات تعارضها الكثير من الدول لأنه يسحب البساط من تحت أقدامها ويقوض نفذوها المالي، وبين معارضي هذا التحول، وبالتالي فإن الحديث عن الاحتيال والنصب قد يكون مفيد للاتجاه الآخر من أجل استمرار هيمنة الحكومات المالية".

ودعا خبير التمويل الحكومات إلى "إتاحة أوعية ادخارية استثمارية للشباب تدخل في العملية الإنتاجية بحيث لا يضعون مدخراتهم المتواضعة في مثل هذه الأشياء وإنما في استثمارات حقيقية سواء من خلال مكاتب البريد أو مصارف وشركات إسلامية وتساعد على زيادة الإنتاج ومحاربة البطالة وزيادة الدخل بشكل مشروع واقتصادي وتحارب معدلات الفقر ونسب التضخم".