نشر موقع
"
بلومبيرغ" تقريرا حول قوة الدعم الروسي لحرب الرئيس فلاديمير
بوتين في
أوكرانيا، معتبرا أن الكرملين واثق من القدرة على الاستمرار في القتال، بعد دخول
الغزو الروسي عامه الثاني.
وقال التقرير؛ إن التحولات التي جرت على المجتمع الروسي بسبب الحرب كانت متأخرة، فقد أطلق الزعيم
الروسي العنان لموجة من القمع، لم تمر على البلاد منذ الاتحاد السوفيتي.
ولتقوية الدعم، قامت حكومة بوتين بمنح أموال للمناطق الفقيرة من البلاد، وإغلاق ما تبقى من مؤسسات
إعلامية مستقلة، تتحدى الرواية الرسمية عن الأحداث.
وفي التغطية
الإعلامية السخية للأحداث، التي تشرف عليها الدولة، احتفظ بوتين بصورة أن الحرب
تجري في مكان بعيد ومن النادر ما يتم الإشارة إليها بالاسم، وتركز بدلا من ذلك على
النجاحات الاقتصادية والمنافع الحكومية الجديدة والعيادات وإصلاحها وفرشها.
وكانت هذه هي
رسالة خطاب الأمة الذي ألقاه هذا الأسبوع، حيث حمل الولايات المتحدة وحلفاءها
مسؤولية الحرب، بدون أن يقدم ولو إشارة عن نهايتها. وبدلا من ذلك، قدم بوتين
منافع جديدة للمحاربين القدماء وعائلاتهم، وأكد أهمية التجربة فيما وصفها
"أفضل مدرسة في الحياة".
وتركت الرسالة
حتى هذا الوقت أثرها، فرغم استمرار الحرب مدة أطول من الأيام القليلة التي توقعها
الكرملين في البداية، ورغم زيادة أعداد القتلى بين القوات الروسية إلى عشرات
الألاف، إلا أن غالبية الروس عبروا عن استعدادهم لاستمرار القتال، حسب استطلاعات
مستقلة.
وهناك نسبة
الخمس من الروس التي تريد نهاية الحرب، لو كان هذا اعترافا بالهزيمة حسب مستشار في
الكرملين.
وبحسب منظمي
استطلاعات، فإن رواية بوتين عن أن
روسيا تخوض حربا ضد "الغرب بكامله"، هي
رواية تبناها بعد الفشل في احتلال كييف، يتردد صداها بين الروس في كل أنحاء
البلاد، وأكثر من الزعم الأولي بأن الهدف من العملية العسكرية الخاصة، هو الإطاحة بحكومة
كييف.
وحقيقة عدم
مشاركة الولايات المتحدة في الحرب مباشرة لم تؤثر على هذا الإيمان. وبحسب أشخاص
على معرفة بتفكير القيادة الروسية، فالدعم القوي للحرب يعزز من ثقة الكرملين بأنه
يستطيع مواصلة الحرب والتغلب على أوكرانيا وحلفائها، حتى لو اقتضى هذا تضحيات عظيمة.
ومنذ وصوله
إلى السلطة عام 2000، عمل بوتين على تقوية سيطرته على المجتمع ليكون جاهزا لهذا
النوع من النزاع، حيث سحق كل التهديدات لسلطته، وأخرج معارضيه من المعادلة وقضى على
أية موقف معارض.
ومنذ إرساله
جيشه إلى أوكرانيا قبل عام، زادت جهود السيطرة على المجتمع بمعدلات كبيرة، ويحضر
طاقمه الآن لحملته الانتخابية للرئاسة عام 2024، بحيث سيظل في الحكم حتى عام 2030.
وظل الكرملين على مدى عقدين يبني "غالبية بوتين"، عشرات الملايين من الروس الذين يؤمنون أن ضابط كي جي بي يعرف الأفضل لبلدهم، وأن هذه الغالبية لا تزال صلبة وجاهزة
لأي قرار يتخذه.
ويرى
المستطلعون أن أي شيء يقرب الحرب للعمق الروسي، مثل حملة التعبئة الجزئية لـ
300.000 جندي في العام، تزيد من القلق ودعم تسوية تفاوضية للحرب.
وتحولت النخب
المتعلمة في المدن الكبرى، التي لم تظهر أي عداء للغرب عن مواقفها أو تم محوها.
أما الجيل الصاعد من الروس والمهنيين، فقد غادروا البلاد في هجرات جماعية لم تشهد
البلاد مثلها منذ تسعينيات القرن الماضي. أما النخب التي اعتبرت مرة ليبرالية، فقد
أجبرت على السكوت خوفا من الانتقام أو تبنت رواية الكرملين المعادية للغرب.
وقال سيفتلانا
إربيليفا من "مخبر علم الاجتماع العام"، وهي مجموعة من الباحثين تقوم
بمقابلات مع الروس، تضمن لهم السرية وتحاول فهم مواقفهم من الحرب: "بالنسبة
للكثيرين، بات من الصعب الالتزام بموقف محايد"، و"يشعرون بضغط الجو
المحيط بهم وقرروا الدعم".
ونظرا لتشدد
المواقف المؤيدة للحرب، فبات الروس المستعدون لنقدها، مترددين في الحديث عنها حتى
في التجمعات الخاصة.
وبعد اعتقال
الآلاف في بداية الغزو، قال الناشط إيفان جدانوف؛ إن الغضب يغلي تحت السطح، لكنه
محدود وسط القمع والنشاطات الهامشية المعادية للحرب مثل الغرافيتي والقرصنة.
وبعد زيادة
القلق من حملات التجنيد في 21 أيلول/سبتمبر تحرك الكرملين لتخفيف أثر الحرب على
الروس. ويقول المستطلعون؛ إن القلق خفّ قليلا وظل الدعم للحرب تعبيرا عن استسلام
للوضع. لكن أفعال السكان المحليين دعما للقوات على الجبهة في تزايد مستمر.