نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرًا تحدث فيه عن الخطر الذي يشكله ميل القائمين على
كرة القدم السعودية لشراء اللاعبين الأجانب على الاهتمام بتطوير
المواهب المحلية، مؤكدًا على ضرورة فرض توازن ما حتى لا يتم إهمال المواهب السعودية الشابة.
وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "
عربي 21"، إن كرة القدم السعودية تمر بإحدى أكثر فتراتها نجاحًا؛ منذ الفوز التاريخي على الأرجنتين في كأس العالم وحتى وصول نادي الهلال إلى نهائي كأس العالم للأندية.
وبعيدًا عن الأضواء العالمية، كان هناك المزيد من الانتصارات على مستوى الشباب؛ حيث فاز فريق الصقور الخضراء العام الماضي بكأس آسيا تحت 23 سنة، مما يشير إلى مستقبل إيجابي للمنتخب.
ومع وعود المسؤولين بأن المزيد من الأسماء الكبيرة ستتبع رونالدو في الدوري المحلي، فإنه من الصعب ألا تنشغل بالإثارة التي تحيط بكرة القدم السعودية حاليًا.
وأوضح الموقع أن المسؤولين في المملكة يتعين عليهم فرض توازن للتأكد من أن تنمية المواهب المحلية والمنتخب الوطني، لا يعوقها تدفق اللاعبين الأجانب القادمين إلى الدوري السعودي للمحترفين؛ فقد خفف الدوري السعودي للمحترفين في السنوات الأخيرة القواعد المتعلقة بعدد اللاعبين الأجانب المسموح بهم، بهدف زيادة الاحتراف ومستوى اللعبة المحلية.
وبيّن الموقع أنه حتى أواخر موسم 2016-2017؛ سُمح بأربعة لاعبين فقط لكل فريق بينما حُظر التعاقد مع حراس المرمى الأجانب، لكن هذه الحصة ازدادت تدريجيًا في السنوات التالية؛ حيث يُسمح الآن بثمانية لاعبين أجانب لكل فريق بما فيهم حراس المرمى.
وأضاف الموقع أنه بالنسبة لدوري مليء بالمدربين الأجانب الذين يسعون إلى تحقيق نجاح فوري، فإن تطوير المواهب المحلية يعد أولوية متأخرة بالمقارنة مع المتطلبات الفورية للفوز بالمباريات، مما يعني أن جميع الأندية تقريبًا تستفيد بالكامل من الحصة المسموح بها، متسائلًا: هل تؤدي هذه السياسة إلى نتائج عكسية لهدف تطوير المواهب السعودية المحلية؟
فرص قليلة للاعبين الشباب
وألقى الموقع الضوء على ما اعتبره جون دويردين، الكاتب البارز في كرة القدم الآسيوية، تطورًا مقلقًا في النصر يبرز التحدي الذي يواجهه العديد من اللاعبين المحليين؛ حيث كان من الملفت بالنسبة لجون عدم حصول حارس المرمى السعودي نواف العقيدي، رغم تقديمه أداءً جيدًا للمنتخب الوطني في كأس الخليج، على فرصة بعد إصابة الحارس الكولومبي أوسبينا، وبدلًا من ذلك، تم تجنيد الأرجنتيني المعار.
وقدم أيضًا تحليل الموقع لبيانات الفريق الفائز بكأس آسيا 2022 للسعودية تحت 23 سنة صورة مقلقة لهذا الجيل من اللاعبين السعوديين؛ حيث شارك نصفهم في أقل من 10 مباريات في الدوري حتى الآن هذا الموسم.
ووفق الموقع فقد حلل تقرير حديث صادر عن مرصد كرة القدم بالمركز الدولي للدراسات الرياضية ومقره سويسرا بيانات من 60 بطولة من جميع أنحاء العالم لتقييم النسبة المئوية لدقائق المباريات التي يلعبها اللاعبون الذين تقل أعمارهم عن 21 سنةً منذ كانون الثاني/يناير 2021 وحتى آذار/مارس 2022، وقد احتلت السعودية فيه المرتبة الأخيرة من بين جميع الدول الستين، بنسبة 1.6 بالمائة فقط.
إيجابيات وسلبيات
وذكر الموقع وفقًا لخبيره في كرة القدم بالشرق الأوسط، وائل جابر، أنه رغم أن السماح لكل فريق بثمانية لاعبين أجانب يأتي بالتأكيد على حساب المواهب المحلية، إلا أنه يشعل المنافسة داخل كل فريق.
ويرى جابر أن اللاعبين القلائل الذين يشقون طريقهم في الأندية الكبرى، سيكونون أكثر قدرة على المنافسة ضد المواهب الدولية، وهو الأمر الذي يخدم المنتخب الوطني بشكل جيد.
وبحسب الموقع؛ فيُعتقد أيضًا أن اللاعبين السعوديين الدوليين ومن هم على هامش المنتخب الوطني ينتقلون إلى أندية أصغر سعياً وراء كرة القدم العادية، الأمر الذي قد يرفع من مستوى تلك الأندية.
وأعطى الموقع مثالًا على صحة كلام جابر والذي ظهر في السنوات الأخيرة من مسيرة مهاجم المنتخب الوطني فراس البريكان؛ فبعد معاناته في نادي النصر حتى موسم 2021-22، وتسجيله أربعة أهداف فقط في 28 مباراة على مدار أربعة مواسم؛ استطاع تسجبل 19 هدفًا في 43 مباراة بعد أن اختار أن يترك عمالقة الرياض إلى المنطقة الأكثر تواضعًا في نادي الفتح.
تصدير واستيراد المواهب
وأفاد الموقع أن مسألة المواهب السعودية التي تلعب في الخارج تظل بمثابة الفيل الذي في الغرفة، نظرًا لندرة اللاعبين السعوديين الذين يتطلعون إلى نقل مواهبهم إلى أي مكان في العالم، فبينما تتطلع المملكة إلى البناء على النجاحات الأخيرة، فإن السؤال هو ما إذا كانت بحاجة إلى تصدير اللاعبين، لا سيما إلى أوروبا.
ونقل الموقع عن إبراهيم القاسم، الأمين العام للاتحاد السعودي لكرة القدم قوله إن كأس العالم الأخيرة أثبتت أن لاعبي السعودية لديهم ما يلزم للمنافسة على أكبر المراحل العالمية وضد لاعبين من الطراز العالمي، مضيفًا أن الدوري السعودي يضم الآن نجومًا من جميع أنحاء العالم، لذا فإن اللاعبين يختلطون مع الفائزين السابقين بدوري أبطال أوروبا، والدوري الإسباني، والدوري الإنجليزي الممتاز، مما يؤدي إلى تطويرهم.
ولفت الموقع أن جابر يتفق مع وجهة النظر هذه؛ حيث يعتقد أن اللاعبين السعوديين لا يحتاجون بالضرورة إلى اللعب في أوروبا للتحسين، ويرى أن التحسينات عبر النظام البيئي، من التدريب إلى البنية التحتية إلى أسلوب حياة اللاعبين واحترافهم؛ يجب بناؤها داخل الدولة.
وأشار الموقع إلى أنه رغم صحة اعتزاز القاسم بالاحتفاظ بأفضل لاعبيه داخل المنافسة المحلية، فإنه يدرك تمامًا فوائد إرسال اللاعبين إلى الخارج، فنجاح لاعبين مثل محمد صلاح ورياض محرز في أكبر مراحل أوروبا، والتأثير الإيجابي اللاحق على منتخباتهم الوطنية والمشجعين العرب، أمر لم يَفت عليه.
واختتم الموقع التقرير بما قاله القاسم من أن الاتحاد السعودي لكرة القدم يخطط لتنمية المواهب من اللاعبين السعوديين من خلال التدريب الإقليمي والاستثمار على مستوى القاعدة، بحيث يكون هناك عدد متساوٍ من المواهب يلعبون في الخارج والمحلي في المستقبل.