وصف المستشار
الإعلامي للمجلس النرويجي للاجئين بالشرق الأوسط، أحمد بيرم، الجهود والمساعدات
الدولية التي يجري تقديمها لمواجهة آثار
الزلزال المُدمر الذي ضرب
تركيا وسوريا بـ
"الخجولة والمتواضعة"، داعيا لضرورة العمل على زيادة تلك
المساعدات في
أقرب وقت تفاديا لتفاقم الأوضاع.
وأوضح بيرم،
في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "التمويل يعتبر مشكلة كبيرة لعملية
الاستجابة لدى المنظمات الدولية؛ فالكثير من تلك المنظمات تطالب بمخصصات إضافية
لمحاولة تلبية حاجات الناس؛ فحتى هذه اللحظة هناك من الناس مَن لم يصله صندوق مواد
غذائية واحد، أو حتى غطاء، فبالرغم من قرارات المساعدة فإننا لم نشهد تطبيقا على
الأرض".
وفي 6 شباط/
فبراير ضرب زلزال مزدوج جنوب تركيا وشمال
سوريا بلغت قوة الأول 7.7 درجات والثاني
7.6 درجات، وآلاف الهزات الارتدادية العنيفة، ما خلّف خسائر كبيرة بالأرواح
والممتلكات في البلدين.
وتاليا نص
المقابلة الخاصة مع "عربي21":
ما تداعيات
الزلزال المُدمر الذي ضرب تركيا وسوريا على أزمة الغذاء؟
أزمة الغذاء
كانت متفاقمة بالأساس قبل وقوع الزلزال، خاصة مع تزايد الأسعار في المناطق
السورية، وقد علمت من أحد الأشخاص -قبل أيام- أن هناك غلاء هائلا في المواد
الغذائية، حتى ارتفعت معها أسعار تأجير المنازل. وعلى سبيل المثال زاد سعر طن
الدجاج مئات الدولارات بالرغم من حملات الإطعام، ويرجع السبب في ارتفاع الأسعار
إلى إغلاق المعابر لعدة أيام، ومن أسباب تفاقم الأزمة أيضا: ذلك الدمار الذي لحق
بالمراكز الحيوية مثل المخابز، والمطاعم مما أثّر على توفر المواد الغذائية.
ما رؤيتكم
للجهود والمساعدات الدولية التي يجري تقديمها لمواجهة آثار الزلزال؟
الجهود
والمساعدات المُقدمة حتى الآن "مساعدات خجولة ومتواضعة"؛ فبالرغم من
كثرة القرارات المُتخذة، إلا أن التطبيق على الأرض لا يكون بنفس الغزارة، ولا بنفس
الكيفية التي تُطبق بها القرارات في بلد مثل تركيا على سبيل المثال.
يعتبر التمويل
مشكلة كبيرة لعملية الاستجابة لدى المنظمات الدولية؛ فالكثير من تلك المنظمات
تطالب بمخصصات إضافية لمحاولة تلبية حاجات الناس؛ فحتى هذه اللحظة هناك من الناس
مَن لم يصله صندوق مواد غذائية واحد، أو حتى غطاء، فبالرغم من قرارات المساعدة
فإننا لم نشهد تطبيقا على الأرض، وإنما نشهد شحا واضحا في التمويل وفي حجم
المساعدات المُقدمة.
كيف تقيمون
بشكل خاص جهود مؤسسات التمويل الدولية في التصدي لتداعيات هذا الزلزال؟
أطلقت الأمم
المتحدة نداءً لجمع 400 مليون دولار لتفادي آثار الكارثة، وربما تكون هناك أرقام
أخرى خلال الفترة القادمة، وستظهر وعود التمويل بشكل واضح.
ومنذ التاسع
من شباط/ فبراير وحتى الآن دخلت أكثر من 100 شحنة من الأمم المتحدة إلى مناطق
الشمال الغربي السوري، بينما نأمل أن تزداد وتيرة دخول الشحنات في أقرب وقت؛ لأننا
نتحدث عن الملايين من الناس المتأثرين بهذه الكارثة أو المصيبة، وربما يصل العدد
إلى 8 ملايين نسمة.
لو تحدثنا
بشكل خاص عن الدور الذي يقوم به المجلس النرويجي للاجئين في هذا الصدد؟
المجلس
النرويجي موجود في كافة الأراضي السورية المتأثرة بالزلزال، ويقدم مساعدات تتضمن
نقل المياه إلى مراكز الإيواء؛ فنظرا لتعرض الكثير من البنية التحتية للدمار، بات
هناك خطر تلوث المياه، فأصبحت المجمعات السكنية بحاجة لمياه نظيفة للاستعمالات
المختلفة، وبحاجة لمياه الشرب.
نحن نقدم
مساعدات بسيطة ولكنها فارقة مع بعض الناس، خاصة فيما يتعلق بالأغطية، والألبسة
الشتوية للأطفال، وبالتوازي مع ذلك نقدم مساعدات للأطفال متعلقة بالرعاية،
كالخدمات التعليمية، وخدمات الدعم النفسي؛ فكثير من الأطفال تعرضوا لصدمات نفسية
عنيفة، وكانت أولى أنشطتنا على الأرض في المساهمة في مكافحة آثار الزلزال متعلقة
بالأطفال، وسعينا لإبعادهم بشكل أو بآخر عن تلك المأساة المروعة؛ فلا زال العديد
من الأطفال في حالة صدمة فظيعة يعانون منها إلى الآن.
لذا، نقدم
العديد من الأنشطة، وهي خدمات بسيطة لكنها تحدث فارقا، ولم نتطرق بعد للاحتياجات
المُعقّدة، فالأطفال بحاجة إلى لعبة بسيطة، أو لأنشطة تنسيهم مرارة الأحداث، وهو
ما نقدمه بالفعل في مراكز الإيواء.
وهل هناك
صعوبات كبيرة تواجه عملكم؟
الصعوبات التي
تواجهنا على الأرض أبرزها ضعف التمويل، فمع الأسف هناك الكثير من الناس لا تصل
إليهم المساعدات بسبب شح الأموال؛ فنحن نتحدث عن مئات الآلاف من النازحين، وعشرات
الآلاف لن يستطيعوا العودة إلى بيوتهم، لأن الأزمة أكبر من منظمة، وأكبر من جهة،
وأكبر من فئة واحدة، لذلك نحن بحاجة ماسة للتكاتف، ولاتفاق جميع القوى المُموّلة،
ونأمل أن ترتقي خطة الاستجابة والتمويل لمستوى الكارثة.
وما الإجراءات
الأخرى المطلوبة لمواجهة تداعيات الأزمة الإنسانية التي خلّفها الزلزال؟
الإجراءات
المطلوبة بالتأكيد هي الإسراع في إيجاد حل لاستقرار الناس، سواء كان ببناء وحدات
سكنية مؤقتة كالخيام، أو وحدات سكنية مسبقة الصنع (منازل متنقلة)، أو تأهيل مراكز
الإيواء التي يقطنها الناس حاليا.
ستزداد الأزمة
تفاقما -مع الأسف- بسبب عدم قدرة المنظمات على الاستجابة لجميع الاحتياجات. وهناك
حاجة ماسة للدواء، والمياه، والوقود، هذه ثلاثة احتياجات أساسية جدا لتجنب الكارثة
الصحية.
هناك كارثة
إنسانية تتفاقم بسبب الضغط على المستشفيات، وعدم وجود سيارات لتنقل الناس من منطقة
إلى أخرى، وغيرها من الحاجات التي يطلبها المنكوبون، ونخشى انهيار القطاع الصحي في
شمال غرب سوريا.
ما مقترحاتكم
لمحاولة التخفيف من التداعيات الإنسانية للزلازل في المستقبل؟
الجميع شاهد
هذه الكارثة، وكيف كانت صادمة، ورأينا كيف كان أثرها أكبر من قدرة أي دولة للتصدي
لها؛ فهي واحدة من أسوأ
الكوارث الطبيعية، لكن ما يمكن فعله هو تمكين المجتمعات
اقتصاديا، وتحسين البُنى التحتية، وتدعيم الأبنية بشكل أفضل.
لكن في حالة
بلد مثل سوريا تعاني 12 سنة من الحرب فهو أمر شبه مستحيل، في ظل الأزمة الاقتصادية
التي تعيشها البلد، وكما رأينا بلدا بقدرات مثل قدرات تركيا ما زالت تعاني حتى
تتأقلم مع الحادث.
حقيقة، من
الصعب التحدث عن تجنب الصدمة، لكن يمكن الحديث عن "التخفيف" من أثر
الصدمة على الناس.