في
24 شباط/ فبراير غزت قوات موسكو أوكرانيا، وبرر بوتين
الغزو باستخدام نسخة "ملتوية"
من التاريخ، وحاول إقناع شعبه بأن أفعاله ليست ضرورية فحسب، بل مبررة تاريخيا، وفق
صحيفة "فايننشال تايمز".
يقول بوتين إنه يقاتل من أجل أمن
روسيا ضد حلف شمال الأطلسي الذي يتوسع بقوة، لكن كييف وحلفاءها
وصفوا الغزو بأنه اغتصاب أراض استعماري الطابع من أوكرانيا التي كانت في السابق جزءا
من الاتحاد السوفييتي الذي هيمنت عليه روسيا.
في روايته،
يقول بوتين إن القادة الغربيين تمكنوا في عام 1991 من تقسيم الاتحاد السوفييتي، وإنهم
يحاولون حاليا فعل الشيء نفسه مع روسيا.
مكنت
هذه الرواية الرئيس الروسي من تجنب الاحتجاجات المناهضة للحرب في الداخل، وبينما يستعد
لمرور عام على الصراع فستظل فرص وقف إطلاق النار في الحملات العسكرية أو الدعائية لبوتين
ضئيلة للغاية، وفق الصحيفة.
"هوس"
بوتين بالناتو
تشير
الصحيفة إلى ما تصفه بـ"هوس" بوتين بأربعة أحداث تاريخية متعلقة بحلف الناتو،
مستشهدة بتعليقاته وكتاباته و"معاهدات" كانون الأول/ ديسمبر 2021 التي أرسلها
إلى كل من واشنطن والناتو.
وتحدثت
الصحيفة عن الأحداث التاريخية الأربعة المهووس بها بوتين، ويعود أولها لعام 1990، فهو
يرى أن موسكو سمحت بتوحيد ألمانيا، بالتنازل عن حقوقها، وبعد تلقيها وعدا ملزما بأن
الناتو لن يتوسع شرقا.
ثانيا،
يقول بوتين إن حلف الأطلسي أعاد تأكيد هذا الوعد من خلال قانون تأسيس الناتو وروسيا
الصادر في 27 أيار/ مايو 1997. وفي إحدى "معاهدات" كانون الأول/ ديسمبر
2021، طالب بوتين على وجه التحديد بعودة قوات الناتو إلى مواقعها اعتبارا من ذلك التاريخ.
ثالثا،
يعتقد بوتين أن التحالف أظهر حقيقته عندما قصف صربيا في نزاع كوسوفو عام 1999.
رابعا،
يرى بوتين في إعلان قمة بوخارست لعام 2008، الذي ينص على أن "الناتو يرحب بتطلعات
أوكرانيا وجورجيا الأوروبية الأطلسية للعضوية" وأن "هذه الدول ستصبح أعضاء
في الناتو"، خطرا على روسيا.
لكن
"فاينشنيال تايمز" تقول إن غزو روسيا لأوكرانيا يستند إلى سوء قراءة متعمد
للاتفاقيات المبرمة مع الغرب.
نتائج
عكسية
تسبب
غزو موسكو لكييف في نتائج "عكسية"، بعد طلب دول تقع على حدود روسيا الانضمام لحلف
شمال الأطلسي، حيث ستصبح السويد وفنلندا عضوين في الناتو، على الرغم من الاعتراضات
التركية.
وستضيف
فنلندا وحدها 830 ميلا إضافية إلى حدود الناتو الروسية، وترسل ألمانيا ودول أوروبية
أخرى، جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة، الدبابات، بينما تزيد أيضا من استقلالها
في مجال الطاقة عن روسيا.
وقرر
قادة الدول الثلاثين الأعضاء في الحلف دعوة السويد وفنلندا للانضمام إلى صفوفه خلال
قمة عقدت في مدريد في حزيران/ يوليو 2022.
ووقعت ثلاثون دولة بروتكولات الانضمام وصادقت عليها 28 فقط، ووحدهما تركيا والمجر لم
تصادقا بعد.
وتشير
"فايننشال تايمز" إلي أن الغزو الروسي يقدم تحذيرات مستقبلية، ولذلك فإنه سيتعين
على جيل جديد من صانعي السياسة الغربيين تعلم قسوة المنافسة العسكرية بين القوى العظمى
في أوروبا وكذلك سبل تفكيك "تفسيرات التاريخ الملتوية"، على حد تعبير
الصحيفة.