أثار
الزلزال الذي ضرب الجنوب التركي وتضررت بسببه عشر ولايات، نقاشا بشأن إمكانية
تأجيل الانتخابات العامة التي أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن عقدها في 14 أيار/ مايو بدلا من 18 حزيران/ يونيو.
وكان من المقرر أن تعلن الطاولة السداسية للمعارضة التركية عن مرشحها الرئاسي المشترك في 13 شباط/ فبراير، ولكن الاجتماع بينها لم يتحقق بسبب الزلزال المدمر الذي راح ضحيته عشرات الآلاف.
أحد مؤسسي حزب
العدالة والتنمية بولنت أرينتش، طالب بتأجيل الانتخابات والتركيز على تضميد جراح المواطنين الأتراك الذين تضرروا من الزلزال.
وقال أرينتش في بيان نشره في حسابه على "
تويتر"، إن المدن التي تعرضت للكارثة وتأثر فيها ما يقارب الـ15 مليون من المواطنين، تمثل في البرلمان نحو 85 نائبا.
وكتب أرينتش: "المشهد مؤلم جدا، لم يتبق ناخبون هنا، أصبحت القوائم باطلة هنا ومن المستحيل قانونيا وفعليا إجراء الانتخابات، وعند الذهاب إلى الانتخابات سيقوم المجلس الأعلى للانتخابات بإعادة احتساب عدد النواب الذين سيمثلون هذه المقاطعات العشر وفقا للتعداد السكاني".
ورأى أنه في ظل الأيام التي نشهد فيها أكثر الكوارث إيلاما في تاريخ
تركيا، فإنه يجب التخلص من ضغوط الانتخابات في أقرب وقت ممكن، المواطنون والبيروقراطية والسياسة بحاجة لهذا أيضا، ولا يمكن إجراء انتخابات في أيار/ مايو أو حزيران/ يونيو.
وتابع: "هذا ليس خيارا بل ضرورة ملحة"، مشيرا إلى أن مواد الدستور ليست مقدسة ويمكن إجراء تعديلات عليها، مقترحا إضافة بند إلى المادة 78 من الدستور متعلق بالزلازل.
وتنص المادة 78 من الدستور أنه إذا ما اعتبر أنه من المستحيل إجراء انتخابات جديدة بسبب ظروف الحرب، فإنه يجوز للجمعية الوطنية الكبرى لتركيا أن تؤجل الانتخابات لمدة عام. وفي حال عدم زوال السبب، فإنه يجوز تكرار التأجيل وفقا للإجراءات المتبعة لذلك.
ونوه أرينتش إلى أنه وفقا للمادة 6 من قانون تنظيم وواجبات المجلس الأعلى للانتخابات رقم 7062، فإنه يحق للمجلس الأعلى للانتخابات الاجتماع وأن يقرر عدم إمكانية إجراء الانتخابات في أيار/ مايو أو حزيران/ يونيو 2023 في ظل الوضع الحالي، وأن يقوم بإخطار الهيئة التشريعية بهذا القرار ليتم اتخاذه وفقا لذلك.
وقدم أرينتش ثلاثة مقترحات بشأن موعد الانتخابات، مشيرا إلى أنه يمكن الجمع بين الانتخابات البرلمانية والرئاسية مع البلدية التي ستجرى في العام المقبل.
أما الخيار الثاني، فهو أنه يمكن تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية إلى تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
والخيار الثالث، هو الاتفاق على تاريخ آخر تتفق عليه كافة الأحزاب السياسية، إذا لم يتم الاتفاق على الخيارين الأول والثاني.
الصحفي التركي فاتح ألتايلي، زعم في
مقال على صحيفة "خبر ترك"، أن حزب العدالة والتنمية يخوض نقاشا جادا بشأن إمكانية تأجيل الانتخابات.
وأضاف أن الحزب الحاكم سيمرر مهمة تأجيل الانتخابات إلى البرلمان التركي واتخاذ القرار، وبعد ذلك سيعلن المجلس الأعلى للانتخابات أنه أصبح من المستحيل عمليا إجراء الانتخابات في أربع مقاطعات كليا وستة جزئيا وسيطلب تأجيلها.
وأشار إلى أن الانتخابات سيتم تأجيلها لمدة ستة أشهر على الأقل وربما عام كامل.
المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر أتشليك، قال الثلاثاء: "نكافح من أجل إنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض، ونكافح لمداواة الجروح، نرى أنه من الخطأ الحديث عن مسألة الانتخابات الآن.. لدينا على الأجندة قضية واحدة الآن وهي كيف ننقذ الناس ونداوي جراحهم".
زعيم حزب الشعب الجمهوري، علّق بالقول: "الدستور واضح، ويمكن تأجيل الانتخابات في حالة الحرب فقط، ونظرا لعدم وجود حرب فلا يمكن تأجيل الانتخابات".
فيما قالت زعيمة حزب الجيد ميرال أكشنار، إن الانتخابات المقرر إجراؤها في 14 أيار/ مايو قد تجرى في موعدها الرسمي في 18 حزيران/ يونيو المقبل بسبب الزلزال.
وتعليقا على التقارير التي تتحدث عن تأجيلها لمدة عام، قالت أكشنار إن ذلك غير ممكن بسبب المادة 78 من الدستور، مضيفة أنه “علينا نحن السياسيين القيام بدورنا لإجراء الانتخابات”.
وذكر تقرير لـ"
بي بي سي" بالنسخة التركية، أنه في بعض الكواليس السياسية تم تداول أن الحكومة يمكنها اتخاذ قرار بتأجيل الانتخابات من خلال اللجنة العليا للانتخابات.
ولم يشهد التاريخ السياسي الحديث في تركيا، قرارا بتأجيل الانتخابات من خلال اللجنة العليا للانتخابات، وكان المثال الوحيد المتعلق بتغيير الجدول الزمني للانتخابات هو القانون الذي تم سنه في العام 2007، ولكن لم يتم تطبيقه بسبب الانتخابات المبكرة.
وكان من المفترض أن تجرى الانتخابات في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2007، وتزامنت مع عشية يوم الجمهورية في 29 تشرين الأول/ أكتوبر، وتم تعديل القانون بتأجيلها إلى أسبوع أي في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007 بإجماع كافة الأحزاب السياسية في البرلمان في ذلك الوقت وبتوصية من المجلس الأعلى للانتخابات.
ولكن بسبب الخلاف بين الحكومة والمعارضة في الانتخابات الرئاسية، فإنه تم اتخاذ قرار انتخابي بإجراء انتخابات مبكرة في 22 تموز/ يوليو 2007.
ونقلت "بي بي سي" بالنسخة التركية، عن مصادر في حزب العدالة والتنمية، أنه لم يطرأ أي تغيير في القرار المتعلق بموعد الانتخابات داخل الحزب.
وترى بعض القيادات في الحزب الحاكم، أنه من غير المحتمل أن يتم تنفيذ قرار تأجيل الانتخابات دون التوصل إلى توافق مع
المعارضة.
وقال مصدر، إنه تم الإعلان عن 14 أيار/ مايو موعدا للانتخابات، لا يوجد تأجيل على جدول الأعمال، ولكن إذا كان هناك تغيير في هذا القرار بسبب الزلزال، فمن الضروري التوافق مع الأحزاب في البرلمان.. ولا يوجد طريقة أخرى ممكنة غيرها".
ويقول بعض مسؤولي حزب العدالة والتنمية إن أردوغان حصل على شرعيته من صندوق الاقتراع، وبالتالي، فإنه لن يتخذ خطوة من شأنها أن تجعل الانتخابات مثيرة للجدل.
ويشير مسؤولو حزب العدالة والتنمية إلى أن آراء أرينتش "شخصية" وأنه ليست لديه علاقة وثيقة بالحزب منذ فترة طويلة.
ويذكر حزب الحركة القومية أن مسألة تأجيل الانتخابات لم تناقش مع حزب العدالة والتنمية، مشيرا إلى أن العواقب السياسية لتأجيلها يجب تقييمها بشكل جيد، فقد تخلق المعارضة تصورا بأن التحالف الحاكم تحجج بالزلزال للهروب من الانتخابات.
ورأت مصادر في حزب الحركة القومية، أنه على الرغم من أن الزلزال تسبب في دمار كبير، إلا أن الدولة لديها القدرة على مداواة الجروح، علما بأنه قد ينظر إلى التأجيل أنه "ضعف في الدولة".
أما حزب الشعب الجمهوري فيعتقد أنه من المستحيل دستوريا تأجيل الانتخابات إلى تاريخ لاحق، مشيرا إلى المادة 78 من الدستور التركي والتي لا تنص على تأجيل الانتخابات بسبب الزلزال أو كارثة طبيعية أخرى.
وتؤكد مصادر الحزب المعارض، أنه لا يمكن التأجيل إ|لا بموافقة الأحزاب السياسية في البرلمان ووضع بند مؤقت في الدستور.