عميد غريان يتحدث لـ"عربي21" عن الانتخابات وواقع البلديات جراء الانقسام

قال رئيس بلدية غريان، يوسف بديري، إن الانتخابات البلدية التي جرت السبت، تمثل نقطة إيجابية في مسار التداول السلمي للسلطة في البلاد، وتعطي أملا بتكرار هذه التجربة على صعيد البلديات الأخرى، والبلاد عموما، داعيا إلى إجراء انتخابات تشريعية في البلاد، لتجاوز حالة الانقسام والصراع.

وأكد بديري في مقابلة خاصة مع "عربي21" أن الانتخابات البلدية في غريان كانت قد تأخرت كثيرا، ويفترض أن تجرى عام 2018، ولكن ولأسباب تتعلق بوزارة الحكم المحلي ولجنة الانتخابات، تعذر إجراء هذا الاستحقاق.

وشدد عميد غريان على أن المدينة تجاوزت موضوع الانقسام في عديد المرات، وتمكنت أخيرا من تنظيم الانتخابات، بسبب حالة  الاستقرار المجتمعي والسلم الأهلى والطابع المدني الذي تحظى به المدينة، مشيرا إلى محاولات فاشلة سابقا لإسقاط البلدية وإقامة مجلس تنفيذي كبديل عنها.

ولفت إلى أن تأخر صرف المخصصات بفعل عدم إقرار الميزانية من قبل الحكومة، عطل مشاريع حيوية عدة في غريان، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن عام 2021 كان الأفضل بالنسبة لإطلاق المشاريع الخاصة بالمدينة.

ويعتقد بديري أن الحل لحالة الانقسام الحاصلة في البلاد يمكن في إجراء انتخابات تشريعية تتجاوز المجالس والأجسام الحالية، على أن يضع البرلمان الجديد المنتخب، أساسا دستوريا إجراء الانتخابات الرئاسية في البلاد.

وأعلنت اللجنة المركزية للانتخابات المحلية الأحد عن النتائج المبدئية لانتخاب المجلس البلدي غريان التي جرت السبت بمشاركة بلغت 67.6% من إجمالي المسجلين بسجل الناخبين.

وأعلنت اللجنة حصول قائمة "من أجلك" على أعلى نسبة تصويت في النتائج المبدئية لانتخابات بلدية غريان، موضحة أن إجمالي المقترعين وصل إلى 6008 من إجمالي المسجلين البالغ عددهم 8879 ناخبًا، فيما كان عدد الأصوات الصحيحة 5867 صوتًا، وعدد الأوراق الباطلة والبيضاء 141 ورقة.

وكان مستشار لجنة الانتخابات المحلية "باسم المودي" قد أكد أن العملية الانتخابية في غريان جرت بشكل إيجابي دون تسجيل أي خروقات أمنيّة وفق تقارير الجهات المختصة.

وتاليا نص الحوار مع عميد بلدية غريان:

هذه ليست المرة الأولى التي تجرى فيها انتخابات المجلس البلدي في غريان منذ ثورة فبراير، ما هي رسالة تنظيم هذه الانتخابات؟


انتخابات المجلس البلدي كانت مستحقة في 2018 حيث كانت قبلها 2014 وكان من المفترض أن تجري في شهر نيسان/ أبريل 2018، لكن تأخرت بسبب اللجنة المركزية ووزارة الحكم المحلي، ولم يكن هناك علاقة للمجالس البلدية بالتأخير.

تأخرت وزارة الحكم المحلي بإجراء الانتخابات سواء بدواعي عدم القدرة المالية أو عدم الاستقرار أو غيرها من المسببات، بالاضافة إلى محاولة الاستقطاع من الحدود الإدارية لبلدية غريان أثر على عملية التأخير، ولكن البلدية كانت قد طالبت بعدة مطالبات سواء مكتوبة أو عبر الاعلام  أو عبر اللقاءات المباشرة بضرورة إجراء الانتخابات والحمد لله تم تحديد موعدها،رغم عدم الإقبال الكبير وعدم الدعاية اللازمة للتسجيل، وهذا كله سبب في عزوف كثير من المواطنين، لكن عموما هو استحقاق لا بد منه والحمد لله تم إجراء الانتخابات.

ما هي القواعد واللوائح التي تنظم الانتخابات البلدية في غريان، وكيف تصفون تنظيم لجنة الانتخابات ودور الجهات الأمنية في توفير المناخ المناسب؟


هناك نسبة عزوف سواء في تسجيل الناخبين أولا لعدة أسباب، قصر المدة التي تم الإعلان عنها، وضعف الدعاية والاعلان وعدم  ترك المساحة للمرشحين بعرض قوائمهم والمناظرة أمام المواطنين، لكن عموما لم يتم الابلاغ عن أي خروقات كبيرة أو تعطيل فالعمل سار بشكل انسيابي.

كيف تمكنت غريان من تجاوز الانقسام الذي يضرب كل ليبيا من أجل تنظيم هذا الاستحقاق، وهل تعتقد بأن الانتخابات ستكون مصدر إلهام لتنظيم انتخابات عامة في كل البلاد؟


الحمد لله بلدية غريان تجاوزت موضوع الانقسام في عديد المرات في الأحداث التي حدثت بعد 2011 وكان هناك استقرار مجتمعي كبير وسلم أهلي والحمد لله، وتم الحفاظ عليه وموضوع الانتخابات نتيجة للطابع المدني لمدينة غريان، والانتخابات كانت استحقاقا  يطالب الجميع به، بداية من البلدية الحالية التي أدت مهامها لمدة 8 سنوات، وجميع التيارات وجميع المواطنين والنشطاء كلهم أجمعوا على ضرورة إجراء الانتخابات وتجاوز مرحلة كانت في السابق نتيجة لظروف سياسية.

حاولوا إسقاط البلدية وإقامة مجلس تنفيذي، والحمد لله جميع المواطنين كانوا رافضين لموضوع الانقلابات وغيرها وكانوا يدعون للانتخابات التي تمت والحمد لله وهذا مطلب شعبي.

لكن هل يمكن أن تكون مدينة غريان إلهاما ونموذجا لبقية المدن لتنظيم انتخابات؟

أكيد طبعا، الحمد لله لدينا مشاريع نعمل عليها، وستكون امتداد لعمل البلدية التي قامت خلال 8 سنوات بعمل تخطيط فيه امتداد لها، ونحن مستعدون لتقديم الدعم ومشاركة الخبرة والمعرفة وكافة المعلومات للبلدية المنتخبة الجديدة، وهذا سيشجع بقية البلديات لإجراء الانتخابات، في خطوة ممتازة تحسب لحكومة الوحدة الوطنية التي ترعى هذا الاستحقاق.

معروف أن بلدية غريان عانت من الويلات خلال العدوان الذي شنه حفتر على طرابلس، كيف تقيمون واقع المدينة بعد سنتين من انتهاء الحرب وما هي أبرز العقبات التي تنتظر المجلس البلدي؟


كان هناك استجابة كبيرة من قبل حكومة الوحدة الوطنية والسيد عبد الحميد الدبيبة لمجموعة من مطالب المدينة، ولكن للأسف ليس كان هناك تقصير من بعض الوزارات في مجموعة كبيرة من الملفات ومن الطلبات التي قدمتها المدينة، وما زال بعض الأمور تحتاج إلى التدخل من قبل الحكومة، ولا زال فيها إشكاليات نتيجة حتى لعدم اعتماد ميزانية "2022 أو 2023، وهذا تسبب بإعاقة تنفيذ مجموعة كبيرة من المشاريع أهمها مشاريع طرق ومياه، وهذا أثر علينا سلبا أمام المواطن.

 لكن الاستقرار بشكل عام نقل اختصاصات البلديات وفق قانون 59 لعام 2012 هذا كله عزز شغل البلدية، ومكن من تنفيذ مشاريع  حيوية ويستحقها المواطن ويطلبها ولها أولوية.

كيف تصفون العلاقة مع الحكومة المركزية في طرابلس على صعيد الاهتمام بالمدينة وصعيد صرف الميزانيات؟


منذ تنصيب الحكومة برئاسة الدبيبة في عام 2021 كانت هناك عدة خطوات جيدة جدا تجاه بلدية غريان، الحمد لله نفذنا من خلالها العديدة من المشروعات التي هي أولوية عند المواطن، مثل مشاريع مياه وطرق ولكن سنة 2022 لم تكن فيه ميزانيات نتيجة الخلاف السياسي الذي حصل، هذا أثر على مجموعة كبيرة من مشاريع مدينة غريان وغيرها من البلديات.

عموما تعتبر سنة 2021 أفضل سنة للبلديات خلال عشر سنوات الماضية من حيث إعطاء ميزانيات رغم أنها ليست كبيرة، ولكنها مكنت البلديات من تنفيذ مجموعة من المشاريع وعززت ثقة المواطن بها ولكن للأسف بشكل عام نتيجة للظرف السياسي الحالي وتأخر صرف الميزانيات، توقف استكمال  باقي المشروعات الخاصة بالمشروعات المركزية، مع أنه كان هناك رغبة بانجازها من قبل رئيس الحكومة وبعض الوزراء، ذلك أن بعض القطاعات يعتبر فيها تخلف كبير، جراء  عدم وصول الدعم ونقل العبء على البلدية.

هناك بعض شبهات الفساد لاحقت أسماء المرشحين لقروض السكن  ضمن خطة الحكومة لدعم الشباب، وأيضا هناك بعض التحقيقات في بعض البلديات، هل تم رصد هذه التجاوزات في غريان؟

ما فيه حتى هذه اللحظة رصد لأي نقطة فساد أو محاباة في بلدية غريان، ولكن الاشكالية في إدارة لجنة المبادرة الرئيسية والتي كانت تنسق مع البلديات عبر وزارة  الحكم المحلي، وتم نقلها لوزارة الشباب دون تنسيق مع البلديات أو إعطائهم علم، وأغلب البلديات ليس لديها أي فكرة عن آلية التوزيع والحصص ونسبة كل مدينة، حتى هذه اللحظة ليس لدينا أي معلومة عنها، وهذا سبب لنا إرباكا، حيث تم احالة الملفات، ولم تنشر القوام حتى هذه اللحظة، وأكيد هناك خلل بين اللجنة السابقة واللجنة الحالية في وزارة الشباب، وهذا كله أدى لنقل الأعباء التي فيها مواجهة مع الجمهور على البلديات، رغم ان البلديات ليس لها علاقة بادارة الملف بحد ذاته، ولا علم لها بالمعلومات والمواعيد آلية العمل.

 ولكن نحن سنستقبل أي شكاوى ونحاول مراجعة الإجراءات التي اتبعت وحنقبل أي شكوى من أي مواطن سوءا باتهام فساد أو غيره وسنتخذ فيه إجراء مباشرا.

كيف تقرأون الواقع الليبي في ظل أزمة الصراع على السلطة، والحلول لحالة الانقسام؟

الآلية الوحيدة لإنهاء الصراع هي أنهاء الأجسام الموجودة في السلطة، سواء المجلس الأعلى للدولة أو البرلمان، وإقامة انتخابات تشريعية، لأن جزء كبير من موضوع التفتيت وموضوع الاشكاليات  الحاصلة متعلقة بالنزاع على السلطة، الأمر الذي رسخ الانقسام بين الشرق والغرب.

الحل يبدأ بانتخابات تشريعية هي التي تضع قاعدة دستورية للانتخابات الرئاسية، فهذا الأمر كل ما يتأخر كل ما تزداد الفجوة إضافة إلى المشاكل الاقتصادية المترتبة على حالة عدم الاستقرار السياسي نتج عنه رفع الأسعار وانخفاض قيمة العملة المحلية ومجموعة كبيرة من الإشكاليات التي نتجت عن الانقسام السياسي، الحل في الانتخابات وهي القادرة على تغيير الوضع السياسي وإحداث فارق.