أبدى رئيس وزراء الاحتلال
الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، موقفا مفاجئا بشأن تزويد أوكرانيا بمنظومة
القبة الحديدية، والتي طلبتها كييف مرارا على مدار
الشهور الماضية، للتصدي للضربات الصاروخية الروسية على المدن الأوكرانية.
وقال نتنياهو في مقابلة مع
قناة "LCI" الفرنسية: "انتهينا
تقريبا من عملية تشكيل الحكومة. سندرس ما إذا كنا سنزود أوكرانيا بمنظومة القبة
الحديدية، نحن الآن بصدد صياغة سياستنا، وبعد ذلك سنبحث في التداعيات السياسية
للقضية".
وتابع نتنياهو: "سنتحقق من توفر المنظومة، وكذلك سياستنا ومصالحنا في المنطقة، من المحتمل أن تكون مساهمة إسرائيل لأوكرانيا
في مجالات أخرى".
كما أوضح أن "أحد الاعتبارات الرئيسية في
اتخاذ هذا القرار هو رغبة الحكومة الإسرائيلية في عدم الدخول في صراع عسكري مع
روسيا أو القوات الجوية الروسية التي تعمل في المنطقة، بما في ذلك في الأجواء
السورية".
وأضاف نتنياهو: "لدينا اعتبارات إضافية لا
يتطلب من الدول الأخرى أخذها في الاعتبار"،
وتابع: "لا يمكنني تقديم أي وعود، علينا
أن نرى ما هي الخيارات المتاحة، وأن نأخذ في الحسبان مصالحنا في المنطقة".
وسبق أن رفضت الحكومة الإسرائيلية السابقة،
التي تناوب على رئاستها نفتالي بينيت ويائير لابيد، تزويد أوكرانيا بأسلحة، واكتفت
بنقل مساعدات إنسانية إلى كييف.
لكن الولايات المتحدة لا تتوقف عن دعوة إسرائيل
إلى تقديم مساعدات أمنية لأوكرانيا، وهو ما أكد عليه وزير خارجيتها أنتوني بلينكن، الذي التقى نتنياهو في القدس المحتلة الاثنين.
تهديد روسي
لكن في المقابل، هددت موسكو، عقب تصريحات
نتنياهو، بالرد في حال تقديم أي دعم عسكري لأوكرانيا.
وقالت الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا
زاخاروفا، إن بلادها لا تصنف الدول وفقا للجغرافيا، لكن على كل دولة تسلم أسلحة
لأوكرانيا أن تفهم أننا سنعتبر هذه الأسلحة أهدافا مشروعة لقواتنا.
وتابعت: "يجب أن يدرك الجميع أن أي
محاولة نفذت أو مجرد الإعلان عن تقديم أسلحة إضافية للأوكرانيين، سيؤدي إلى تصعيد
الأزمة".
لكن التأخر الإسرائيلي في تقديم السلاح لأوكرانيا يثير جدلا.
لماذا
لا تسلح إسرائيل أوكرانيا؟
يوسي
ميكيلبيرغ، زميل مشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في" تشاثام هاوس" ومقره المملكة المتحدة، قال
إن "العلاقة المعقدة بين إسرائيل وروسيا لها أبعاد متعددة بالنسبة للمبتدئين،
حيث تعد إسرائيل موطن مجتمعات روسية وأوكرانية كبيرة، في حين يستضيف البلدان
السكان اليهود".
وأضاف
في تقرير لموقع "
بزنس إنسايدر" ترجمت "عربي21" مقتطفات منه،
أن السؤال الأهم: "كيف تتعامل مع دول فيها جاليات يهودية تقاتل بعضها البعض،
وأن تكون حذرا في كيفية التصرف، من أجل تجنب تعريض هذه الجاليات أو غيرها
للخطر".
لكن الموقع أشار إلى أن
القضية المحورية، عندما يتعلق الأمر بامتناع التسليح الإسرائيلي لأوكرانيا، هو
الوضع في سوريا المجاورة، والصراع الغامض بين إسرائيل وخصمها الإقليمي إيران.
ولفت إلى أن السلوك المتناقض في هذه المسألة هو أن روسيا لا تريد لإيران أن يتسع نفوذها في سوريا، وهي سعيدة بهجمات إسرائيل
وعملياتها على تلك الأراضي، وقال ميكيلبيرغ "إن موسكو كان بمقدورها وقف السلوك الإسرائيلي
والهجمات في سوريا، منذ فترة طويلة لو أرادت ذلك".
وشدد على أن كل دولة لديها جملة من المصالح
المعقدة، لذلك فإن روسيا وإسرائيل لديهما قدر معين من التفاهم، لكن هناك في المقابل
تعاون روسي إيراني بعدة طرق، ترى إسرائيل بعضه يشكل تهديدا لها، لأن إيران بالمجمل
عامل تهديد كبير".
من جانبه، قال جون ألترمان ، مدير برنامج الشرق
الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "يبدو لي أن ما تفعله إسرائيل وما تتوقعه إسرائيل من
الدول أن تفعله، هو تحقيق التوازن بين الشركاء وبين المصالح".
وكان
موقع أكسيوس قال إن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل ما إذا كان بإمكانها نقل
صواريخ هوك المضادة للطائرات خارج الخدمة، إلى أوكرانيا.
تقدير سياسي وعسكري
الخبير العسكري والاستراتيجي العميد الركن
المتقاعد صبحي ناظم توفيق، قال إن مجرد صدور حديث مغاير من نتنياهو في مسألة جرى رفضها
سابقا من الجانب الإسرائيلي يشير إلى وجود تقدير موقف سياسي وربما حتى عسكري، ونتنياهو
قد يناور في هذه المسألة.
وقال توفيق لـ"عربي21" إن الكثير من
دول العالم تنظر بإعجاب لمنظومة القبة الحديدية، بسبب أدائها في الحروب المتعددة
على غزة، لكن هناك مسألة مهمة، وهي أن المنظومة قصيرة المدى، وتملك صواريخها رأسا
متفجرا، لا يعرف ما إذا كانت قادرة على اعتراض صواريخ أرض البالسيتية الروسية، ذات
المديات البعيدة، خاصة أن الروس لديهم منظومات تشويش إلكتروني ربما تعطل القبة
الحديدية.
وأضاف: "الصواريخ الروسية ذات المديات
البعيدة لا يقل وزنها عن طن واحد وربما أكثر، وهناك أسئلة بشأن قدرة المنظومة
الإسرائيلية على اعتراضها".
وتابع الخبير العسكري: "الحديث الإسرائيلي
عن دراسة الأمر حاليا، لكن في حال الموافقة عليه، هل سيتم تدريب قوات أوكرانية على
استخدام المنظومة، بمعنى نقل أفراد إلى إسرائيل لتدريبهم كما تفعل دول الناتو، وكم
سيستغرق التدريب، لأن عامل الوقت مهم في صراع أوكرانيا، وليس في صالحها، لأن عملية
التدريب تستغرق وقتا طويلا".
وشدد على أنه "من المستحيل تزويد إسرائيل
لأوكرانيا بمنظومة القبة الحديدية، في ظل حاجتها لها على الأرض، مع هذه الجبهات
الموجودة في سوريا وغزة، وطالما هناك نحن لا نتحدث عن قطع فائضة عن الحاجة من
المنظومة، فبالتأكيد لن تخرج أي بطارية منها إلى أوكرانيا".
لكنه في المقابل، أشار إلى أن إسرائيل إذا
فكرت بنقل المنظومة إلى أوكرانيا، فقد تستهدف تجربتها في ساحة حرب حقيقية على نوع
جديد من الأسلحة، خاصة أنها تجربها فقط في غزة، ونحن الأمام أمام طائرات مسيرة
إيرانية، والتي تعد بأوزان أكبر من الصواريخ، والتي أثبتت جدارتها في الحرب
الأوكرانية عسكريا.
وأضاف الخبير العسكري: "قد تكون فرصة
أيضا، لتجربتها على الصواريخ الروسية، الباليستية والكروز والفرط صوتية، وكلها تحمل رؤوسا حربية بوزن يزيد على طن،
وهنا قد تثبت أو لا تثبت قدرتها على اعتراض صواريخ في حرب مع دولة عظمى عسكريا مثل
روسيا، وليس كما تحارب فصائل محدودة القدرات التسليحية مثل الوضع في غزة".