نشر
موقع "إنترسبت" تقريرا
لمرتضى حسين، قال فيه إن المطرقة التي استخدمها أفراد جماعة
فاغنر لقتل سوري هرب من الجيش عام 2017، تحولت الآن إلى رمز يمجد
العنف بدلا من شجبه أو الشعور بفظاعة العملية.
وقام أفراد المرتزقة الروس بضرب حمادي
البوطة حتى الموت قبل حرق جثته، وأثارت
صور الفيديو في حينه غضبا دوليا، ونافست في فظاعتها جرائم تنظيم الدولة في العراق
وسوريا، إلا أن الفيديو عن الحادث لم يرعب كل شخص شاهده. بل إنه أدى فيديو البوطة إلى ظهور ثقافة تمجد العنف بين عناصر فاغنر والداعمين لهم وتمحورت حول رمز المطرقة.
وتبنى هذه الظاهرة قادة المجموعة بمن
فيهم يفغيني بريغوجين الذي حول المطرقة إلى جزء من الماركة لفاغنر، وظهرت على
القمصان وغيرها من المبيعات المتعلقة بفاغنر وتظهر المطرقة إلى جانب شعارها.
وظهر أنصار المجموعة في صور وهم
يحملون مطارق حقيقية أو مزيفة ونشروها على منصات التواصل الاجتماعي، وعادة ما
يرتدون ملابس تقلد القتلة في فيديو البوطة.
ويبدو أن فاغنر الآن تتعامل مع المطرقة
كعنوان للتجنيد الرسمي. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي وفي أعقاب تصنيف الاتحاد
الأوروبي
روسيا دولة راعية للإرهاب، فقد أرسل بريغوجين مطرقة ملوثة بدم مزيف إلى
البرلمان الأوروبي. وتبع ذلك حادث آخر رمى فيه متطرفون روس مطرقة على السفارة
الفنلندية في موسكو.
وفي الشهر الماضي، نشر سيرغي ميرونوف،
النائب في البرلمان الروسي ويقود حزبا قوميا متطرفا، صورة له وهو يحمل مطرقة
وبرسوم للجماجم إلى جانب شعار فاغنر، في رسالة تمجد المجموعة. وتنتشر الثقافة
المروعة لمجموعة فاغنر وسط صعودها في داخل الدولة الروسية ودعوتها الأشخاص إلى الانضمام
إليها بما فيهم المتطوعون الأجانب، ومن أمريكا أيضا.
وقال كولين كلارك، مدير مركز صوفان،
وهي مجموعة للبحث الأمني إن "الكثير من المحتوى الذي شاهدته على تليغرام
وأماكن أخرى يذكر بدعاية النازيين الجدد". وهو محتوى له منطقه "إن أخذنا
بعين الاعتبار الجمهور الذي تحاول تجنيده، وهم معتلون اجتماعيا".
وقال كلارك إن حملة تجنيد فاغنر تشبه
إلى حد كبير الحملة التي قام بها تنظيم الدولة من ناحية تصوير الإعدامات ووعد
المجندين بالحصول على الجواري والبيوت التي صودرت من الأقليات. وكتنظيم الدولة، فقد اتهم مرتزقة فاغنر بالقتل والتعذيب والاغتصاب والنهب في الأماكن التي انتشروا
فيها.
وتقدم المجموعة الوحشية كجزء من
أسلوبها الدعائي لمن يرغب بالانضمام إليها، وبخاصة في الدول الضعيفة أو الفاشلة
والتي لا تلقي فيها الحكومات بالا لانتهاكات حقوق الإنسان. وقال كلارك:
"طالما أنك دخلت وقمت بعمل فلن يوجه لك أحد أسئلة حول سلوكك (...) هذا جزء من
ماركتهم في الوقت الحالي".
وأضاف الكاتب أن خلق المجموعة التي
تمجد العنف في وقت الحرب، ليس أمرا خاصا بتحليل العلة الروسية، ففي أثناء الحرب الأمريكية
الدولية على الإرهاب، استخدمت القوات الأمريكية الخاصة طائرات توماهوك لضرب
الأعداء، وانتشرت ثقافة تمجيد العنف بين القوات الأمريكية وليس بين الجماعات
الهامشية في المجتمع الأمريكي.
كما أن انتشار شعار "بانيشر"
أي (المعاقب) تم تمجيده في أثناء عمليات الشرطة المحلية، كإرث من تأثير هذه
الثقافة على أمريكا. واستخدمت الولايات المتحدة شركات التعهد الأمني، مثل "بلاكووتر"
التي تورطت في جرائم حرب بالعراق وأفغانستان.
ورغم وحشية وقساوة هذه الشركات إلا أن
أيا منها لم يشبه فظاعة مجموعة فاغنر التي أصبحت وبشكل متزايد جزءا عضويا في
السياسة الخارجية الروسية. هذا إلى جانب دورها في أوكرانيا، حيث قيل إنها أرسلت آلاف
المقاتلين وبعضهم من السجناء المجرمين الذين وعدوا بالحرية لو قاتلوا بجدارة في
الحرب.
وينتشر مرتزقة فاغنر في أفريقيا والشرق
الأوسط حيث إنهم ينفذون أهداف السياسة الروسية في الخارج، مع أن حضورهم في هذه البلدان
يعطي موسكو مستوى من الإنكار وإبعاد نفسها عنهم.
ففي مالي ولييبا وجمهورية أفريقيا
الوسطى، اتهم المرتزقة بارتكاب جرائم حرب واستغلال المصادر الطبيعية مقابل عقود
مربحة مع القادة المحليين. ففي نظام يتمركز حول فلاديمير
بوتين، أصبح بريغوجين
المدان سابقا والذي أنشأ شركة تعهدات لتزويد المدارس بالطعام شخصية مهمة، بل في عداء
مع المؤسسة العسكرية. وهناك شائعات عن كونه وشركته من الذين يحاولون تأكيد سلطتهم
وتحدي الآخرين.
وقال كريس إليوت، طالب الدكتوراه في
كينغز كوليج بلندن: "في مرحلة دولة ما بعد الاتحاد السوفييتي كان للدولة
وجهان: العنصر الإجرامي الذي يمثله بريغوجين، والبيروقراطية العسكرية والاستخباراتية
(...) أصبحت فاغنر أداة مهمة في السياسة الخارجية الروسية، ما يعطي صورة عن أن
العنصر الإجرامي زادت أهميته وهو ينافس في
مفاصل الدولة".
وعليه، فإن تمجيد مجموعة فاغنر العنف وتبنيها
المطرقة يعطي صورة مثيرة للخوف عن المسار الذي مضت فيه الدولة الروسية الحديثة.
والمطرقة ليست مجرد رمز، ففي العام
الماضي نشر على قناة "غري زون" في تليغرام شريط فيديو تم فيه إعدام منشق
عن الجماعة حاول القتال مع الجانب الأوكراني بنفس الطريقة التي قتل فيها البوطة.
ونشر الفيديو وبتعليقات مؤيدة من
بريغوجين، وقال إن الرجل القتيل حصل على "موت كلب من أجل كلب"، وفي
الوقت الذي تزيد فيه المجموعة من نشاطاتها حول العالم فلن يكون هذا آخر شريط فظيع.
وكما قال أحد الأوليغارش الروس متحدثا عن
زيادة ثقافة العنف لدى فاغنر وداخل الدولة الروسية: "المطرقة هي رسالة لنا
جميعا".