مع استمرار الكفاح الوطني والمقاومة
الفلسطينية ضد
المحتل الصهيوني، تسعى حكومة نتنياهو الأكثر يمينية منذ عام 1948 إلى كسر إرادة
الشعب الفلسطيني وإخضاعه، عبر إصدار قرارات
عنصرية وصولا إلى تسليح المستوطنين
لزيادة منسوب تقتيل الفلسطينيين، وكان الأخطر مشروع قرار إزاء الأسرى الفلسطينيين
من القدس والداخل الفلسطيني. وفي هذا السياق يعتبر الأسرى طليعة الكفاح الوطني الفلسطيني،
ولهذا تتبوأ قضيتهم مكانة مهمة في إطار القضية الفلسطينية، نظرا إلى أنها طالت عددا كبيرا من الشعب الفلسطيني.
قرارات
وقوانين عنصرية
تستمر
سلطات الاحتلال
الإسرائيلي بتشريع قوانين عنصرية تعسفية غير مسبوقة بحق الأسرى الفلسطينيين،
ضاربة بعرض الحائط كل القوانين والتشريعات الدولية ومبادئ حقوق الإنسان، حيث صادق الكنيست
الإسرائيلي في الثلاثين من كانون الثاني/ يناير الماضي بالقراءة الأولى على اقتراح
قانون، يقضي بسحب المواطنة والإقامة من الأسرى الفلسطينيين من داخل الخط الأخضر ومن
القدس المحتلة؛ الذين تتهمهم سلطات الاحتلال بتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية،
فضلا عن طردهم إلى مناطق السلطة الفلسطينية.
تستمر سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتشريع قوانين عنصرية تعسفية غير مسبوقة بحق الأسرى الفلسطينيين، ضاربة بعرض الحائط كل القوانين والتشريعات الدولية ومبادئ حقوق الإنسان
ويستهدف
القانون، الذي أقرته قبل ذلك لجنة خاصة، بالدرجة الأولى فلسطينيي 1948 والقدس، الذين يشاركون في عمليات تستهدف الاحتلال الإسرائيلي، أو يتلقون مخصصات من السلطة الفلسطينية،
بما في ذلك المرتبات التي تصرف لعائلات الأسرى.
ويُعتبر
مشروع القرار الذي سيشرّع لاحقا؛ خطوة عنصرية وفاشية خطيرة، تصب في خدمة مخططات
الترانسفير الصهيونية لفرض الديموغرافيا التهويدية القسرية. وثمة قوانين فاشية أصدرتها
إسرائيل للتضييق على الأسرى الفلسطينيين.
فقد صدر قانون لمنع تقصير فترة السجن للأسرى الفلسطينيين، حيث صادق الكنيست الإسرائيلي
بالقراءتين الثانية والثالثة يوم 25 كانون الأول/ ديسمبر 2018 على قانون ينص على منع
سلطات الاحتلال تقصير فترة السجن للأسرى الفلسطينيين، وهذا يعني أنه لا يمكن لأي أسير
فلسطيني الاستفادة من هذا الإجراء بعد قضاء ثلثي مدة محكوميته، فضلا عن قانون التغذية
القسرية للأسرى المضربين عن الطعام: أقرت الحكومة الإسرائيلية يوم 14 حزيران/
يونيو 2015 مشروع قانون يمكّن سلطات الاحتلال من إجراء التغذية القسرية للأسرى الفلسطينيين
المضربين عن الطعام، وصادق الكنيست عليه في 30 تموز/ يوليو 2015. واعتبر هذا القانون
من أخطر القوانين التي تهدد حياة الأسرى المضربين عن الطعام، الذي يعد (حسب الصليب
الأحمر الدولي، واتحاد الأطباء العالمي) نوعا من التعذيب وتهديد حياة المضرب، وإجراء
غير أخلاقي، ويتنافى مع الأعراف المهنية والطبية.
ومن
القوانين التعسفية، قانون رفع الأحكام بحق الأطفال راشقي الحجارة، فقد صادق الكنيست
بالقراءة الثالثة يوم 21 تموز/ يوليو 2015 على قانون ينص على إمكانية فرض عقوبة السجن
لمدة عشر سنوات على راشقي الحجارة، دون إثبات نية إلحاق الضرر؛ حيث وصف القانون رشق
الحجارة بالجريمة، وقسمها إلى مستويين: الحكم على راشقي الحجارة لمدة أقصاها 10 سنوات،
دون الحاجة إلى إثبات نية القتل؛ والمستوى الثاني جريمة رشق الحجارة مع إثبات نية القتل،
وعقوبتها القصوى عشرون عاما. وصادقت الحكومة الإسرائيلية على القانون يوم 11
تشرين الأول/ أكتوبر 2015.
وكانت
إسرائيل أصدرت قرارات عنصرية متسارعة إزاء الأسرى الفلسطينيين خلال العقد الأخير؛ في محاولة لكسر إرادتهم لكن دون جدوى، فللأسرى تحركات مدروسة وموحدة لمواجهة فاشية
السجان الصهيوني.
تبوأت قضية الأسرى الفلسطينيين ومعركة الأمعاء الخاوية مكانة مهمة في إطار القضية الفلسطينية منذ 1967، نظرا إلى أنها طاولت عددا كبيرا من الفلسطينيين، وفي شكل أساسي في الضفة الغربية وقطاع غزة. وستبقى تلك القضية متلازمة مع وجود الاحتلال الإسرائيلي.
أهمية القضية
تعتبر قضية الأسرى من أهم القضايا الإنسانية والسياسية والقانونية
في العصر الحديث، خصوصا أن مئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني دخلوا السجون على
مدار سني الصراع الطويلة مع الاحتلال والحركة الصهيوني. وكانت سنوات الانتفاضة الفلسطينية
الأولى التي انطلقت عام 1987، وسنوات الانتفاضة الثانية التي انطلقت عام 2000، من أصعب
المراحل التاريخية، حيث اعتقلت إسرائيل في أثناء الانتفاضتين عشرات الآلاف من الفلسطينيين.
لقد تبوأت قضية الأسرى الفلسطينيين ومعركة الأمعاء الخاوية
مكانة مهمة في إطار القضية الفلسطينية منذ 1967، نظرا إلى أنها طاولت عددا كبيرا من الفلسطينيين، وفي شكل أساسي في الضفة الغربية وقطاع غزة. وستبقى تلك القضية متلازمة مع وجود الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على أراضي الفلسطينيين بقوة السلاح والإرهاب المنظم.
ويمكن تلمس أهمية قضية الأسرى الفلسطينيين من خلال المعطيات
والحقائق الماثلة، حيث اعتقل الجيش الإسرائيلي نحو مليون فلسطيني بين الأعوام 1967
و2023 في الضفة الغربية والقطاع. وثمة 4850 أسيرا فلسطينيا يقبعون حاليا داخل سجون
الاحتلال، وسط معاناة كبيرة جرّاء
الانتهاكات التي يتعرضون لها.
وحسب آخر إحصاءات هيئة شؤون الأسرى التابعة لمنظمة التحرير
الفلسطينية، فإن من بين إجمالي الأسرى يوجد 43 سيدة، و225 طفلا، كما يعاني أكثر من
500 أسير وأسيرة، حسب الهيئة من أمراض مختلفة، بينهم العشرات من ذوي الإعاقة ومرضى
السرطان، ومن بين الأسرى 509 أسرى من القدس. وتحتجز سلطات الاحتلال الأسرى في 22 سجنا ومركز توقيف.
في إطار عدوان إسرائيل المستمر على الشعب الفلسطيني في وطنه وخارجه، كانت عملية اعتقال الفلسطينيين بمنزلة حرب إسرائيلية معلنة، ما زلنا نشهد فصولها على مدار الساعة، للحد من حركة الشباب المقاوم.
وقد تعرّض 95 في المائة من الأسرى للتعذيب القاسي والإساءة
من المحققين والجيش الإسرائيلي. ويشمل التعذيب صنوفا مختلفة، مثل الضرب والاعتداء،
بشكل وحشي وهمجي على الأسرى في أثناء اعتقالهم، وقبل نقلهم إلى مراكز التحقيق والتوقيف،
بالإضافة إلى إجبارهم على خلع ملابسهم، وتركهم ساعات طويلة في البرد القارس، وهم مكبلو
الأيدي والأرجل، وحرمانهم من استعمال المراحيض، ناهيك عن منع زيارات ذويهم.
وفي إطار عدوان إسرائيل المستمر على الشعب الفلسطيني في وطنه
وخارجه، كانت عملية اعتقال الفلسطينيين بمنزلة حرب إسرائيلية معلنة، ما زلنا نشهد فصولها
على مدار الساعة، للحد من حركة الشباب المقاوم، ومن ثم الكفاح المشروع لتلك الشريحة
من الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي ومعالمها الاحتلالية، وفي مقدمتها النشاط
الاستعماري في عمق الأراضي الفلسطينية.
استمرت
سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتشريع قوانين عنصرية تعسفية غير مسبوقة بحق الأسرى الفلسطينيين،
ضاربة بعرض الحائط كل القوانين والتشريعات الدولية ومبادئ حقوق الإنسان.
فتح انضمام فلسطين إلى النظام الأساس لمحكمة العدل الدولية، المجال أمام طلب إصدار فتاوى قانونية، وخوض معارك قانونية دولية مع دولة الاحتلال، محورها موضوع الأسرى والمعتقلين، إضافة إلى إتاحة المجال لرفع دعاوى قانونية أمام المحاكم الداخلية للدول التي قبلت بفتح ولايتها القضائية أمام هذه القضايا.
مجرمو الحرب الصهاينة
فتح انضمام فلسطين إلى النظام الأساس لمحكمة العدل الدولية، المجال أمام طلب إصدار فتاوى قانونية، وخوض معارك قانونية دولية مع دولة الاحتلال،
محورها موضوع الأسرى والمعتقلين، إضافة إلى إتاحة المجال لرفع دعاوى قانونية أمام المحاكم
الداخلية للدول التي قبلت بفتح ولايتها القضائية أمام هذه القضايا. وثمة سياسات إسرائيلية
إزاء قضية الأسرى تعزّز التوجه المذكور، منها الاعتقال الإداري، فضلا عن اعتقال الفلسطينيين
ونقلهم إلى السجون الإسرائيلية التي تقع داخل الأراضي المحتلة في 1948، إذ يعتبر هذا،
في حد ذاته، إجراء غير قانوني، ومخالفا لأبسط قواعد القانون الدولي.
وفي هذا السياق، تنص اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بالسكان
المحميين، تحت عنوان البند الرابع، على وجوب قضاء السكان الذين تتم إدانتهم فترة محكوميتهم
في الأراضي المحتلة.
هناك عوامل قد تعزّز من صمود الأسرى في مواجهة الجلاد الإسرائيلي،
وصولا إلى تحقيق رزمة من المطالب، في مقدمتها وقف الاعتقال الإداري المنافي للقوانين
والشرائع الدولية. ومن العوامل المهمة الأخرى تبنّي القوى والفصائل والقوى المجتمعية
الفاعلة خطابا موحدا إزاء قضية الأسرى، باعتبارها جوهرية ومن الثوابت الفلسطينية
الوطنية. وبهذا، يمكن الاستفادة من فعاليات التضامن الفلسطينية والعربية والدولية مع
الحركة الأسيرة، والضغط على المنظمات الدولية ذات الصلة لإرغام إسرائيل الانصياع للقرارات
الدولية الخاصة بالأسرى الفلسطينيين.