كشفت زيارة محمد إدريس ديبي، الرئيس
التشادي، إلى دولة الاحتلال عن تفاصيل جديدة من علاقاتهما السرية، بعد أن أقام الرئيس الوالد الراحل اتصالات مع رئيس الحكومة
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد 47 عامًا من القطيعة، ومن المتوقع أن يفتتح الأخير سفارة تشاد في تل أبيب باعتبارها مقدمة لتعاون ثنائي يؤسس لعودة جزء من أفريقيا إلى إسرائيل.
ايتمار آيخنر، المراسل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر أن "ديبي وصل إسرائيل في زيارة تستغرق يومين، بعد أقل من خمس سنوات على استئناف علاقاتهما، بعد أن قام والده الراحل بزيارة تاريخية نهاية 2018، وبعد شهرين زار نتنياهو تشاد، وأعلن تجديد علاقاتهما الدبلوماسية، بعد 47 عامًا من الانقطاع، مع العلم أن زيارة ديبي هي الأولى لإسرائيل منذ أن حلّ محل والده الديكتاتور قبل عامين، حين أعلنت وفاته بعد يوم من فوزه في جولة الانتخابات الرئاسية السادسة".
وأضاف في
تقرير ترجمته "عربي21" أنه في "مايو 2022 قدم سفير الاحتلال في تشاد بن بورغيل أوراق اعتماده إلى ديبي لإعلان استئناف العلاقات، فيما قدمت إسرائيل المساعدة لتشاد في مختلف المجالات، وفي ديسمبر افتتحت وحدة العناية المركزة في العاصمة نجامينا باحتفال رسمي، وقال نتنياهو لضيفه إنه يرى في الزيارة مؤشرا على علاقات مهمة للغاية مع دولة كبيرة في قلب أفريقيا، ونريد الارتقاء بهذه العلاقات لمستويات جديدة".
وأشار إلى أن "نتنياهو وديبي سيفتتحان السفارة صباح اليوم الخميس في حي رمات غان بتل أبيب، وزعم الأول أن تعاون الجانبين لن يساعد فقط على تعزيز علاقاتهما وتعاونهما، لكنه يشكل جزءا من عودة إسرائيل لأفريقيا، وعودة أفريقيا لإسرائيل، زاعما أن لدينا أهدافا مشتركة للأمن والازدهار والاستقرار".
عقب هذه التصريحات، عُقد اجتماع موسع مع الرئيس الضيف بمشاركة وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ورئيس الموساد ديفيد بارنيع، ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء آفي غيل، وسفير إسرائيل في تشاد ومقره السنغال بن بورغال، ومن الجانب التشادي شارك وزير الخارجية محمد صالح أناديف، ووزير الدفاع داود يايا برهيم، ورئيس الديوان الرئاسي إدريس يوسف بوي، ورئيس المخابرات العامة اللواء أحمد كوجري.
من جهة أخرى، كشفت الزيارة عن علاقة وثيقة ربطت الرئيس التشادي مع رئيس الموساد، فضلا عن مصالحهما التجارية، والتطلع الإسرائيلي لأن يفعل الاختراق مع تشاد مفعوله نحو ما يعرف بـ"تأثير الدومينو" مع باقي الدول الأفريقية.
صحيفة يديعوت أحرونوت، ذكرت أنه "على غير العادة فإن من استقبل الرئيس ديبي في إسرائيل هو رئيس الموساد بارنيع، وهذا ليس من باب الصدفة، لأن الموساد يقف وراء الاختراق مع أكبر دولة إسلامية في وسط أفريقيا، حيث يعيش 17.5 مليون نسمة، وساعدها في العثور على مستثمرين تجاريين فيها، وقد وصل بارنيع للمطار بناء على طلب ديبي، في ظل روابطهما الواسعة، وسيرافقه طوال الزيارة بأكملها".
وأضافت في
تقرير ترجمته "عربي21" أن "وصول ديبي لإسرائيل، وهو جنرال في الجيش يُعرف باسم "الجنرال كيكا"، خطوة مهمة في علاقاتهما، التي افتتحها بارنيع ذاته، وبجانب عملياته السرية لإلحاق الضرر بالبرنامج النووي لإيران، وتمركزها في سوريا، يفتح آفاقًا جديدة لدولة الاحتلال، وإمكانيات
التطبيع مع الدول الإسلامية، وبالنسبة لإسرائيل تعتبر تشاد دولة مهمة بسبب الدول المحيطة بها، أو القريبة منها، وتشمل ليبيا والجزائر في الشمال والسودان شرقا، والنيجر غربا".
وأشارت إلى أن "إسرائيل لديها مصالح قليلة في هذه المنطقة الحساسة، لكن منذ استئناف العلاقات، فقد ساعد الموساد تشاد بشكل كبير في فتح البوابات أمام المستثمرين الأجانب، وحرص على جلب العديد من المانحين إليها، لأن الفكرة من وراء هذه الخطوة أن دول المنطقة ستنظر إلى مسار تشاد، وتدرك أنها تستفيد من العلاقات مع إسرائيل، ويأمل الموساد أن يؤدي الاختراق مع تشاد لجلب دول غير صديقة في المنطقة للتطبيع مع إسرائيل".
ونقلت عن "كبار المسؤولين في تل أبيب أن الدفء في العلاقات مع تشاد يهدف لإحداث "تأثير الدومينو"، وبجانب الموساد تعمل وزارة الخارجية على زيادة النشاط في الدولة الإسلامية الأفريقية، ولا تزال العلاقات الأمنية بينهما مستمرة، ومن المتوقع وصول وفود اقتصادية وزراعية وأمنية إسرائيلية إلى تشاد، وهو ما أكده وزير الخارجية إيلي كوهين لدى لقائه بالرئيس الضيف، مؤكدا أن إسرائيل ترى أهمية كبيرة في استقرار تشاد وازدهارها، وطالبه بمواصلة دعم إسرائيل في المحافل الدولية المختلفة، مشيرا للمساعدة الكبيرة التي قدمتها إسرائيل لتشاد عبر وكالة المعونة الوطنية الإسرائيلية في وزارة الخارجية".
وكشفت أنه "في هذه الأيام يوجد في تشاد وفد إسرائيلي من الأطباء لتدريب المهنيين الطبيين في طب الطوارئ، وقال كوهين إن افتتاح السفارة التشادية لأول مرة سيشجع الدول الأخرى في القارة الأفريقية لتعزيز العلاقات مع إسرائيل، زاعما أن العلاقة بينهما دليل آخر على أهمية نشاط وزارة الخارجية في القارة الأفريقية، وستواصل العمل على تعزيز العلاقات بينهما، شاكرا الضيف على دعم ترشيح إسرائيل كدولة مراقبة في الاتحاد الأفريقي".
من الواضح أن وصول الرئيس ديبي لدولة الاحتلال قصد منه إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات بينهما، في ظل تأكيد رئيس الموساد بارنياع على أن توسيع دائرة الشراكة السياسية هدف مهم لتوسيع العمق الاستراتيجي لدولة الاحتلال، زاعما أن يستلهم القادة الآخرون في الشرق الأوسط وأفريقيا من هذه الاتفاقية المهمة، ويعززوا علاقاتهم مع إسرائيل، معلنا أن الموساد سيستمر في العمل بكل الطرق لتطوير وتعزيز العلاقات مع أي دولة وكيان له مصلحة مع إسرائيل في السعي لتحقيق اتفاق تطبيع معه.
مع العلم أنه منذ قرار إعادة العلاقات في 2019، لعب الموساد دورا مركزيا في عملية تشكيل الاتفاقية، وتعزيز العلاقات بينهما بتوجيه من المستوى السياسي، وكجزء من جهود تعزيز عمليات التطبيع مع دول المنطقة، فإن الموساد في شراكة كاملة مع المسئولين السياسيين والأمنيين في تشاد ممن قادوا العلاقة السرية، وعززوا خطوات مهمة، بما في ذلك زيارات وفود متبادلة بين إسرائيل وتشاد.
يشار إلى أن تشاد تفتتح، الخميس، سفارة لها برمات غان قرب تل أبيب، بعد استئناف العلاقات بين الجانبين عام 2019.
جاء ذلك وفق بيان مشترك لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس تشاد محمد ديبي، الذي وصل إسرائيل الأربعاء في زيارة غير محددة المدة.
وقال البيان, الذي نشره مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي عبر "تويتر"، إن نتنياهو التقى ديبي في مكتبه بالقدس المحتلة.