نظريا، يحتل الجيش الصهيوني
فلسطين كلها باستثناء قطاع
غزة، الواقعة تحت حصاره برا وجوا وبحرا، وفيما يخص الأراضي الفلسطينية المحتلة عام
1948، فالاحتلال يستعمل القبضة الناعمة حينا والخشنة أحيانا للسيطرة على من بقي من
العرب في هذه المناطق. ولكن ماذا عن المناطق الفلسطينية التي باتت تسمى الضفة
الغربية بعد النكبة؟ والمحتلة بعد النكسة، مَن الذي يحتل مَن فيها؟
واقع هذه الأرض حسب المعطيات الظاهرة بائس ومعاناتها بسب
الاستيطان والحواجز والقهر اليومي يقول إنها محتلة و"تحت السيطرة"، ولكن
ماذا عن الواقع غير الظاهر، وفق منطوق ما يقوله العدو؟
واقع هذه الأرض حسب المعطيات الظاهرة بائس ومعاناتها بسب الاستيطان والحواجز والقهر اليومي يقول إنها محتلة و"تحت السيطرة"، ولكن ماذا عن الواقع غير الظاهر، وفق منطوق ما يقوله العدو؟
تدعي
أجهزة الأمن الصهيونية -مثلا- أن لديها اليوم 41 إنذاراً ساخناً عن تخطيط الفلسطينيين لتنفيذ 41 عملية مسلحة، تستهدف جنوداً أو
مستوطنين في الضفة الغربية والقدس وغيرهما، ولهذا يعلن الجيش عن
تقديم سريتين
عسكريتين للشرطة في القدس، وزيادة القوات في الضفة الغربية، لتصبح 70 في المائة من
الوحدات القتالية في هذا الجيش، منتشرة في القواعد العسكرية المحيطة بالمدن
والبلدات الفلسطينية.
وللعلم،
رئيس أركان الجيش السابق أفيف كوخافي، كان أعلن لدى ترك الخدمة العسكرية أواسط
الشهر الفائت، أن نصف قوة الجيش موجودة في الضفة الغربية، فيما أعلن خليفته
هرتسي
هليفي عن رفد القوات بمزيد من الوحدات. وقام أخيرا بجولة تفقدية لهذه القوات،
واجتمع بالقادة الميدانيين، وتدارس معهم الأوضاع. واستمع إلى تقرير من المخابرات
كشفت فيه أن بحوزتها اليوم، ما لا يقل عن 41 إنذاراً حول عزم فلسطينيين تنفيذ
عمليات. وتقرر رفع حالة التأهب إلى أقصى درجة حربية شرقي القدس وفي الضفة الغربية، وبموجب تعليمات جديدة، نشرت شرطة العدو عناصرها
بشكل مكثف في مراكز المدن والمستوطنات، وخصوصاً في المناطق التي يقطنها اليهود
المتدينون، وحصلت من الجيش على سريتين، فيما انتشرت قوات الجيش على جميع مفارق
الطرقات ومداخل المستوطنات، وأقامت الأطواق الأمنية حول جميع البلدات الفلسطينية!
وفي
حديث مع الإذاعة الرسمية العبرية (كان)، قالت رئيسة شعبة العمليات في الشرطة،
سيغال بار تسفي: "رفعنا درجة التأهب، ونشرنا قوات بزي الشرطة والزي المدني في
أنحاء البلاد للردع، ومن أجل إحباط أحداث إرهابية!" حسب تعبيرها، ومنح الشعور
بالأمن للمستوطنين. وأضافت: "نرصد مؤشرات، كالتي رصدناها قبل سنة وكذلك عشية
حارس الأسوار (وهي التسمية
الإسرائيلية للعملية الحربية ضد غزة أواسط عام 202)،
تدل على تصعيد في خطورة العمليات". وحسب "كان"،
فإن التخوف في جهاز الأمن الإسرائيلي يتمحور حول عمليات ينفذها فلسطينيون يقومون
بتقليد عمليتي "نافيه يعقوب" وسلوان. "والتحدي الأكبر حالياً هو
منع التصعيد وتهدئة الوضع وعدم الوصول إلى
انتفاضة ثالثة"!!
إذا كانت كل هذه العسكرة و"إعادة الاحتلال" للضفة الفلسطينية المحتلة، هو لمنع انتفاضة ثالثة، ولئن كان هذا الاستنفار من أجل منع الانتفاضة، ترى ماذا سيكون عليه الحال حين تشتعل الانتفاضة الثالثة فعلا؟
إذا كانت كل هذه العسكرة و"إعادة
الاحتلال"
للضفة الفلسطينية المحتلة، هو لمنع
انتفاضة ثالثة، ولئن كان هذا الاستنفار من أجل
منع الانتفاضة، ترى ماذا سيكون عليه الحال حين تشتعل الانتفاضة الثالثة فعلا؟
السؤال الأهم هنا هو: من الذي يقاوم بضراوة للحيلولة دون
اندلاع الانتفاضة الموعودة، الآتية بلا شك؟
في المقام الأول، يأتي النظام الرسمي، ثم ما يسمى
"العالم المتحضر" أو "المجتمع الدولي" وأخيرا جيش الاحتلال،
ولكل جهة مبرراتها وخوفها من هذه الانتفاضة العتيدة. فالنظام العربي معني بإبقاء
الشعوب في حالة غياب عما يجري حولها، وهو يخشى من تطاير شرر انتفاضة فلسطين فيوقظ
المغيبين. أما العالم الحر، فلديه أجندة أولويات ليس من بينها فلسطين وشعبها، ولا
يريد التشويش على أجندته، فضلا عن أنه معني بأن يعيش سكان المستعمرة التي أنشأها
في بلادنا بهدوء. أما جيش الاحتلال، فهو مضطر إلى أن يبقي إصبعه على الزناد، 24 ساعة
في اليوم، 30 يوما في الشهر، 12 شهرا في السنة، فمن يحتل من؟
وهل حقا أن فلسطين هي الأرض العربية الوحيدة المحتلة، أم
أنها -فعلا- الأرض العربية الوحيدة الحرة، وغير المحتلة؟