رفع
"مصرف
سوريا المركزي" التابع للنظام السوري سقف السحب النقدي اليومي من الحسابات
المصرفية إلى 15 مليون
ليرة سورية، بدلاً من 5 ملايين ليرة سورية، في خطوة تبدو استجابة
لشكاوى صناعيين وتجار في مناطق سيطرته.
وفي
تعميم أصدره المصرف، فإنه حدد سقف سحب الأموال من الحسابات المفتوحة للأشخاص بـ15
مليون ليرة سورية، مضيفاً أن ذلك يأتي في "إطار سياسة مصرف سوريا المركزي بتقييد
السحوبات النقدية بهدف إدارة سعر الصرف واستخدام الأدوات الرقابية التي تهدف إلى الحد
من المضاربة على الليرة السورية ومتابعة وجهة استخدام الأموال المسحوبة من حسابات المتعاملين،
وبهدف إعطاء مرونة أكبر للمتعاملين في استخدام حساباتهم المصرفية".
وعلى
مدار نحو عقد، فقد طبق النظام السوري سياسة تجفيف السيولة في الأسواق بهدف تقليل حجم المستوردات
والحد من الطلب على الدولار لتثبيت سعر صرف الليرة، إلا أن الأخيرة تواصل نزيفها، مسجلة
مستويات قياسية (نحو 7000 ليرة سورية للدولار).
استجابة
لمطالب الصناعيين والتجار
وبالفعل
يأتي التعميم استجابة لمطالب الصناعيين والتجار، لكن مصدرا من دمشق وصف التعميم بـ"المخيب
للآمال، موضحاً أن قيمة السيولة التي يمكن سحبها يومياً ما زالت دون الحجم المطلوب
(نحو 2400 دولار أمريكي).
ويوضح
المصدر أن هذا المبلغ (15 مليون ليرة سورية) لا يساعد التجار والصناعيين، مطالباً بإلغاء
السقف على سحب السيولة، لأن ذلك يصب في مصلحة الأسواق، على حد تأكيده.
وقبل
نحو عام تقريبا، رفع المصرف سقف السحب اليومي من مليوني ليرة سورية إلى خمسة ملايين، ويؤكد
المستشار الاقتصادي في مركز "جسور للدراسات"، خالد التركاوي، أن القيمة الشرائية
للسقف السابق تساوي تقريبا السقف الجديد، نظراً لانخفاض قيمة الليرة السورية خلال عام.
لكن
مع ذلك يرى التركاوي في حديثه لـ"عربي21" أن التعميم الأخير يؤشر إلى تغيير
النظام للسياسات المالية السابقة، أي تجفيف السيولة من الأسواق، بعد أن ثبت فشلها.
ويقول
إن الأسواق باتت متعطشة للسيولة، ومن هنا بدأ النظام بالتخلي التدريجي عن ضبط الكتلة
النقدية، وذلك تجنبا لمزيد من الانتقادات من التجار والصناعيين.
زيادة
الودائع في المصارف
أما
الخبير الاقتصادي سمير الطويل، فيشير إلى هدف آخر يتطلع النظام إليه من وراء رفع سقف
السحب النقدي اليومي، يتمثل في زيادة الودائع من التجار والصناعيين في المصارف.
وفي
حديثه لـ"عربي21" يوضح أن رفع سقف السحب اليومي من شأنه أن يدفع أصحاب رؤوس
الأموال إلى إيداع أموالهم في المصارف، فبالتالي هم يستطيعون سحب مبالغ "كبيرة
نسبياً" منها بشكل يومي، لتسيير تعاملاتهم المالية.
لكن
وفق الطويل، فإن الهدف الأبرز من التعميم هو الحد من هجرة أصحاب رؤوس الأموال، بسبب
السياسات النقدية والمالية التي يتبعها النظام منذ نحو عقد، إلى جانب الظروف التي تمر
بها البلاد.
ولفت
الطويل إلى زيادة الانتقادات للنظام السوري واتهامه بـ"تطفيش" أصحاب رؤوس
الأموال غير المدعومين والمقربين منه.
وإلى
جانب التقييد المالي، وتجريم التعامل بالعملات الأجنبية، فإن التجار ورجال الأعمال يشتكون من ارتفاع قيمة الضرائب، ويتحدثون عن "سياسات جائرة" الهدف منها إجبار القلة
القليلة المتبقية منهم على مغادرة البلاد.
مطالبات
برفع الرواتب والأجور
ويعاني
السوريون من أوضاع اقتصادية صعبة للغاية، في ظل ارتفاع الأسعار وعدم تناسب الرواتب
والأجور مع مستوى المعيشة.
ومع
وصول الدولار الواحد إلى حدود 7000 ليرة سورية، فقد صارت قيمة متوسط الأجور أقل من 20 دولارا.
وفي
هذا الصدد، فإن موقع "سناك سوري" الموالي للنظام سخر من رفع سقف السحب النقدي
من المصارف، قائلاً: "بالنسبة للمواطنين بيقدروا يسحبوا راتب الـ100 ألف أول الشهر".