نشرت صحيفة "
واشنطن بوست" تقريرا للصحفيين كريم فهيم وزينب كاراتاش، قالا فيه إن الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان أطلق العنان لموجة من الإنفاق العام، لمساعدة الملايين في بلاده الذين
يعانون من المصاعب الاقتصادية، ولضمان أن أصواتهم تسير في طريقه، حيث سيواجه أصعب
انتخابات له خلال أشهر قليلة.
وشملت الإغراءات -التي تستهدف الطلاب والعاملين
وأصحاب الأعمال والركاب وغيرهم- الإعفاء الضريبي والقروض الرخيصة ودعم الطاقة، وحتى التعهدات بعدم زيادة رسوم الطرق والجسور.
وبحسب ما ورد في التقرير، فإن "أردوغان يجد
نفسه عرضة لتحدي المعارضة أكثر من أي وقت مضى، حيث يطالب الجمهور الذي يعاني من
التضخم المرتفع تاريخيا، في كثير من الأوساط، بالتغيير".
واعتبر التقرير أن "الرئيس وحزبه الحاكم (العدالة
والتنمية) عانيا من تآكل الدعم الشعبي خلال أزمة اقتصادية طويلة تميزت بارتفاع
أسعار المعيشة وانهيار العملة".
ويُنظر إلى الاقتراع هنا على أنه سيكون
بفوارق بسيطة، ولكن قد يُحدث تغييرا جذريا، حيث ينتظر الناخبون، بمن فيهم أعضاء
ساخطون من قاعدة الرئيس نفسه. وقال أردوغان مؤخرا إن الانتخابات، بما في ذلك
انتخابات البرلمان، ستجرى في منتصف أيار/ مايو.
وتضمنت الإجراءات الاقتصادية التي تم
الإعلان عنها في الأشهر القليلة الماضية -"بشرى سارة" كما أطلق عليها
أردوغان- رفع الحد الأدنى للأجور إلى 450 دولارا شهريا، وهو ضعف الزيادة عن العام
السابق.
وعرض أردوغان قروضا عقارية منخفضة
الفائدة، وألغى الفائدة على قروض الطلاب، وقدم حزمة دعم بقيمة 10 مليارات دولار
للتجار. وقال الاثنين، إن مشروع
قانون سيسمح "للمواطنين والشركات" بإعادة هيكلة الديون المستحقة
للحكومة، بما في ذلك إلغاء الغرامات الضريبية الصغيرة.
والأسبوع الماضي، أعلن عن إلغاء غرامات
رخصة القيادة لجميع المخالفات باستثناء أسوئها، مثل القيادة في حالة سكر، قائلا
إنه سيتم استعادة حوالي 10000 رخصة معلقة.
قال بيرك إيسن، أستاذ العلوم السياسية بجامعة
سابانجي في إسطنبول، إن الاقتصاد "سيكون بالتأكيد أكبر قضية في الانتخابات
المقبلة.. إذا كان بإمكان أردوغان التفكير في طريقة لمعالجة هذه الأزمة، لإبلاغ
الناخبين بأنه سينقذهم من الركام الاقتصادي"، فقد يكون الرئيس قادرا على
إقناع أعضاء قاعدته الساخطين بالعودة إلى ديارهم، خاصة في خارج المدن الكبرى، حيث
سيكون مفعول الأموال أنجع.
وأضاف إيسن أنه منذ أواخر الصيف، أظهرت
استطلاعات الرأي ارتفاع شعبية أردوغان بضع نقاط مئوية، وهو ارتفاع نسبه إلى عروض
الحكومة الاقتصادية. ومع ذلك، فبالنسبة لكثيرين غيرهم، لم تحدث فورة الإنفاق الحكومي أي تأثير يذكر.
ورأى أيسن أن أردوغان ساعده خصومه
السياسيون، الذين فشلوا حتى الآن في تسمية مرشح لتحديه وتقديم "بديل
واضح". وتابع: "أتيحت الفرصة للمعارضة
لتوجيه ضربة كبيرة لأردوغان، لكنهم فشلوا في توجيهها حقا".
وبحسب ما ورد في التقرير، فإن الزعيم
التركي استخدم سلطات واسعة لقمع التحديات التي تواجه حكمه، بما في ذلك
الحملة الحكومية المستمرة منذ سنوات على وسائل الإعلام الإخبارية التي أعاقت
التقارير المستقلة. كما استهدف المدعون العامون خصوم أردوغان السياسيين، بما في
ذلك حزب مؤيد للأكراد وأحد المنافسين السياسيين الرئيسيين للرئيس، عمدة إسطنبول
أكرم إمام أوغلو.
لكن التضخم، بالنسبة لأردوغان، لا يزال
نقطة ضعف أساسية، ووصلت إلى أكثر من 80% في الخريف قبل أن تنخفض إلى 64% في كانون
الثاني/ ديسمبر. وقال إيرينك يلدان، أستاذ الاقتصاد في
جامعة قادر هاس في إسطنبول، إنه مع ارتفاع أسعار السلع العادية، تسبب التضخم في
"خسارة الأجور الحقيقية بنحو 5%" منذ عام 2019.
وأضاف: "ليس لدى الناس أي آليات
وقائية ضد التضخم". وأشار إلى أن رد الحكومة يرقى إلى مستوى
"تدخلات عشوائية ومخصصة وغير منتظمة في سوق العمل فيما يتعلق ببرامج دعم
الأجور، التي يعدّ تمويلها مشكوكا فيه للغاية.