فشل أحمد شفتر، المقرب من الرئيس
التونسي قيس سعيّد والمدافع عن فكرة "البناء القاعدي" في الوصول إلى مجلس النواب، عقب هزيمته في جولة الإعادة من الانتخابات البرلمانية التي جرت الأحد.
وحصل شفتر على 2223 صوتا في الدائرة الانتخابية جرجيس التابعة لمحافظة مدنين جنوب شرقي البلاد، مقابل 2246 صوتا لمنافسه مسعود قريرة، بحسب وكالة الأنباء التونسية.
والأحد، أعلنت تونس أن 11 بالمئة تقريبا من الناخبين أدلوا بأصواتهم في جولة الإعادة من الانتخابات البرلمانية التي أشار فيها منتقدو الرئيس قيس سعيّد إلى أن مراكز الاقتراع شبه الفارغة تعكس استياء الرأي العام من سيطرته على سلطات واسعة.
وقال رئيس هيئة الانتخابات، التي تولى سعيّد السلطة النهائية عليها العام الماضي، إن نسبة المشاركة الأولية في الجولة الثانية من الانتخابات بلغت 11.3 بالمئة. وبلغت نسبة الإقبال 11.2 بالمئة في الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت في 17 كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
والانتخابات النيابية، هي آخر نقطة في خارطة الطريق التي أعلن عنها سعيّد نهاية العام الماضي، والتي تضمنت إجراء استشارة وطنية واستفتاء شعبي على دستور جديد وعقد انتخابات تشريعية في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2022، الذي يتزامن مع الذكرى الثانية عشرة لانطلاق الثورة.
ويعتبر شفتر أحد أبرز المدافعين عن فكرة "البناء القاعدي"، وهو مبدأ كان ينوي الدعوة له وتطبيقه بمجرد انتخابه في البرلمان، وهي جزء من البرنامج الانتخابي الرئاسي الذي قدمه سعيّد عام 2019.
وسيخسر الرئيس سعيّد في البرلمان المقبل أحد أبرز الوجوه في طاقمه السياسي الذي تشكل عقب إعلان التدابير الاستثنائية في 25 تموز/ يوليو 2021.
وفي مساء 25 تموز/ يوليو 2021، أعلن سعيّد تجميد اختصاصات البرلمان لمدة شهر قبل أن يقوم بحله نهائيا العام الماضي، ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه للنيابة العامة، وعزل رئيس الوزراء هشام المشيشي وفريقه الحكومي، وإقالة مسؤولين آخرين، وصولا إلى عقد انتخابات برلمانية جديدة.
وسمح عدم وجود ناطق رسمي باسم الرئيس سعيّد يتفاعل مع وسائل الإعلام لأحمد شفتر بأن يجد لنفسه مكانا في المحطات الإذاعية والتلفزيونية، حيث يُقدّم نفسه على أنه عضو الحملة التفسيرية لسعيّد.
ومثل كل من شارك في الحملة التفسيرية للرئيس، يقدم شفتر نفسه كمستقل ومتطوع، حيث يؤكد أن الرئيس لا ينحرف عن البرنامج المعمول به، كما أنه معجب بشخص قيس سعيّد.
وأصبح شفتر، الذي أراد "صفع الخونة" بجعل مظاهرة 8 أيار/ مايو الماضي المساندة لسعيّد عملاً رائعاً مع حشد استثنائي، أكثر تكتمًا منذ فشل هذه المبادرة التي لم تجمع سوى بضعة آلاف من الناس، في أعقاب مظاهرات حاشدة لمناهضي إجراءات الرئيس.
في المقابل، نجح مدير حملة قيس سعيّد الانتخابية، فوزي دعاس، في الفوز بمقعد في البرلمان بحصوله على 2975 صوتا مقابل 2643 صوتا لمنافسه أحمد الساحلي، بدائرة الحامة والحامة الغربية التابعة لمحافظة قابس، جنوبي البلاد.
والدعاس، هو ناشط يساري شارك في تنظيم اعتصام القصبة 2 عام 2011، حيث التقى بالرئيس الحالي وأصبح منذ ذلك الحين من أكثر الشخصيات المقربة من سعيّد، لكنه لم يبرز على الساحة إلا في عام 2019، كمدير حملة للمرشح الرئاسي قيس سعيّد.
وكان الدعاس يتوقع أن يؤدي انتصار سعيّد إلى توليه مهام رسمية، لكن الأخير رفض التكريم واستمر، على أساس طوعي، في إقامة مشروع الديمقراطية المباشرة الذي يقدّمه سعيّد كمشروع سياسي، قبل الترشح للبرلمان.
ويُعتبر الدعاس من أبرز الوجوه المسوقة لسعيّد بين الأوساط الطلابية، ولكن أيضًا في دوائر "حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد" المعروف باسم "وطد" (أقصى اليسار)، الذي يُتهم بالتأثير الكبير على الرئيس التونسي.
كما حصل بدر الدين قمودي، زعيم حركة الشعب المؤيد لمشروع
قيس سعيد والذي ترأس الهيئة النيابية للإصلاح الإداري والحكم الرشيد في البرلمان السابق، على مقعد بدائرة "المكناسي منزل بوزيان المزونة" التابعة لمحافظة سيدي بوزيد، وسط البلاد. وحصل القمودي على 7138 صوتا، مقابل 6759 صوتا لمنافسه علي الفاهم.
كما عرفت الانتخابات ترشح عديد الوجوه التي كونت طاقما سياسيا لسعيّد منذ إعلان التدابير الاستثنائية في 25 تموز/ يوليو 2021، ومن أبرزهم نقيب المحامين السابق إبراهيم بودربالة، الذي ضمن مقعدا في البرلمان منذ الجولة الأولى.
ودعم نقيب المحامين السابق الرئيس سعيّد في مواجهته مع القضاء وشارك في اللجنة المسؤولة عن صياغة مسودة
الدستور، التي لم يتم الإبقاء عليها، حيث أعرب قبل بدء الحملة الانتخابية، عن طموحه في أن يصبح رئيسًا للبرلمان المقبل.
وتنافس في جولة الإعادة من الانتخابات البرلمانية 262 مترشحًا، من ضمنهم 34 امرأة، من أجل الالتحاق بـ23 عضوا (3 نساء و20 رجلًا) ضمنوا مقاعدهم في البرلمان المقبل من خلال الدور الأول، من ضمنهم 10 خاضوا الانتخابات دون منافسة، مقابل 3 أعضاء فقط حصلوا على أغلبية الأصوات (50 بالمئة زائد واحد).
في المقابل، غابت الترشيحات في 7 دوائر انتخابية بالخارج، فيما يُتوقّع إجراء انتخابات جزئية فيها في وقتٍ لاحق لاستكمالها بعد تشكيل البرلمان الجديد.
ومن المنتظر أن يتم الإعلان عن النتائج الأولية للدور الثاني سيكون في أجلٍ أقصاه الأول من شباط/ فبراير المقبل، على أن يتم التصريح بالنتائج النهائية عقب غلق ملفات الطعون في أجلٍ لا يتجاوز يوم 4 آذار/ مارس 2023، على أن يعقد البرلمان بعد ذلك جلسة لانتخاب رئيس له.