نشرت صحيفة "واشنطن بوست" افتتاحية، تساءلت فيها عن آلية
محاكمة الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين على خلفية "ارتكاب جرائم" في غزوه لأوكرانيا.
وأوضحت
الصحيفة، في تقرير ترجمته "عربي21"، أن الدم المسفوك في أوكرانيا استدعى مطالب بالمحاسبة والعدالة، ليس فقط من الرئيس جو بايدن الذي وصف بوتين بمجرم الحرب، مشيرا إلى أن القوات الروسية ارتكبت "جرائم إبادة".
وأضافت أن قوات موسكو بالتأكيد مذنبة بارتكاب
جرائم حرب ويجب أن تحاسب. لكن السؤال الأصعب هو كيف يتم تحقيق العدالة من بوتين ووزرائه وجنرالاته والممولين له من الأوليغارش، وهم المسؤولون بشكل أساسي عن شن حرب غير قانونية ضد دولة ذات سيادة.
وقالت إن الداعمين الغربيين لأوكرانيا والمحكمة الجنائية الدولية جمعوا أكواما من البيانات ويجب استخدامها كدليل لمحاكمة القادة الروس في أوكرانيا بتهم ارتكاب جرائم حرب. إلا أنه سيكون من التفاهة حشر الجنرالات هؤلاء في قفص الاتهام وترك الجناة في الكرملين المسؤولين عن أكبر حمام دم رهيب في أوروبا منذ الحرب في يوغسلافيا قبل 30 عاما.
ودعت الصحيفة إلى إنشاء
محكمة خاصة بالحرب في أوكرانيا، لأن المحكمة الجنائية الدولية في هيج تفتقد الصلاحية لجلب المسؤولين الحقيقيين عن هذه الحرب أمام العدالة.
وترى الصحيفة أن الدبلوماسيين من الدول الرئيسية بمن فيهم الولايات المتحدة تقبلوا في الفترة الأخيرة الفكرة نتيجة لمناشدة من الرئيس الأوكراني فولدومير زيلنسكي. ودعا إليها بقوة رئيس الوزراء البريطاني السابق غوردن براون، وصادقت عليها فرنسا ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسلا فون ديرلاين.
ويتم توزيع مسودة قرار في الأمم المتحدة لدعم فكرة إنشاء محكمة جرائم حرب خاصة بأوكرانيا، ويجب على حلفائها الغربيين بذل المزيد لجعلها حقيقة.
وتضيف الصحيفة أن هناك سوابق قانونية عدة تدعم فكرة المحكمة، مثل محاكم الحرب التي حاكمت جنرالات ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية.
وتابعت بأن هناك قوائم طويلة للجرائم الموثقة مثل القتل والإغتصاب والتعذيب والقصف لمواقع المدنيين والتي يمكن للمدعي العام الضغط وربط بوتين وحاشيته بها مباشرة. مع التركيز على التهمة الأساسية وهي حقيقة شن الحرب في المقام الأول.
وواحد من الميزات لإنشاء محكمة خاصة هي السهولة النسبية لتوجيه تهم للقيادة الروسية لشن حرب عدوانية مقارنة مع الصعوبة والفترة الزمنية وكلفة المحاكمة في جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب، بما فيها جرائم الإبادة.
ولفتت الصحيفة إلى أن المحكمة ستكون مهمة لأنها ستلغي فرضية إفلات بوتين وحلقته الضيقة من العقاب وكذا بيلاروسيا التي لعبت دور منصة الإنطلاق للغزو.
وهناك أسئلة جدية تظل قائمة حول طبيعة المحكمة وتحولها لحقيقة، مثلا، "هل ستكون جزءا من الأمم المتحدة تصادق عليها الجمعية العامة وتطبق القانون الدولي، أما أنها ستكون مزيجا بين محكمة تطبق القانون الأوكراني والأوروبي أو أي محققين ومدعين من الخارج؟".
وأشارت إلى أنه سيكون مقر المحكمة في هولندا التي عرضت استضافتها. ويجب على الداعمين للمحكمة القرار فيما إن كانت هناك أرضية قانونية لمحاكمة بوتين وحاشيته غيابيا، وهو خيار ليس مثاليا، لكنه سيبدأ حالا وسيمثل ضربة رمزية.
وسيناقش المحامون فيما إن كان بوتين والمسؤولون الآخرون محصنين من المحاكمة بناء على القانون الدولي. ومن رؤية اليوم فمن المستبعد رؤية بوتين وزمرته أمام محكمة ذات معنى.
وفي الأمثلة السابقة كانت المحاكمة بعيدة، خلال الحرب العالمية الثانية وأثناء القتال في يوغسلافيا السابقة، وقبل أن تتحول إلى حقيقة عندما تم إنشاء محاكم خاصة، لكي تقوم بالمهمة، وبدون محكمة لديها الصلاحية لمحاكمة قادة روسيا على حرب عدوانية فالعدالة بالنسبة لهم ستظل وهما وبمحكمة كهذه ستصبح ممكنة.