الأحزاب التركية والتنافس على كسب ود الأكراد

تقترب تركيا يوما بعد يوم من موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي يرى كثير من المحللين أنها الأهم منذ انتقال البلاد إلى التعددية الحزبية في منتصف القرن الماضي، ويشتد التنافس بين تحالف الجمهور المؤيد للحكومة وتحالف الطاولة السداسية المعارض، وكذلك بين المرشحين المحتملين الذين يحلمون بخوض الانتخابات الرئاسية باسم هذا التحالف الأخير.

الأحزاب التركية كلها تسعى إلى الحصول على أصوات الناخبين من كافة شرائح المجتمع ومكوناته، بمن فيهم ذوو الأصول الكردية، لتعزيز حظوظ مرشحيها لرئاسة الجمهورية، والفوز بأكبر عدد من مقاعد البرلمان.

الأحزاب التركية كلها تسعى إلى الحصول على أصوات الناخبين من كافة شرائح المجتمع ومكوناته، بمن فيهم ذوو الأصول الكردية، لتعزيز حظوظ مرشحيها لرئاسة الجمهورية، والفوز بأكبر عدد من مقاعد البرلمان

ويتمتع حزب العدالة والتنمية بشعبية لا بأس بها في صفوف الناخبين الأكراد، كما التقى رئيس الجمهورية التركي ورئيس حزب العدالة والتنمية، رجب طيب أردوغان، قبل أسبوعين، رئيس حزب القضية الحر (هدى-بار)، زكريا يابيجي أوغلو، واثنين من قادة الحزب، في المقر الرئيسي لحزب العدالة والتنمية في العاصمة أنقرة، في ظل تكهنات حول احتمال انضمام هذا الحزب الذي معظم مؤيديه من الأكراد إلى تحالف الجمهور. وبعد اللقاء، صرح يابيجي أوغلو أنهم سيحددون موقفهم من التحالفات الانتخابية في الأيام القادمة.

رئيس حزب الديمقراطية والتقدم، علي باباجان، بدأ في الآونة الأخيرة يطلق تصريحات مثيرة للجدل، بالتزامن مع إعلان رغبته في الترشح لرئاسة الجمهورية، وقال في حديثه للصحفي التركي روشان تشاكير، إنه يمكن أن يفوز بسهولة، إن اختاره تحالف الطاولة السداسية كمرشح للانتخابات الرئاسية، وسيحكم البلاد كرئيس للجمهورية على أكمل وجه.

باباجان صرح أن المادة الدستورية التي تنص على أن كل من يحمل مواطنة البلاد هو "تركي"، يجب أن تتغير، وأن الدستور لا ينبغي أن يشير إلى الهوية التركية. وأثارت هذه التصريحات استياء واسعا في صفوف القوميين الأتراك من أنصار معظم الأحزاب المؤيدة للحكومة أو المعارضة لها، بما فيها الحزب الجيد وحزب الشعب الجمهوري من أحزاب الطاولة السداسية.

رئيس حزب الديمقراطية والتقدم ذهب مع زوجته إلى زيارة الرئيسة السابقة لاتحاد الأطباء الأتراك، شبنم كورور فيدانجي، للتضامن معها بعد خروجها من السجن. وكانت فيدانجي اتهمت الجيش التركي باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد عناصر حزب العمال الكردستاني، مرددة الدعاية السوداء التي تطلقها المنظمة الإرهابية كلما تلقت ضربات موجعة من القوات المسلحة التركية. وأطلقت المحكمة سراح فيدانجي بعد أن قضت عليها بالسجن لسنتين وثمانية أشهر، بتهمة الترويج لدعاية المنظمة الإرهابية.

تصريحات باباجان التي أثارت ضجة أكبر هي التي استهدفت شركة بايكار المنتجة للطائرات المسيرة الشهيرة بيرقدار تي بي-2، وبيرقدار أقينجي، وبيرقدار قزيل ألما. وقال باباجان إن الشركة هي وحدها من تستفيد من كافة إمكانيات الدولة، وتوعد بمحاسبة الشركة إن فاز مرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية. إلا أن الرئيس التنفيذي للشركة، خلوق بيرقدار، نفى ما ذكره باباجان جملة وتفصيلا، مؤكدا أن الشركة لم تتلق مساعدات مالية من الحكومة ولم تأخذ قروضا من البنوك، بل جميع أعمالها يتم تمويلها من مواردها الخاصة والأموال التي تحصل عليها في مقابل مبيعاتها.

خطوات باباجان الأخيرة تشير إلى أن رئيس حزب الديمقراطية والتقدم يسعى إلى التقارب مع حزب الشعوب الديمقراطي الموالي لحزب العمال الكردستاني، والحصول على أصوات الناخبين الأكراد المؤيدين لهذا الحزب الذي قد يتم حظره من قبل المحكمة الدستورية قبيل الانتخابات، كما يدور الحديث حول احتمال ترشيح عدد من أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي ضمن قوائم حزب الديمقراطية والتقدم

خطوات باباجان الأخيرة تشير إلى أن رئيس حزب الديمقراطية والتقدم يسعى إلى التقارب مع حزب الشعوب الديمقراطي الموالي لحزب العمال الكردستاني، والحصول على أصوات الناخبين الأكراد المؤيدين لهذا الحزب الذي قد يتم حظره من قبل المحكمة الدستورية قبيل الانتخابات، كما يدور الحديث حول احتمال ترشيح عدد من أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي ضمن قوائم حزب الديمقراطية والتقدم في الانتخابات البرلمانية، في حال حظر الأول.

الخط السياسي الليبرالي الذي يتبناه حزب باباجان يتوافق تماما مع مطالب الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي الداعمة لحزب العمال الكردستاني، إلا أنه لا يتمتع بشعبية في تركيا. ومن المؤكد أن اللغة التي تغلب على تصريحات باباجان الأخيرة لن تؤدي إلى خسارة حزب الديمقراطية والتقدم شيئا كثيرا من شعبيته التي تدور في الأصل حول 1 في المائة، إلا أن تحالفه مع حزب الشعوب الديمقراطي سيعزز بالتأكيد مكانته في الطاولة السداسية، وسيمكنه من الحصول على عدد أكبر من مقاعد البرلمان.

تحالف الطاولة السداسية يقف الآن على عتبة أيام حرجة للغاية يجب أن يسمي فيها مرشحه للانتخابات الرئاسية. ومن المتوقع أن تزداد شراسة التنافس بين المرشحين المحتملين، كما يرى بعض المحللين أن خطوات باباجان وتصريحاته الأخيرة تشير إلى أن اختيار رئيس الجمهورية التركي السابق، عبد الله غول، كمرشح تحالف الطاولة السداسية ما زال مطروحا، وأن مناورات باباجان المقرب من غول تهدف إلى ضمان ترشيحه للانتخابات الرئاسية.

twitter.com/ismail_yasa