أثار الهجوم الإيراني المتصاعد على العراق جراء تسمية عدد من المسؤولين والزعامات السياسية
كأس الخليج الكروي ببطولة "الخليج العربي"، العديد من التساؤلات عن أسباب تصعيد طهران رغم أنها النسخة الـ25، وقد دأبت البطولات السابقة على اعتماد التسمية ذاتها.
استدعت إيران، الأربعاء، السفير العراقي لديها نصير عبد المحسن، احتجاجا على استخدام بغداد مصطلح "الخليج العربي"، بدلا من "الخليج الفارسي" الذي تعتمده طهران.. وذلك بعد ترحيب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وزعيم التيار الصدري بالعرب في بطولة "الخليج العربي".
أبعاد سياسية
وتعليقا على ذلك، قال الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي، الدكتور أحمد الشريفي لـ"عربي21"، إنه "رغم تزامن عملية التصعيد مع ذكرى حادثة المطار (اغتيال قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس) أو مع إقامة خليجي 25، فإنه في تقديري أن إيران تقرأ المعطيات في العراق قراءة دقيقة وعميقة على اعتبار أنها تمتلك مجسات فاعلة ومؤثرة في القرار السياسي وفي مؤسسات الدولة".
وأوضح الشريفي أن "إيران ترى أن العراق بدأ يخرج عن سيطرتها، وكذلك بدأ كل من يصنف حليفا لإيران يعاني من عزلة سياسية واجتماعية، وهو ما ينذر في قادم الأيام وفي الانتخابات المقبلة بانحسار لحلفاء طهران، وربما ابتعاد العراق عن إيران بشكل كبير جدا، وقطعا سيؤدي إلى إعادة اتزان العلاقة بين العراق ومحيطه العربي".
وتابع: "ربما يكون خليجي25 قد حرّك الساكن من المعطيات، لكنها في الأصل موجودة، والمخاوف الإيرانية أيضا موجودة، ولكن تجليات ما حصل في خليجي25 يدلّ بشكل أكيد على أن المخاوف الإيرانية واردة، وأن العراق ذاهب باتجاه الاندفاع نحو محيطه العربي إقليميا والابتعاد عن إيران، لذلك فقد كان هذا هو السبب المباشر عن الموقف الإيراني".
وبخصوص عدم رد العراق على الموقف الإيراني، قال الشريفي إن "المشكلة تكمن في أن حلفاء إيران يسيطرون على المشهد السياسي في هذه المرحلة، ولا توجد جهة كقادة رأي لا يذعنون لهذه التوجهات وأقصد بها إرادة الإطار التنسيقي".
وأردف: "لذلك نرى أن من في وجه المواجهة والاشتباك هم شخصيات ذات توجهات صدرية وانتقدوا الموقف الإيراني، أما البقية فالبعض منهم إما أن يكون ضمن دائرة البعد الأيديولوجي للإطار التنسيقي أو إنه حتى لا يقصى من منصبه يجامل الإطار".
وزاد الشريفي، قائلا: "لأن الإطار التنسيقي قابض على السلطة، فذلك أدى إلى تراجع ردة الفعل الرسمية بل حتى على مستوى الإعلام، لذلك كان الأجدر بمؤسسات رسمية إعلامية أن ترد على الموقف الإيراني، لكنها امتنعت لأن الرئاسة والإدارة فيها مهددة بالإقالة، لذلك فقد تجنبت إغضاب الإطار التنسيقي حتى لا تفقد مناصبها وامتيازاتها".
أزمة مقصودة
وفي السياق ذاته، فقد صرح الباحث في الشأن السياسي العراقي وليد الحياني، لـ"عربي21" بأن "الأزمة التي حصلت في ظل استضافة العراق لبطولة الخليج، لا شك أنها مفتعلة من الجانب الإيراني، وأخذت مديات أبعد من كونها عبارات قد تكون غير مقصودة من الجانب العراقي".
ولفت إلى أن "إيران بتصرفها هذا توحي للجميع بأن العراق ضيعة عندها أو تابع لها، فهي نسيت أو تناست أنه بلد عربي قارعها لمدة ثماني سنوات في حرب الخليج الأولى في ثمانينيات القرن العشرين، لذلك فهو يمثل امتدادا للخليج العربي، والعكس صحيح".
وأشار الحياني إلى أن "إيران تريد أن يبقى العراق تحت سيطرتها، وأن تبقى هي النافذة الوحيدة التي يتنفس منها -والتي هي تخنقه في حقيقة الأمر- لذلك فقد أغضبها هذا التقارب الحاصل بين دول الخليج والعراق، والحفاوة الشعبية العراقية بالجماهير الخليجية، التي سبقت الحفاوة الرسمية العراقية".
من جهته، رد التيار الصدري، الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر، الأحد، على مطالبة البرلمان الإيراني زعيم التيار بالاعتذار بعد تغريدته بشأن مفردة "الخليج العربي".
وقال القيادي في التيار عصام حسين، في تصريح نقلته وكالة "شفق نيوز" العراقية إن "عملية المطالبة بالاعتذار تتم من ناحية الإساءة، أي أن يكون هناك شخص أساء لدولة فتكون هناك مطالبة بالاعتذار عن هذه الإساءة".
وبيّن حسين أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، "يغرد بما يخص بطولة الخليج والتغريدة تخلو من أي إساءة ولم يغرد بما يخص الخرائط الدولية أو التسميات بشأن البحار وغيرها من القضايا الدولية، وهو قد قال الخليج العربي، فكل البلدان المشاركة بهذه البطولة هم عرب فقط".
ورأى القيادي الصدري أن "مطالبة البرلمان الإيراني للصدر بالاعتذار، هو بسبب الانزعاج الإيراني من تقارب العراق نحو المحيط العربي من خلال بطولة الخليج، خصوصاً أن كرة القدم ربما تنقل لاحقاً إلى اقتصاد وسياسة وغيرها من القضايا، وهذا الأمر أزعج إيران، فهي تخشى على نفوذها في العراق وعملها السياسي والتجاري في العراق، بسبب التقارب مع المحيط العربي، ولهذا فهي لقيت تغريدة الصدر حجة لشن هذه الحملة لإبعاد العراق نحو المحيط العربي".
تصعيد إيراني
واستمرارا للتصعيد الإيراني حول قضية الخليج العربي، اعتبر وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، في بيان، الأربعاء، أن المصطلح المستخدم في أحد الملصقات الترحيبية بالمشاركين في البطولة "زائف"، مشيرا إلى أن طهران نقلت للجانب العراقي "حساسية الشعب الإيراني العظيم تجاه استخدام المصطلح الدقيق والكامل للخليج الفارسي".
وأضاف: "على الرغم من العلاقات الاستراتيجية والأخوية والعميقة مع العراق، فقد نقلنا احتجاجنا علانية في ما يتعلق بهذا الموضوع".
وفي السياق، أشار عبد اللهيان إلى أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد "صحح الطريقة الخاطئة لوصف الخليج الفارسي" في منشور نشره على وسائل التواصل الاجتماعي.
والأحد الماضي، نقلت وسائل إعلام عن نواب في مجلس الشعب الإيراني، تنديدهم بتصريحات السوداني، وزعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، لاستخدامهما مصطلح "الخليج العربي"، على هامش ترحيبهما باحتضان
البصرة فعاليات بطولة "خليجي 25".
وشن الاتحاد الإيراني لكرة القدم وكذلك نواب في البرلمان هجوما على مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بسبب تسمية "الخليج العربي" التي رحبوا من خلالها بالحضور العربي الخليجي في البصرة التي تستضيف البطولة.
انطلقت بطولة كأس الخليج بنسختها الـ25 في 6 كانون الثاني/ يناير الجاري، من مدينة البصرة العراقية بمشاركة ثمانية منتخبات مثلت كلا من: العراق، السعودية، الإمارات، قطر، سلطنة عمان، الكويت واليمن... والبطولة ستستمر حتى الـ19 من الشهر نفسه.