نشرت صحيفة "
نيويورك تايمز" تقريرا قالت فيه إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو، وللحفاظ على حكومته الجديدة، يقدم تنازلات كبيرة للأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة بشأن القضايا الفلسطينية، واستقلال القضاء وسلطات الشرطة.
ولفتت الصحيفة إلى أن "أعضاء المجتمع الأرثوذكسي المتطرف في إسرائيل يتمتعون منذ فترة طويلة بمزايا غير متاحة للعديد من الإسرائيليين الآخرين مثل الإعفاء من الخدمة العسكرية لطلاب التوراة، والمخصصات الحكومية لأولئك الذين يختارون الدراسة الدينية بدوام كامل على العمل والمدارس المنفصلة التي تتلقى تمويلا من الدولة على الرغم من أن مناهجها بالكاد تدرس المواد التي تفرضها الحكومة".
وأثارت هذه الفوائد استياء شرائح كبيرة من الجمهور الأكثر علمانية، وقد أعلن القادة الإسرائيليون لسنوات أن نيتهم كانت اجتذاب المزيد من الأرثوذكس المتشددين، المعروفين باسم
الحريديم، إلى القوى العاملة والمجتمع، لكن سلسلة الوعود التي قدمها نتنياهو في الأسابيع الأخيرة عندما قام بتجميع أكثر حكومة يمينية ومحافظة دينيا في البلاد تشير إلى أن قادة الحريديم يضغطون بقوة لترسيخ الوضع الخاص للمجتمع، مع تداعيات واسعة النطاق على المجتمع الإسرائيلي و الاقتصاد.
وذكرت الصحيفة أن نتنياهو وعد القادة الأرثوذكس المتطرفين بمدينة جديدة منفصلة للحريديم حيث سيكون تخطيطها بناء على أسلوب حياة الحريديم. وقد وافق على زيادة التمويل للطلاب الحريديين اللاهوتيين وتوفير الوصول إلى الوظائف الحكومية دون شهادات جامعية. وقد تعهد بتقديم مجموعة واسعة من المنح الحكومية لنظام مدارس الحريديم.
وقال البروفيسور يديديا ستيرن، رئيس معهد سياسة الشعب اليهودي، وهو مركز أبحاث مستقل: "من الواضح جدا أن القيادة الحريدية التي صاغت هذه الاتفاقيات ستعمل على تعزيز الحكم الذاتي للحريديين وليس الاندماج".
وتأتي الوعود للحريديم ضمن جزء من مجموعة من التغييرات التي يحاول التحالف بقيادة نتنياهو إجراءها، بما في ذلك الإصلاحات القضائية التي من شأنها أن تسمح للبرلمان بإلغاء قرارات المحكمة العليا وإعطاء السياسيين مزيدا من التأثير على تعيين القضاة.
ووعدت الحكومة الائتلافية الجديدة بمقاربة لا هوادة فيها تجاه الفلسطينيين، حيث يدعم بعض كبار المسؤولين في نهاية المطاف ضم الضفة الغربية المحتلة، وهي الأراضي التي يعتبرها الفلسطينيون جزءا من دولة مستقبلية لهم، فضلا عن التسريع في بناء المستوطنات اليهودية هناك.
وفازت الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية منذ سنوات في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر، ما يعكس النمو السريع لهذا المجتمع المعزول إلى حد كبير ويجعلهم من ركائز حكومة نتنياهو.
ولضمان ولاء الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة، فقد وافق نتنياهو أيضا على إنشاء ميزانيات خاصة للنقل العام في مناطق الحريديم وتمرير قانون يرسخ دراسة التوراة كقيمة وطنية، على غرار الخدمة العسكرية الإجبارية. ومن المقرر تقديم قانون آخر مثير للجدل لإضفاء الطابع الرسمي على الترتيب طويل الأمد الذي يمنح الإعفاء من التجنيد لطلاب التوراة، ما يزيد من تقويض مبدأ التجنيد الشامل الذي كان في يوم من الأيام مقدسا.
ويعيش أكثر من نصف الحريديم في القدس أو بني براك، شرقي تل أبيب مباشرة، أو في الضواحي الأرثوذكسية المتطرفة في تلك المدن، وفقا للمسح الإحصائي السنوي لمعهد الديمقراطية الإسرائيلي، وهو مجموعة بحثية غير حزبية، ومعدلات الفقر بينهم أعلى من عامة السكان.
ويشكل الحريديم حوالي 13% من السكان، لكن لدى العائلات الحريديم ما معدله سبعة أطفال، أي أكثر من ضعف عدد الأسرة الإسرائيلية العادية. وإذا استمرت التوجهات الحالية، فمن المتوقع أن يكون واحد من كل أربعة إسرائيليين وحوالي واحد من كل ثلاثة يهود إسرائيليين حريديين بحلول عام 2050، وفقا لنيويورك تايمز.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه أعداد الحريديين المعاصرين والعاملين، تزداد كذلك الفصائل المتشددة والمتطرفة. في الأسابيع الأخيرة، قام متطرفون في القدس بتخريب متجر للبصريات لأنه استخدم صور نساء يرتدين نظارة في إعلاناته وقاموا بأعمال شغب بسبب اعتقال شخص حريدي يشتبه في قيامه بإضرام النار في متجر للهواتف المحمولة، ما أدى إلى إصابة سيدة بجروح خطيرة بعد أن دهمتها حاوية قمامة مشتعلة.