نشر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) محاكاة لغزو صيني شامل متوقع لتايوان، مقدما عدة سيناريوهات أشارت في مجملها إلى نفس النتائج.
وبحسب المحاكاة، التي نشرتها شبكة "
سي إن إن"، فإن هناك حربا مستقبلية في 2026، يشارك فيها جيوش
الصين واليابان وتايوان وأمريكا، فيما أشار التقرير إلى أنه من غير المرجح أن تخرج بكين منتصرة في
الحرب التي سينتج عنها آلاف الضحايا بين القوات المشاركة.
وقال إريك هيغينبوثام، خبير الأمن في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا (MIT) إنهم توصلوا إلى استنتاجين؛ أولهما أنه في معظم الحالات، ليس لدى الصين فرصة تذكر للنجاح وتحقيق أهدافها العملياتية، أو احتلال العاصمة
التايوانية تايبيه، وثانيهما أن تكلفة الحرب ستكون باهظة لجميع الأطراف، وبالأخص بالنسبة للولايات المتحدة.
واختبرت المحاكاة 24 سيناريو مختلفًا، يتضمن كل منها محاولات الصين السيطرة على تايوان بالقوة بحلول عام 2026.
ووفقا للخبراء العسكريين، سيحسم مستوى مشاركة الولايات المتحدة الحرب. فمن دون المساعدة الأمريكية للدفاع عن تايوان، سيحتل الجيش الصيني الجزيرة في غضون 3 أشهر أو أقل.
ووفق السيناريو الذي وصفه الخبراء المشاركون في المحاكاة بأنه الأكثر احتمالا للحدوث، سيجبر الجيش التايواني الصينيين على الانتشار على طول الساحل.
وبحسب ماثيو كانسيان، من "الكلية الحربية البحرية"، وهو معهد أبحاث تابع للبحرية الأمريكية، فإن المتغيرات الحاسمة ستحدد درجة نجاح الهجوم، بما في ذلك درجة حزم تايوان في صد الهجوم، وأيضا من خلال السماح أم لا من قبل
اليابان للولايات المتحدة بشن هجمات مضادة من قواعدها على الأراضي اليابانية.
واعتبر كانسيان أنه من دون ذلك "لن يكون التدخل الأمريكي كافيا للحفاظ على استقلالية تايوان".
وتعتبر الصين تايوان إقليما تابعا لها ولم تعلن مطلقا تخليها عن استخدام القوة لإخضاع الجزيرة لسيطرتها.
وبدأت حدة التوتر بين الصين وتايوان في أعقاب زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لتايوان وردت الصين على تلك الزيارة بإجراء أكبر مناورات حربية بالقرب من تايوان في أغسطس/آب الماضي.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أثار غضب الصين في أواخر مايو/أيار الماضي حين قال إن بلاده لن تتوانى عن التدخّل عسكريا للدفاع عن تايوان إذا ما شنّت الصين هجوما عسكريا ضدّها.
لكن في اليوم التالي عاد بايدن وأكد أن سياسة "الغموض الإستراتيجي" التي تتبعها بلاده إزاء هذا الملف لم تتغير، وهي سياسة تقوم على الاعتراف دبلوماسيا بالبر الصيني والالتزام في الوقت نفسه بإمداد تايوان بالأسلحة للدفاع عن نفسها.
وبحسب المحاكاة، فإن الولايات المتحدة واليابان سيخسران عشرات السفن الحربية ومئات الطائرات المقاتلة وآلاف الأرواح البشرية بين قواتها.
وقال التقرير إن مثل هذه الخسائر ستضر بالمكانة العالمية للولايات المتحدة لسنوات عديدة. وفي معظم السيناريوهات، فقدت البحرية الأمريكية حاملتي طائرات و10 إلى 20 من السفن المقاتلة الكبيرة.
وبحسب التقرير، فإن السيناريوهات ترصد مقتل حوالي 3200 جندي أمريكي في ثلاثة أسابيع من القتال، أي ما يقرب من نصف ما خسرته الولايات المتحدة في عقدين من القتال في العراق وأفغانستان.
في الطرف الآخر، تعاني الصين بشدة أيضا، حيث تترك الحرب بحريتها في حالة من الفوضى وجوهر قوتها البرية والبحرية محطم، علاوة على عشرات الآلاف من الجنود يقعون أسرى حرب.
وقدر التقرير أن الصين ستعاني من مقتل حوالي 10 آلاف جندي وستفقد 155 طائرة مقاتلة و138 سفينة كبيرة.
ووجد التقرير أنه من المرجح أن تفقد اليابان أكثر من 100 طائرة مقاتلة و26 سفينة حربية بينما تتعرض القواعد العسكرية الأمريكية على أراضيها لهجوم صيني.
وقامت الصين بعمليات توغل بشكل منتظم في المياه والمجال الجوي بالقرب من تايوان على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وتعتبر الصين تايوان إقليما تابعا لها ولم تعلن مطلقا تخليها عن استخدام القوة لإخضاع الجزيرة لسيطرتها.
ومع ذلك، يستبعد خبراء حدوث غزو صيني شامل للجزيرة البالغ عدد سكانها 24 مليون نسمة.
ويرى دان جرازير، وهو زميل بارز متخصص في السياسة الدفاعية بمشروع الرقابة الحكومية (POGO)، وهو منظمة غير ربحية تتخذ من واشنطن مقرا لها، أن الغزو الصيني الصريح لتايوان أمر مستبعد للغاية.
وقال جرازير لشبكة "سي إن إن" الإخبارية إن مثل هذه العملية العسكرية ستؤدي على الفور إلى تعطيل الواردات والصادرات التي يعتمد عليها الاقتصاد الصيني لبقائه وإن قطع هذه التجارة يهدد بانهيار الاقتصاد الصيني في وقت قصير، مضيفا أن الصين تعتمد على واردات الغذاء والوقود لقيادة محركها الاقتصادي وليس لديهم مجال للمناورة.