في الوقت الذي تواجه فيه قوات الاحتلال جملة من التحديات الأمنية الداخلية، وعلى رأسها المقاومة الفلسطينية، فإن التهديدات الخارجية لا تقل خطورة وقلقاً، وآخرها تصاعد نشاط عمليات
تهريب الأسلحة والوسائل القتالية عبر الحدود العربية المجاورة، خاصة الأردن ومصر ولبنان.
إيمانويل فابيان مراسل موقع "
زمن إسرائيل" نقل عن أوساط في الجيش والشرطة أن "الحدود الأردنية هي الأكثر خطرا من ناحية تهريب الوسائل القتالية إلى الفلسطينيين، خاصة قرب قرية الزبيدات بالضفة الغربية، حيث تنشط المجموعات المهتمة بتهريب الأسلحة إلى الضفة الغربية".
وأضاف في تحقيق ترجمته "عربي21" أن "ما تحققه أجهزة الأمن والجيش من نجاحات لإحباط عمليات التهريب الجماعي للأسلحة لا يمنع استخدامها بزيادة هجمات التنظيمات الفلسطينية المسلحة، حتى أن نائب مفوض عام الشرطة رونين كالفين أكد أن الحدود الأردنية هي الأكثر سخونة للحصول على أسلحة تستخدم لأغراض معادية، وفي 2022 أحبطت الشرطة والجيش بمساعدة الشاباك عشرات محاولات التهريب على هذه الحدود الممتدة لمسافة تزيد على الـ309 كم، وصادر 480 قطعة سلاح".
وفي مقارنة قدمها فابيان بين حدود
دولة الاحتلال مع مصر ولبنان وسوريا، فإن حدود الأردن غير آمنة نسبيًا بسبب طولها، وافتقارها لسياج كبير في أماكن كثيرة، ما يجعلها قناة للتهريب على نطاق واسع، خاصة في المنطقة الواقعة بين شمال البحر الميت والينابيع الساخنة في هضبة الجولان".
وأشار إلى أن "تهريب الأسلحة أدى إلى زيادة استخدامها بحوادث إطلاق النار من الفلسطينيين على الجنود والمستوطنين، ووصلت إلى مستويات غير مسبوقة في الأشهر الأخيرة، ما يجعل إحباط محاولات التهريب مهمة استراتيجية، رغم صعوبتها بسبب التضاريس.. ففي حين أن المنطقة الحدودية على طول صحراء العربة قاحلة مسطحة إلى الشمال من البحر الميت على طول نهر الأردن، حيث تمتد التلال شديدة الانحدار في وادي الأردن وتشكل الحدود الفعلية، فإن منطقة التلال الصفراء بين سهل الفيضان في نهر الأردن والسياج الإسرائيلي، توفر شرائط الأرض العميقة فيها بين المنحدرات مخابئ للمهربين".
وأضاف أن "هذه التلال تخلق مناطق ميتة بسبب كل هذه القنوات الصغيرة، ومن المستحيل السيطرة عليها، فلا يمكنني وضع جندي فوق كل تل، لأنني غير قادر على رؤية ما يحدث في كل قناة، ولن يتمكن أحد من المرور من هنا بالسيارة، ولكن سيرًا على الأقدام، حيث يوجد سياج شبكي صدئ بارتفاع عدة أمتار، مزود بأجهزة استشعار ومدعوم بأسلاك شائكة في بعض الأماكن، لا يساعد كثيرا في حماية الحدود".
وكشف أن "الوضع في بعض المناطق أسوأ بكثير، حيث لا يوجد سياج مناسب، رغم أنه منذ أكثر من عقد من الزمن، بدأت إسرائيل مشروعًا واسع النطاق لتحديث دفاعاتها الحدودية على عدة جبهات، واستبدلت بالسياج على طول الحدود مع غزة ومصر وسوريا ولبنان حواجز عالية ومعززة ومتطورة ومجهزة بأجهزة استشعار دقيقة، وخضع مقطع بطول 30 كم من حدود الأردن قرب إيلات ومطار رامون لتحديث مماثل، دون وجود خطط لتمديدها بعد ذلك، ربما لأنها حدود هادئة".
وأكد أن "الأمر يتعلق بالمال، فالمطلوب مبلغ جنوني، وقد تصل تكلفة الحدود المطورة تقنيًا إلى مليارات الشواقل.. في 2013 تم الانتهاء من السياج الحدودي مع مصر بطول 400 كم، بتكلفة 1.6 مليار شيكل، أما السياج المتطور بطول 65 كم مع غزة، واكتمل في 2022، فيتضمن جدارًا أرضيًا تحت الأرض لمنع حفر الأنفاق، وتكلفته 3.5 مليار شيكل، وأنفقت إسرائيل 300 مليون شيكل على تحديث الجزء الصغير من السياج الحدودي مع الأردن، تم الانتهاء منه في 2016.. ومع ذلك فإن الحدود مع الأردن هي أسهل اختراق، حيث يمكن الحفر أسفل السياج".
وحول طبيعة الأسلحة المهربة من الأردن، فيقول إنها "بنادق إم16 ومسدسات، ورغم إحباط 70-80٪ من تهريبها، لكننا أمام زيادة كبيرة مقارنة بالسنوات السابقة، ويمكن تقدير عدد عمليات التهريب بناءً على تحليل الاتجاه الذي تقوم به الاستخبارات الواردة من العملاء والمخبرين، والأسلحة المضبوطة، مع تغيير استراتيجية قوات الأمن على حدود الأردن، بالتركيز أقل على تهريب المخدرات، وأكثر على الأسلحة، لكن الحل أبعد ما يكون عن الكمال، لأن وقف التهريب يتطلب معالجة المشكلة الأمنية مع الفلسطينيين من جذورها، ولذلك لا أستطيع القول إن إسرائيل كسبت المعركة ضد تهريب الأسلحة".
وكشف أن "التعاون عبر الحدود بين قوات الأمن الإسرائيلية ونظرائهم الأردنيين يعمل بشكل جيد.. هناك تعاون ممتاز، وقادة الكتائب يتحدثون مع بعضهم البعض، لما فيه مصلحة الطرفين، نقدم لهم معلومات استخباراتية، ويعطوننا مثلها، مع أن المهربين الأردنيين يتركون عادة حقائب فيها أسلحة مخبأة عند نقطة تسليم في إسرائيل أو الضفة الغربية، ومن هناك يتم التقاطها من قبل الإسرائيليين، أو مهربي أسلحة فلسطينيين، وتقع نقاط التسليم عادة بين الحدود الدولية المعترف بها والمحددة بنهر الأردن شمالي البحر الميت والسياج الحدودي الإسرائيلي، ويمكن أن يصل عرض هذه الجيوب إلى أكثر من 100 متر بحسب التربة".
وأوضح أنه "وفقًا لتقرير الكنيست لعام 2020، فإنه يتم تداول 400 ألف قطعة سلاح غير قانونية في إسرائيل، مصدرها الأساسي سوريا والعراق ومناطق الأكراد، ثم تصل إلى الأردن، ثم إسرائيل، وتشكل البنادق الهجومية حصة كبيرة من الأسلحة التي تستخدمها المنظمات الفلسطينية، مع عدم توفر أرقام دقيقة حول عدد الأسلحة بالضفة الغربية، لكن الأشهر الأخيرة شهدت عشرات المسلحين الذين شوهدوا يسيرون في شوارع نابلس وجنين ومعهم بنادق إم-16، ولم يتم تهريب أسلحة ثقيلة مثل الصواريخ المضادة للدبابات، مع أن تكلفة البندقية هي 50- 60 ألف شيكل، والبندقية الهجومية بين 80- 90 ألف شيكل".