قال
"
معهد واشنطن" إن الولايات المتحدة يمكن أن تساعد في التخفيف من أزمة
الوقود في
سوريا، ولكن فقط إذا وافقت دمشق وموسكو على تمديد آلية المساعدة عبر
الحدود، واستئناف التقدم نحو تسوية سياسية نهائية.
وأشار
المعهد إلى أن السبب الدقيق لنقص الطاقة في سوريا لا يزال غير واضح، لكن واقع حدوث
ذلك في وقت مبكر جداً من الموسم يعني أن هذا الشتاء قد يكون الأقسى بالنسبة
للسوريين منذ عام 2016.
وفي
الوقت عينه، يلوح تصويت آخر في مجلس الأمن الدولي، بشأن توفير المساعدة عبر الحدود، في 10 كانون الثاني/ يناير.
وتسلط
هذه العوامل العاجلة الضوء على حاجة
واشنطن للعمل بشكل مبتكر مع حلفائها؛ من أجل
وضع خطة لتخفيف المعاناة الإنسانية للمدنيين السوريين، وطوال ذلك الاستفادة من
المشكلات الاقتصادية للنظام؛ للحصول على تنازلات في التفاوض على تسوية سياسية نهائية
بموجب "قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254".
ورأى
المعهد أن واشنطن يجب أن تعمل مع الحلفاء للإبقاء على المساعدات عبر الحدود، قبل
انتهاء صلاحية "قرار مجلس الأمن رقم 2642" في 10 كانون الثاني/ يناير.
واعتبر
أنه يجب على الولايات المتحدة أن تدرس بشكل كامل توسيع نطاق الإعفاءات الإنسانية؛ للمساهمة في تخفيف المعاناة، من دون إفادة شبكات نظام الأسد.
وتشمل
هذه: المبادئ التوجيهية لوزارة الخزانة، التي تم الإعلان عنها هذا الأسبوع، والتي
تهدف إلى تسهيل تدفق المساعدات، مع الإبقاء على العقوبات الحالية.
وبناءً
على هذه القواعد الجديدة، يجب على المسؤولين دراسة إمكانية تسليم شحنات الوقود
الطارئة إلى سوريا، مع الحد من الفرص المتاحة للنظام لاستغلال التدفقات.
وتتمثل
إحدى الطرق للقيام بذلك في إنشاء "قناة بيضاء" للمساعدات الإنسانية في
سوريا، على غرار النهج الذي اتُبع مع إيران في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، عندما
أعلنت واشنطن أن الحكومات والمؤسسات المالية الأجنبية يمكنها إنشاء آلية دفع
للصادرات الإنسانية المشروعة إلى ذلك البلد ما دام لم يتم تحويل أي أموال إلى
النظام؛ فإنشاء مثل هذه القناة لسوريا سيتطلب من الحكومات التي تتبنى مواقف مماثلة
اتخاذ قرارات متزامنة للسماح بتنفيذ الآلية، بالإضافة إلى إنشاء غرفة مقاصة سيادية
لتحمل مخاطر المعاملات المرتبطة بالشحنات في سوريا (ستتم مناقشة المزيد من
التفاصيل حول هذه النقاط الفنية في المراصد السياسية المستقبلية).
ومن
شأن ذلك أن يضمن عدم استفادة نظام الأسد والمنظمات المصنفة (إرهابية) من شحنات
المساعدات أو التلاعب بها، وهو مصدر قلق سياسي رئيسي.
ويُعد
إرسال إمدادات الطاقة إلى سوريا أمراً معقداً بشكل خاص؛ لأن معظمها يتم تحويله إلى
منشآت وشبكات النظام نظراً (لطريقة) تصميم البنية التحتية للطاقة في البلاد.
ولتجنب
التأثير على المدنيين، لم تستهدف العقوبات الأمريكية مطلقاً استيراد المنتجات
النفطية المكررة، على الرغم من أن بعض العقوبات الناشئة عن "قانون قيصر
لحماية المدنيين" في سوريا لها آثار جانبية.
وأظهرت
واشنطن استعداداً لتقديم المزيد من الإعفاءات من العقوبات لأنواع معينة من الطاقة، حتى لو كان ذلك يساعد النظام بشكل غير مباشر. على سبيل المثال، استثنت مؤخراً نقل
الغاز الطبيعي والكهرباء عبر سوريا إلى لبنان، مقابل تسليم شحنات الطاقة إلى نظام
الأسد.
ومن الناحية الفنية، اقتصرت عمليات التسليم هذه على الاستخدامات الإنسانية،
إلا أن المسؤولين الأمريكيين يدركون بلا شك أن شبكة الكهرباء السورية تزود معسكرات
الاعتقال والقواعد العسكرية التابعة للنظام بالطاقة، وليس فقط منازل المدنيين.
وإذا
عملت واشنطن على تسهيل شحنات الوقود الطارئة إلى سوريا، فعليها القيام بذلك من دون
توسيع نطاق التطبيع مع نظام الأسد، الذي تزداد انتهاكاته سوءاً. ويعني ذلك انتزاع
تنازلات سياسية واضحة في المقابل.
وعلى
وجه التحديد، يجب على المسؤولين الأمريكيين مطالبة النظام باتخاذ خطوات ملموسة
بموجب "قرار مجلس الأمن رقم 2254"، مثل إطلاق سراح المحتجزين، والسماح
للجنة الدستورية بأداء عملها فعلياً، بما يتماشى مع تدابير بناء الثقة "خطوة
بخطوة" التي اتخذها المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون.
ومن
خلال الاستفادة بدقة من أزمة الطاقة، يمكن لواشنطن أن تُظهر للسوريين أنها تهتم بمصيرهم، بينما تشير في الوقت نفسه إلى الأسد -ورعاته الروس- بأنه لا يستطيع استعادة
السيادة الكاملة على الأراضي السورية؛ لذا فإن التسوية التفاوضية هي سبيله الوحيد
للخروج من الانهيار المستمر.