الهوية العرقية هي التي ترتكز على النقاوة الدموية للمورثات الجسدية للحيوان. أما الثقافية كلها فمكتسبة كاعتتاق جماعة بشرية لأي دين أو تعلم أي لسان. وأمامكم مثال الشعوب المهتدية مثلنا
لدين الحق واعتماد لسان القرآن.
كما تجلى ذلك في تعاطف شعوبنا
مع سربها في كأس العالم بالدليل والبرهان، ومن ينكر هذا فهو يعاني من خلل في إدراك الواقع الصادم لغيره في الميدان، وعليه بطبيب مختص
في علاج الكره والحقد والتعصب والعنصرية وعمى الألوان.. ونتحداه أن يميز لنا مورثات الكفر والإيمان في المنتخب الساجد في الملعب للرحمان.. فالصدق والكذب والإسلام
والكفر صفات لا تجتمع في قلب إنسان صادق إلا يمان.. ودين الحق يعلمنا أنه ظاهر مهما حجبه الباطل كالشمس التي لا
تغم إلا على العميان .
ولتقريب معنى
مفهوم الهوية الوطنية من الناحية العلمية والسياسية نقول: لو نسأل أي شخص عاقل غير أمي أو جاهل عن دولة النمسا هل هي ألمانية؟
فالجواب يكون بالنفي بالنسبة للجنسية
ولكنه يكون بالإثبات بالنسبة للهوية الثقافية لدى كل الألمان شأنها في ذلك شأن
سويسرا الألمانية حاليا أو شأن كل بلاد المشرق
العربي والشمال الإفريقي بالنسبة
لوحدة الهوية التي ورد في شأنها بند من مادة جوهرية في بيان ثورة التحرير الجزائرية (تشرين اول 1954) تقول في باب الأهداف: "تحقيق
وحدة شمال إفريقيا في إطارها الطبيعي العربي الإسلامي" نجد فيها الإعلان
الصريح عن الانتماء الطبيعي والهوية الوطنية
ذات الأصل الثقافي (العربي الإسلامي) وليس العرقي الذي ينفيه البيان قطعيا في مادة
أخرى صريحة أيضا تقول "دون تمييز عرقي أو ديني".
وهو عين العلم والتاريخ
والحقيقة الأنثروبولوجية والسياسية التي جعلت الجزائر تترأس قمة الجامعة العربية
هذا العام بالانتماء وليس بخرافة (نقاوة ) الدماء بعد اعتناق الإسلام عن اقتناع
وإيمان راسخ لشعبها الصادق والمخلص بأن المؤمنين كلهم إخوة كبلال الحبشي وصهيب
الرومي وطارق النوميدي وسلمان الفارسي
الايراني وليس كأبي لهب الكافر عم الرسول القرشي العدناني!!؟؟ ..
ولذلك يتعين علينا هنا رفع اللبس الذي يكتنف هذه المغالطة العنصرية
الكبرى التي يرددها بعض (الأميين أو المغرضين) عندنا لتجريم وتخطئة بيان الشهداء
الأنف الذكر عندنا في الجزائر كما يحاول بعضهم ادعاء رفع المظلومية عن مكون من
تاريخ الذات الوطنية المتمثلة في ما يسمونه بالبعد النوميدي (أو البربري) للهوية
الوطنية حسب زعمهم وكأنهم اكتشفوا البارود بهذه الهوية الثلاثية التركيب التي
يغالطون بها الشعوب وهي موجودة بالفعل كحلقة من أطوار التاريخ الوطني لكل بلد عربي
وتتمثل في كون الهوية الوطنية الجزائرية أو المغاربية والعربية عموما (مشرقا
ومغربا) في الاتجاه العمودي (التاريخي الضارب في عمق الزمن الغابر) هي فينيقية
بربرية نوميدية عربية إسلامية، أو بابلية عربية إسلامية، أو سريانية عربية
إسلامية، أو فرعونية عربية إسلامية، أو كنعانية عربية إسلامية.. ولكنها في الاتجاه
الأفقي الحالي في المكان الجغرافي السياسي
الحاضر فهي عربية إسلامية فقط أو بربرية (إسلامية
أو لائكية) فقط!!؟! أو فرعونية قبطية فقط أو
كلدانية عراقية فقط أو فنيقية لبنانية فقط أو ارامية سورية فقط أو كنعانية أردنية (أو
فلسطينية) فقط!؟!؟
الهوية العرقية هي التي ترتكز على النقاوة الدموية للمورثات الجسدية للحيوان. أما الثقافية كلها مكتسبة كاعتتاق جماعة بشرية لأي دين أو تعلم أي لسان .وأمامكم مثال الشعوب المهتدية مثلنا لدين الحق واعتماد لسان القرآن
وإن أي طرح لهذه الهوية الثلاثية المركبة على هذا النحو المغالط في نفس المكان والزمان فهو غير
مستقيم و غير صحيح ولا يكتب له البقاء
ابدا مع الاحتفاظ بوحدة الوطن والشعب
الواحد في أية دولة عربية كما كانت عليه
بعد الفتح الإسلامي منذ 14 قرتا إلى اليوم
للتحول الثقافي الجذري الحاصل في العقيدة
الغالبة في القلوب واللسان المكتوب!!؟؟
ولن تكون النتيجة الحتمية لهذا التركيب أو الترتيب الثلاثي المريب إلا
تمزق الوطن الواحد إلى أشتات وشراذم لا حصر لها من الهويات القومية الطائفية
العرقية والعصبية القبلية على غرار العراق والسودان وكندا وبلجيكا وقبرص.. وآخرها أوكرانيا في صراعها الحالي مع روسيا
لتحرير أرض وشعب كل طرف منهما لدى الآخر بناء على مفهوم كل منهما (للهوية) فوق أرض
الطرف الآخر كما يراد أن يحدث عندنا في بعض البلاد العربية بفرض الهوية (الثلاثية
الأفقية) وهو ما سيؤدي إلى تفجيرها من الداخل بصفة حتمية لصالح أطراف (بالتأكيد)
أجنبية وهنا مكمن كل القضية!!؟؟
ونتحدى فرنسا ذاتها صاحبة هذا التركيب والترتيب الثلاثي المرسم عندنا
أفقيا: (أرضا عربية وبربرية) وشعبا (عربيا
وبربريا) نتحداها أن تطبق هذا التقسيم (بهذا التركيب الملغم والمريب!؟) على واقع شعبها وأرضها بتقسيمها أفقيا إلى أرض (سلتية وأرض
فرنسية) وتقسيم الشعب الفرنسي إلى (غولوا وفرنسيين..!؟)
ونفس المثال ينطبق على كل الدول الغربية المستقلة السيدة على أرضها
وعلى كامل شعبها من أبنائنا وأبنائها
المستوطنين من كل الأخلاط البشرية السابقين واللاحقين دون أي تمييز في حقوق المواطنة والجنسية أو أي اعتبار لاختلاف
أصولهم العرقية وألوانهم واختلاف لغاتهم المحلية ولغات أمهاتهم (المتعلمات والأميات) في بلدانهم الأصلية ودين آبائهم
وأجدادهم ودين المعتنقين الجدد منهم ومن أبنائهم لأن الدين عندهم لله فقط.. أما
الوطن الموحد بلسانه الوطني والرسمي الواحد فهو للجميع وعلى الجميع دون استثناء بقطع النظر عن تعدد واختلاف لغاتهم
الجهوية المتداولة محليا وأسريا (كالعربية أوالبربرية بمختلف لهجاتها المغاربية).
فهو أمر مشروع إن لم يتجاوز حده الشعبي لينقلب إلى ضده الرسمي
والقومي كما حاول بعض الانفصاليين البروطان أو الكورسيكيين في فرنسا أو الباسكيين
والكاتالانيين في إسبانيا أو الويلزيين في بريطانيا وغيرهم!!؟؟
وعند الاختلاف يحسم الخلاف بين الأطراف بالاستفتاء العام والشفاف
والنزيه لكل المواطنين الذين يحملون جنسية الدولة مهما تكن أصولهم أو لغات أمهاتهم
في دولهم الأصلية!؟!؟