شهد عام 2022، تنفيذ الشعب الفلسطيني المحتل عدة عمليات ضد
الاحتلال الإسرائيلي، ردا على جرائم جيش الاحتلال في كافة المناطق الفلسطينية المحتلة، والتي شملت؛ عمليات اغتيال وتصفية وإعدامات ميدانية ومواصلة الاستيطان وهدم المنازل والاعتقالات واقتحام المسجد الأقصى وغيرها من الجرائم والانتهاكات التي يدينها القانون الدولي.
وضربت عدة عمليات نوعية موجعة قلب المدن الإسرائيلية، وتنوعت بين إطلاق نار ودهس وطعن وتفجيرات، وذلك في مؤشر واضح على فشل كافة أجهزة الاحتلال الأمنية في وقف مقاومة ونضال الشعب الفلسطيني الذي يسعى بقوة إلى طرد الاحتلال من أرضه من أجل نيل حريته واستقلاله وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
ودفع تصاعد حالة النضال الفلسطيني، إلى تواصل الاحتلال لحالة الاستنفار الأمني، خشية وقوع عمليات فدائية فلسطينية، ضد جنود الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، وبحسب مراقبين، شهدت تلك العمليات تطورا نوعيا في طريقه تنفيذها والأدوات المستخدمة، وهو ما أدى إلى مقتل نحو 31 إسرائيليا، بحسب وسائل الإعلام العبرية.
وعملت "عربي21" على إحصاء أبرز عمليات
المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي التي وقعت في 2022، والتي بحسب متابعين، كشفت ضعف المنظومة الأمنية الإسرائيلية وفشلها في التصدي لنضال الشعب الفلسطيني.
وفي ما يأتي أبرز العمليات الفدائية التي وقعت في 2022:
عملية "بئر السبع"
في 22 آذار/ مارس 2022، قتل 4 مستوطنين إسرائيليين وأصيب آخرون، في عملية مزدوجة؛ طعن ودهس، وقعت في مدينة بئر السبع جنوب فلسطين المحتلة، واستشهاد منفذ العملية، الأسير المحرر محمد أبو القيعان، وهو من سكان بلدة حورة البدوية في النقب، من مواليد عام 1988، وهو مدرس ثانوية سابق، سبق أن اعتقل عام 2015.
صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، وصفت العملية في حينه بأنها "الأقوى منذ سنوات"، موضحة أن منفذ العملية دهس راكب دراجة، ثم شن حملة طعن في وضح النهار بالقرب من المجمع التجاري في بئر السبع، أدت لطعن خمسة مستوطنين إسرائيليين توفي منهم أربعة، بينهم حاخام.
وعلق وزير الأمن الداخلي عومر بارليف بقوله: "هذه عملية طعن قاسية، من نفذها كان من الأفضل لو لم يتحرر من السجن في 2019".
عملية "الخضيرة"
في 27 آذار/ مارس 2022، وبالتزامن مع "قمة النقب" التي عقدتها تل أبيب بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية و4 دول عربية مطبعة مع الاحتلال، هي مصر والإمارات والمغرب والبحرين، نفذت عملية إطلاق النار في مدينة الخضيرة المحتلة مساء، أدت إلى مقتل جنديين إسرائيليين، فيما استشهد المنفذان، وهما أيمن وإبراهيم إغبارية من مدينة أم الفحم بفلسطين المحتلة عام 1948.
وذكرت "يديعوت أحرنوت"، في تقرير لها، أنه كان يفترض بـ"قمة النقب"، أن تكون "لحظة تاريخية، ولكن بعد وقت قصير من الاجتماع وأثناء وليمة العشاء الاحتفالية، وصلت التقارير عن العملية في الخضيرة".
ونوهت إلى أن وزارة الخارجية التي "خططت لحدث احتفالي، لكنها جدت صعوبة في مواصلة الأمر كالمعتاد، واضطرت في أعقاب العملية لتغيير الخطط".
عملية "رمات غان"
في 29 آذار/ مارس2022، وبعد موجة العمليات التي ضربت "بئر السبع" و"الخضيرة" وغيرهما، ورغم الإجراءات الأمنية المشددة، نفذ الفلسطيني ضياء حمارشة (27 عاما) من بلدة يعبد قرب جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، عملية إطلاق نار "جريئة" استخدام فيها دراجة نارية وسلاحا رشاشا من نوع "أم 16" في شارع "هشناييم" في "بني براك" وفي شارع "بياليك" في "رمات غان" قرب تل أبيب، أدت إلى مقتل 5 مستوطنين إسرائيليين واستشهاد المنفذ في مكان العملية.
وتسببت العملية "الموجعة" بإعادة ذاكرة الإسرائيليين إلى ما قبل 20 عاما، حين ضربت عمليات ضخمة قلب تل أبيب، ونشرت الذعر في كافة المناطق المحتلة عام 1948، علما بأن الشهيد حمارشة، سبق أن اعتقله الاحتلال في 2016 وحكم عليه وأمضى في السجن 30 شهرا.
عملية تل أبيب
في 7 نيسان/ أبريل 2022، توجت عملية شارع "ديزنكوف" في تل أبيب، ذروة العمليات الفدائية التي شهدتها الجبهة الداخلية للاحتلال في وقت سابق من هذه العملية، حيث وقعت في وقت حساس بشكل خاص، عشية الجمعة الأولى من رمضان، وبعد أيام من الهدوء الحذر والإجراءات الأمنية المشددة في محاولة لإحباط موجة العمليات في تلك الفترة.
وتمكن الشهيد رعد حازم، وهو من سكان جنين، من تنفيذ عملية إطلاق نار وسط تل أبيب، أدت إلى مقتل 3 إسرائيليين، وإصابة نحو 8 آخرين، وتمكن من الانسحاب من مكان العملية، وبعد مطاردة استمرت 9 ساعات، ارتقى برصاص قوة إسرائيلية خاصة في اشتباك مسلح في مدينة يافا المحتلة.
وفي مؤشر على الإحباط الإسرائيلي من فشل تل أبيب في صد العمليات، فقد لفت الخبير العسكري عاموس هرئيل، في مقاله بصحية "هآرتس"، إلى أن "القاسم المشترك بين العمليات الثلاث القاسية في الأسابيع الأخيرة، في بئر السبع والخضيرة و"بني براك"، كان الغياب المطلق لخيط رابط".
وكشفت العمليات، أن أجهزة أمن الاحتلال تعاني من نقص المعلومات؛ كما أظهرت العملية افتقار الأمن الإسرائيلي إلى القدرة على التعامل مع العمليات الفدائية، رغم الإجراءات الأمنية المشددة التي سادت في زمن العملية وخاصة في مدينة القدس المحتلة.
عملية "أريئيل" الأولى
في 28 نيسان/ أبريل 2022، أطلق مسلحون فلسطينيون النار على مستوطنة "أريئيل"، أدت إلى مقتل حارس أمن إسرائيلي، وتمكن المهاجمون من الانسحاب من المكان وقت العملية، لكن أجهزة أمن الاحتلال زعمت بعد يوم أنها نجحت في اعتقال منفذي العملية.
وأكدت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن عملية مستوطنة "أريئيل"، كشفت عن "فشل أمني وثغرات في أنظمة الحراسة والحماية".
عملية "إلعاد"
في 5 أيار/ مايو 2022، نفذ فلسطينيان هجوما مسلحا في بلدة "إلعاد" شرق تل أبيب، قتل فيه 3 مستوطنين إسرائيليين، كما أصيب نحو 4 آخرين وصفت جراح بعضهم وقتها بالحرجة، وتمكنا من الفرار من موقع العملية، التي نفذت بالتزامن مع الاحتفال بذكرى تأسيسها على أرض فلسطين أو ما تزعم بأنه "يوم الاستقلال".
وعقب مطاردة استمرت 3 أيام، شارك فيها جهاز الأمن العام (الشاباك) وجيش الاحتلال وجهاز الشرطة، تمكنت سلطات الاحتلال من اعتقال منفذَي العملية وهما بحسب شرطة الاحتلال، أسعد يوسف الرفاعي (19 عاما) وصبحي عماد أبو شقير (20 عاما)، من سكان بلدة الرمانة في جنين شمال الضفة الغربية المحتلة.
عملية "حاجز شعفاط"
"كشفت مستوى عجز الجنود"، هكذا وصف خبراء إسرائيليون عملية "حاجز شعفاط" الفدائية، التي نفذها الشهيد عدي التميمي، في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، وأدت لمقتل مجندة إسرائيلية تدعى "نوعا لازار"، وإصابة جندي آخر بجراح خطيرة، حيث تمكن التميمي من الانسحاب من المكان.
وبقي التميمي يتجول حرا مدة عشرة أيام، وسط دعم شعبي وفصائلي والتفاف جماهيري حوله، قرر بعدها القيام بتنفيذ عملية إطلاق نار أخرى في مستوطنة "معاليه أدوميم" في 19 تشرين الأول/أكتوبر، واستشهد وهو يواصل إطلاق النار من مسدسه، في مشهد مؤثر وجرأة مدهشة للمواطن الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال.
وتركت الطريقة التي نفذت بها عملية "شعفاط"، آثارها الأمنية والسياسية على الساحة الإسرائيلية التي شهدت ردود فعل غاضبة واتهامات بالفشل في وقف العمليات الفلسطينية "الموجعة"، ومن موقع العملية، قال رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي: "نلتقي في ظروف مؤلمة، تتطلب منا دراسة الحدث، وتعلم الدروس لمنع هذه الأحداث".
عملية "غور الأردن"
في 4 أيلول/ سبتمبر 2022، وقعت عملية إطلاق نار كبيرة في غور الأردن استهدفت حافة عسكرية إسرائيلية، وأسفرت عن إصابة 7 إسرائيليين بجروح متفاوتة؛ بينهم جنود وسائق الحافلة، وذلك على خلفبة تصاعد اعتداءات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبعد مطاردة، اعتقل جيش الاحتلال شابين بزعم تنفيذهما عملية إطلاق نار على الحافلة، هما وليد ومحمد تركمان من سكان جنين، فيما زعم أن مشاركا ثالثا تمكن من الفرار.
اشتباك عند حاجز "الجلمة"
في 14 أيلول/ سبتمبر 2022، قتل ضابط إسرائيلي يدعى "بار فيلح"، خلال اشتباك مسلح مع مقاومين فلسطينيين من نقطة صفر داخل حاجز "الجلمة" العسكري شمال مدينة جنين المحتلة، حيث أصيب بجروح حرجة ولقي مصرعه على إثرها.
وفي التحقيق الذي أجراه جيش الاحتلال، أقر أن قوات الاحتلال "ارتكبت أخطاء مهنية" وأمر رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي بـ"استيعاب الدروس من ذلك لدى كافة الوحدات العسكرية والدورات التدريبية"، في محاولة لعدم تكرار فشل قوات الاحتلال في التصدي للمقاومين.
عملية الخليل
في ظل استمرار انتهاكات واعتداءات الاحتلال والجماعات الاستيطانية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، قام المعلم محمد كامل الجعبري (35 عاما)، من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، وهو متزوج وأب لطفلين؛ عبد الرحمن وسارة، بتنفيذ عملية إطلاق نار قرب مستوطنة "كريات أربع"، في 29 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، وتمكن عبر استخدام بندقية "إم16" من قتل مستوطن، وجرح آخرين أحدهما عرف بتحريضه المستمر على قتل المواطنين الفلسطينيين.
عملية سلفيت قرب "أرائيل" الثانية
في مشهد أرعب جيش الاحتلال الإسرائيلي المدجج بالسلاح والوسائل التكنولوجية العسكرية المتقدمة، نجح فلسطيني في تنفيذ عملية طعن ودهس، في مستوطنة "أرئيل"، في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، نتج عنها مقتل 3 مستوطنين إسرائيليين وإصابة نحو 8 آخرين بجروح مختلفة.
واستشهاد منفذ العملية محمد مراد سامي صوف (18 عاما) بعد مطاردة جيش الاحتلال له خلال استمراره في تنفيذ العملية، وبحسب وسائل الإعلام العبرية، كان لدى الشهيد صوف تصريح عمل في المنطقة الصناعية التابعة لـ"أرئيل"، و"لم تكن له أي خلفية أمنية"، وقعت العملية "المعقدة" في ذروة حالة التأهب الأمني لدى أجهزة وجيش الاحتلال، و"لم يكن هناك إنذار مسبق".
وأكد رئيس حكومة الاحتلال المنتهية ولايته، يائير لابيد، أن ما حدث في مستوطنة "أرئيل"، حدث "مؤلم وعصيب، وهي عملية خطيرة".
عملية التفجير المزدوجة في القدس
في ظل حالة الاستنفار الأمني والتوتر المتصاعد في الأراضي المحتلة وخاصة في مدينة القدس، وقعت في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، عملية تفجير مزدوجة في محطتين للحافلات في القدس المحتلة، تسببت في مقتل إسرائيليين اثنين؛ أحدهما متأثرا بجراحه، وإصابة أكثر من 14 آخرين بجروح مختلفة.
وعقب العملية، سادت حالة من الغضب الإسرائيلي المتراكم، بعد تكرار فشل أجهزة أمن وجيش الاحتلال في منع العمليات، وظهور عجز الاحتلال أمام المقاومين الفلسطينيين، حيث فشل حتى الآن في الوصول لمنفذي عملية القدس، ما يعزز المخاوف لدى الجمهور الإسرائيلي من إمكانية حدوث عمليات جديدة.
وأكدت هيئة البث الإسرائيلي الرسمية "كان"، أن "عملية القدس بدأت تتحول إلى فشل استخباراتي حاد"، متسائلة: "هل هذا يعني أن المستقبل يحمل عمليات مثل أيام الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى)؟".