شهد
العام 2022 جمودا على المستويين السياسي والميداني في
سوريا، إذ لم تتوصل المعارضة
والنظام السوري لأي حلول تساعد في إنهاء الأزمة المستمرة في البلاد منذ 2011، بالتزامن
مع حفاظ القوى المنتشرة على الأرض على مناطق سيطرتها وفق رصد أجرته "عربي21".
ورغم
الهدوء النسبي في سوريا، إلا أن مناطق سيطرة المعارضة شهدت انتهاكات لاتفاقات وقف
التصعيد، التي أنتجتها روسيا وتركيا وإيران في مباحثات
أستانا.
ضحايا
القصف والاعتقال
وحصلت
"عربي21" على إحصائيات حصرية صادرة عن الدفاع المدني السوري، تظهر تعرض
مناطق شمال غربي سوريا لـ775 هجوماً من قبل قوات النظام وروسيا، ما أسفر عن مقتل 161
شخصاً بينهم 56 طفلاً و14 امرأة، فيما أصيب 450 شخصاً بينهم 137 طفلاً و65 امرأة،
منذ بداية 2022 وحتى 16 كانون الأول / ديسمبر الجاري.
وبحسب
إحصائيات "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، والتي جمعتها
"عربي21" فقد بلغ عدد المعتقلين خلال الأشهر الـ11 من عام 2022 أكثر من
ألفي حالة اعتقال بينها نحو 120 طفلا وما يقارب 65 امرأة، معظمها على يد النظام
السوري.
في
المقابل، أفرج النظام السوري عن 539 شخصا على خلفية المرسوم رقم 7 لعام 2022.
انتشار
الكوليرا
وشهد
العام الجاري، تفشي وباء جديد في سوريا، في ظل انهيار القطاع الطبي في مختلف مناطق
السيطرة بسوريا.
وانتشر
وباء الكوليرا في مختلف المحافظات السورية، ليصل إجمالي الإصابات إلى نحو 2500
إصابة، توفي منها 97 حالة، حتى 16 كانون الأول / ديسمبر الجاري.
ويتركز
انتشار الكوليرا في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، التي سجلت 1609 حالات
مثبتة، توفي منها 49 حالة، بينما تشير التقديرات الأممية إلى أن الأعداد في مناطق
النظام أكبر بكثير من المعلن.
استمرار
الانهيار الاقتصادي
وخلال
العام 2022 سجلت الليرة السورية هبوطا تاريخيا أمام الدولار حيث تجاوز سعر الصرف
في السوق السوداء حاجز 6 آلاف ليرة، بينما يحدد النظام السوري سعر الدولار عبر مصرف
سوريا المركزي بنحو 3 آلاف ليرة فقط.
وكانت
الليرة السورية سجلت آخر تدهور لها في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حين تخطت عتبة
الخمسة آلاف. ومنذ بدء النزاع، فقد تدهور سعر صرف الليرة السورية بنسبة قاربت
الـ99 بالمئة في السوق السوداء، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية.
وتزامن
التدهور الجديد لليرة السورية مع أزمة محروقات خانقة جديدة دفعت بالحكومة خلال
الأسابيع القليلة الماضية، إلى اعتماد سياسة تقشف جديدة في توزيع مادة البنزين
وتعطيل المؤسسات العامة ليوم إضافي، وبعض الجامعات ليومين إضافيين في الأسبوع،
لعدم توفر المحروقات لوسائل النقل.
ولطالما
اعتبرت دمشق العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها سببا أساسيا للتدهور المستمر في
اقتصادها من جهة، ولعدم قدرتها على استيراد حاجتها من المحروقات من جهة ثانية،
خصوصا مع خروج أبرز حقول النفط عن سيطرتها. ويعيش اليوم غالبية السوريين تحت
خط الفقر ويعاني 12.4 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، وفق الأمم المتحدة،
بينما ترتفع أسعار السلع الأساسية بشكل مستمر في أنحاء البلاد.
وبالتزامن
مع تفاقم أزمة المحروقات والانهيار التاريخي لليرة السورية، أعلنت وزارة الخارجية
السورية، أن قيمة الخسائر المباشرة لقطاع النفط في سوريا بلغت نحو 26 مليار دولار،
نتيجة سيطرة القوات الأمريكية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" على معظم
الموارد النفطية شمال شرقي البلاد، بينما قدرت الخسائر غير المباشرة بنحو 86 مليار
دولار، وبالتالي فإن إجمالي قيمة خسائر قطاع النفط في سوريا بلغ 111.9 مليار دولار.
جمود
الحل السياسي
خلال
العام 2022 شهد ملف الحل السياسي في سوريا جمودا كبيرا، حيث توقفت أعمال اللجنة
الدستورية منذ منتصف العام الجاري، وذلك بعد اختتام الدورة الثامنة للهيئة المصغرة
للجنة
الدستورية السورية.
وأكد
المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، أن انعقاد اجتماعات اللجنة
الدستورية السورية في جنيف، لم يعد ممكنا، كما حث جميع الأطراف المعنية على
"حماية العملية السياسية من خلافاتهم في أماكن أخرى من العالم، والانخراط في
دبلوماسية بناءة".
ورغم
الجولات المكوكية لمبعوث الأمم المتحدة، بين دمشق وعواصم العالم إلا أنه فشل في
الإعلان عن موعد لجولة تاسعة للجنة الدستورية السورية، التي تجري برعاية أممية
كجزء من القرار الأممي 2254، لوضع حل سياسي في سوريا.
وتتجه
أصابع الاتهام في عرقلة عمل اللجنة إلى النظام السوري، الذي امتنع عن الحضور إلى
جنيف لاستئناف جلسات الدستورية السورية، بعد تدخل مباشر من روسيا في عمل اللجنة،
والتي اعتبرت أن جنيف لم تعد مكانا محايدا، بعد العقوبات التي فرضت على موسكو في
أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
في
المقابل، شهد العام 2022 انعقاد جولتين لمسار أستانا (18 - 19)، الذي ترعاه روسيا
وتركيا وإيران، وخرجت كلا الجولتين ببيانات ختامية مشابهة لما ورد في الجولات
الـ17 السابقة، والتي تؤكد ضرورة محاربة الإرهاب والحفاظ على وحدة واستقرار
الأراضي السورية، بشكل رئيسي.
مناطق
السيطرة
ولعل
التهديدات التركية بشن عملية برية في سوريا، استكمالا لعملية "المخلب
السيف" التي أطلقتها عقب تفجير إسطنبول، كانت من أبرز الأحداث العسكرية في
سوريا خلال 2022.
ورأى
مراقبون أن عدم موافقة الولايات المتحدة وروسيا على بدء العملية لا يزال يعرقل
المساعي التركية في إبعاد قوات سوريا الديمقراطية عن الحدود مسافة 30 كم، بينما
تتهم أنقرة كلا من موسكو وواشنطن بعدم تنفيذ التزاماتهما بشأن اتفاقية 2019 التي
أوقفت بموجبها القوات التركية عملية نبع السلام في محافظة الحسكة شمال سوريا.
وينتشر
في سوريا مئات النقاط التابعة للقوات الأجنبية الفاعلة في الملف السوري، وحتى
نهاية النصف الأول من عام 2022 بلغ عدد القواعد العسكريّة والأمنيّة والعمليّاتيّة
الأجنبية في سوريا 160 قاعدة، وعدد النقاط العسكريّة والأمنيّة واللوجستيّة ونقاط
المراقبة 593 نقطة، وفق مركز "جسور للدراسات".
وتوزيع
هذه النقاط على الفاعلين الخارجيين كان كالتالي: قوات التحالف الدولي الذي تقوده
الولايات المتحدة: 28 موقعاً، والقوات التركية 124 موقعاً، والقوات الروسية 132
موقعاً، والقوات الإيرانية 469 موقعاً.
وينتشر
في محافظة حلب العدد الأكبر من المواقع العسكريّة للقوّات الأجنبيّة في سوريا بعدد
يصل إلى 176 موقعاً عسكريّاً، تليها ريف دمشق بـ 100 موقع، ومن ثَمَّ إدلب بـ 86
موقعاً، لتأتي بعدها محافظة دير الزور بـ 74 موقعاً، وحمص بـ 66 موقعاً، وحماة بـ
52 موقعاً، والحسكة بـ 41 موقعاً، ودرعا بـ 38 موقعاً، والرقة بـ 32 موقعاً،
واللاذقية بـ 31 موقعاً، والقنيطرة بـ 23 موقعاً، والسويداء بـ 21 موقعاً، ودمشق
بـ 10 مواقع، وطرطوس 3 مواقع.