دعا الرئيس
التونسي الأسبق منصف المرزوقي التونسيين إلى إعادة
استئناف
الثورة من أجل إنهاء ما أسماه بـ "الانقلاب" الذي قال بأن
الرئيس قيس سعيد نفذه ضد الثورة، ومحاكمته وإعادة قطار الديمقراطية التونسية إلى
سكته.
وأعرب المرزوقي في
كلمة وجهها إلى التونسيين عبر صفحته على موقع
التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بمناسبة الذكرى 12 للثورة التونسية، عن الوضع
الذي آلت إليه تونس، والذي وصفه بأنه "باعث للمسخرة بين شعوب العالم".
وقال: "17 ديسمبر
عيد ثورتنا المجيدة، 12 سنة مرت على أحلامنا وآمالنا
وآلامنا، في هذا اليوم علينا أن نتذكر محمد البوعزيزي وكل الذين ماتوا بالطريقة
الفظيعة التي مات بها، وعلينا أن نتذكر 308 شهداء الذين استشهدوا كي نتمتع
بالحرية.. علينا أن نتذكر الألفي جريح الذين لم يأخذوا حقهم للأسف الشديد ومازالت
إلى حد الآن جروحهم المادية والنفسية تأتيهم بكل أنواع الآلام.. علينا أيضا أن
نتذكر تلك الأيام المجيدة التي أصبحنا فيها مفخرة لدى الشعوب العربية".
وأضاف: "علينا أن نتذكر أيضا أن هذا الوضع المزري الحالي الذي
نعيش فيه هو نتيجة جريمتين: الجريمة الأولى هي دفع الشعب إلى الثورة.. والذين
يتحدثون عن والدهم الحنون ينسون أن هذا هو الذي أجبر التونسيين على التمرد والخروج
إلى الشارع والثورة ويموت الشباب بالمئات.. هم بفسادهم وتعذيبهم وتمكنهم من الثروة
ومن السلطة هم الذين أجبروا هذا الشعب على التمرد.. هم المجرمون الحقيقيون..
الجريمة الثانية، هو أنه لما قامت هذه الثورة وكانت ثورة متحضرة
وديمقراطية وسلمية، مترفعة عن العنف وعن الانتقام، جمعوا بعضهم في الثورة المضادة
وقاموا بكل ما في وسعهم لتدمير هذه الثورة.. والحمد لله أن هذه الثورة المضادة
اليوم فشلت بكل أساليبها".
ورأى المرزوقي أن "الثورة المضادة أفشلت الثورة لكنها هي أيضا
فشلت في صبغتيها الاقتصادية وأيضا السياسية.. وبعد أن كنا مفخرة لدى الشعوب تحولنا
إلى مسخرة بالفعل".
وحول الوضع الحالي في تونس، قال المرزوقي: "نحن دولة بدون سيادة
تتحكم فينا مخابرات 3 أو 4 دول.. نحن دولة على حافة الإفلاس.. نحن شعب بدون أمل
وبدون خارطة طريق للخروج من هذا الواقع المأساوي، نحن شعب نتسول، بدون كرامة وبدون
حرية وبدون تقدم اقتصادي ولا استقلالية لقرارنا الوطني".
وأضاف: "هذا ما جنته علينا الثورة المضادة التي يتحدث قادتها عن
العشرية السوداء، أخذوا منها ثمانية أعوام دمروا خلالها الدولة وبعدها يستهزئون على الثورة التي أتت بالحرية
والكرامة وبأفضل دستور وبرئيس كان يدافع عنكم وكنتم تفاخرون به ويفاخر بكم..
انظروا الآن المسخرة التي وصلنا إليها!".
وجدد المرزوقي اتهام دول إقليمية بالتآمر على الثورة التونسية وثورات
الربيع العربي، وذكر السعودية والإمارات، قال"هذا الوضع لا يجب أن يستمر
بجريمة ارتكبت بحقنا بمعونة وبدفع من القوى الخارجية ومنها الإمارات والسعودية
الذين تآمروا على ثورتنا وثورات الربيع العربي"..
وأضاف: "واجبنا الآن هو أن ننهض من هذه العثرة.. في هذا اليوم
التاريخي يجب أن نستجمع كل قوانا لكي نعيد القطار إلى السكة.. القطار الذي خرج سنة
2014 نتيجة الخوف والجبن والحسابات الخاطئة.. لا خيار أمامنا إلا استرداد الثورة
لأن الخيار الآخر هو أن تونس ستتفكك وتتحلل وتتعفن ويزداد الفقر".
وأوضح: "يجب إنهاء الانقلاب ومحاكمة المنقلب وعودة الشرعية
وعودة دستور 2014 وعودة اللحمة الوطنية والفخر والعزة التي كانت موجودة في عهد
الثورة.. وإعادة بناء تونس على أسس ديمقراطية صحيحة لها مخالب وأنياب.. وليست
ديمقراطية ضعيفة يأكلها المال الفاسد والإعلام الفاسد.. هذا هو مستقبل تونس"،
وفق تعبيره.
ويحيي التونسيون غدا السبت الذكرى السنوية 12 للثورة التي أطاحت بحكم
الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.. وتتزامن احتفالات هذا العام مع دعوة الرئيس
قيس سعيد للمشاركة في انتخابات برلمانية مبكرة..
ويتنافس 1058 مرشحا وفق نظام الترشح الفردي على 154 مقعدا من أصل 161
مقعد مجلس نواب الشعب بعد أن سجل عدم الترشح في 7 دوائر خارج تونس سيتم عقد
انتخابات جزئية خاصة بها في وقت يعلن عنه لاحقاً.
ويقاطع الانتخابات التشريعية، وفق تقرير لوكالة الأناضول، نحو 13
حزبا وهي، النهضة (53 نائبا بالبرلمان المحلول) وقلب تونس (28 نائبا)، وائتلاف
الكرامة (18 نائبا)، وحراك تونس الإرادة، والأمل، والجمهوري، والعمال، والقطب،
والتيار الديمقراطي (22 نائبا)، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات،
والدستوري الحر (16 نائبا)، وآفاق تونس (نائبان).
وتمثل هذه القوى السياسية أبرز الهيئات الحزبية الوازنة في تونس، وفق
نتائج انتخابات 2019.
ومنتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، أصدر الرئيس قيس سعيد، مرسوما رئاسيا
متعلقا بتعديل القانون الانتخابي لعام 2014.
القانون الجديد يقلص العدد الإجمالي لمقاعد البرلمان إلى 161 مقعدا
(كان عددها 217)، منها 151 بالداخل، و10 مقاعد للدوائر الانتخابية في الخارج.
ووفق القانون ذاته، فإن التصويت في الانتخابات التشريعية سيكون على
الأفراد في دورة واحدة أو دورتين عند الاقتضاء، وذلك في دوائر انتخابية ذات مقعد
واحد.
كما أنه "إذا تقدم إلى الانتخابات مترشح واحد في الدائرة
الانتخابية، فإنه يصرح بفوزه منذ الدور الأول مهما كان عدد الأصوات التي تحصّل
عليها".
وجاء في القانون أيضا أنه "إذا تحصّل أحد المترشحين في الدائرة
الانتخابية الواحدة على الأغلبية المطلقة من الأصوات في الدور الأول، فإنّه يصرح
بفوزه بالمقعد".
وفي 10 مايو/أيار الماضي، أعلن الرئيس قيس سعيد عن التركيبة الجديدة
للهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي يترأسها بوعسكر، والتي تضم 6 أعضاء آخرين.
وسبق هذا الإعلان، تعديل القانون الأساسي للهيئة، التي أشرفت على
الانتخابات، منذ أكتوبر 2011، وتم تقليص أعضائها من 9 إلى 7 أعضاء.
وبعدما كان البرلمان ينتخب من المستقلين بأغلبية الثلثين، أصبحوا
يعينون بأمر رئاسي.
وانتخابات السبت أحدث حلقة في سلسلة إجراءات استثنائية بدأ رئيس
البلاد قيس سعيد فرضها في 25 يوليو/ تموز 2021 وسبقها حل مجلس القضاء والبرلمان
وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وإقرار دستور جديد عبر استفتاء في 25 يوليو 2022.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات "تكريسا لحكم فردي مطلق"،
بينما ترى قوى أخرى أنها "تصحيح لمسار ثورة 2011" التي أطاحت بالرئيس
آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011)..
إقرأ أيضا: المركزية النقابية بتونس والرئيس: صراع أم تعامد وظيفي؟